إذا كنت قد وضعت بالفعل قائمة بالمعايير التي ستختار شريكة حياتك على أساسها، فاخرجها من مخبأها الآن، وطالعها کی تعرف إذا ما كان الشخص المنشود يطابق ماجاء فيها.
وإذا ما فكرنا بأسلوب مثالي، فلابد أن يكون جوهر الشخص المنشود يعبر عما تريده بالفعل، ولابد أن يمتلك معظم الخصائص التي أدرجتها على قائمة الضروريات، وأن يكون خالية من أية صفات أدرجتها على قائمة المحظورات. إذا لم تكن لديك هذه القائمة، إذن يمكنك الاكتفاء بالنظر إلى شريكك على أساس موضوعي، وتقيم مايصلح لكما في علاقتكما، وما لا يصلح، وماهي الأشياء التي يمكن أن تطيقانها طوال حياتكما، أو التي قد تحول دون استمراركما سوية. في كلتا الحالتين، لابد من الملاحظة، والتقييم، ثم اختیار ما إذا كنت ستستمر في العلاقة، أم ستنتهي منها في المهد.
إذا كان شريكك يتصف بإحدى الصفات الموجودة على قائمة محظوراتك، أولا يتسم بإحدى سمات قائمة الضرورات فسوف يكون لديك خياران. الأول هو إنهاء العلاقة، والآخر هو إعادة تقييم جدوى تلك المعايير بالنسبة لك.
على سبيل المثال، لنقل إن من بين معايير التي ستختار على أساسها شريكة حياتك هي حبها للسفر والترحال، والتقيت فعلا بمن تحب السفر لكنها تفضل الاستقرار في مكان واحد. أمامك خياران، إما أن تنهي العلاقة باسرع وقت، أو أن تعيد النظر في أهمية السفر لكما أنتما الاثنان.
قد تعلم في قرارة نفسك أنك لاتستطيع التخلي عن أمنيتك بالعثور على شريكة تحب السفر كحبك له، لأنك في هذه الحالة ستتحرر من الارتباط وتبحث عن شريكة جديدة. لكن إذا وجدت أنك لاتعترض على الارتباط بإنسانة معجبة بفكرة السفر، فقط لا أكثر ولا أقل، فلا ضير من أن تستمر في علاقتك الجديدة.
لكن حذار: لا تضطر نفسك إلى التخلي عن معاییرك إذا وجدت أنها أصبحت سببا في إنهاء ارتباطك. فنحن كثيرا ما تصبح مغرمين بفكرة الارتباط بشخص تحبه ويحبنا لدرجة أننا قد نضرب عرض الحائط بما توحيه إلينا غرائزنا إزاء ذلك الشخص. وتقنع أنفسنا بان جهاز الاستشعار بداخلنا ليس على صواب فيما يفعل، وأن ذلك الشخص سوف يتغير بمرور الوقت. على أية حال، كلما كنت صريحا مع نفسك في البداية، ستكون سعيدا حتى النهاية. أما الإنكار الآن فلن يجلب لك سوى التاعب لاحقا.
تجنبّ إنكارك لحقيقتك
آنابل سيدة تبلغ من العمر ثلاثة وخمسين عاما، وكانت تعمل أستاذة للأدب في إحدى الجامعات الكبرى. قضت معظم حياتها في المطالعة وتبادل الأفكار الخلاقة، ولهذا قررت أنها لن تقبل باي شخص لايضاهي ذكاؤه المستوى الذي تنشده. حينما التقت کارل، وهو رجل يصغرها من حيث السن والمؤهل العلمی، حيث لم يحصل سوى على شهادة المدرسة الثانوية، انجذبت إليه بشدة على كل المستويات، ماعدا المستوى الذهني، ووجدت نفسها في مأزق كبير.
من ناحية، أرادت آنابل أن ينجح ارتباطها بکارل. فلقد كانت لديه القدرة على إضحاكها، وإضفاء قدر لا بأس به من الحيوية على حياتها كانت في أمس الحاجة إليه. كما أنها كانت تخشى أن تعجل تجاعيد الزمان بنیاد فرصها في القاء شريك حياتها، ومن ناحية أخرى، كانت ثصاب بالإحباط الشديد کلما أرادت أن تتحدث مع كارل في مقالة قرأتها، أو محاضرة حضرتها، حيث لم يكن كارل مهيئة أو راغبة في الدخول في نقاش عميق معها. وعلى الرغم من أنه لم يتمتع بقدر عال من الذكاء، فإن کارل لم يسع إلى تلك الحياة الفكرية التي تسعى إليها آنابل.
أعادت آنابل النظر في قائمة الصفات الضرورية في شريك حياتها، ورغم ماتوصلت إليه من استنتاج مرير، أقنعت نفسها بأنها تستطيع أن تضحی باحتياجاتها لشريك لديه نفس الاهتمام بالحياة الفكرية. ابتلعت مرارتها، وحاولت الالتفاف حول صفات کارل السيئة.
لم يكن من قبيل المفاجاة أن تفشل خطة آنابل، فقد اكتشفت آنابل أنه ليس من السهل التخلي عن شرط أساسي في شريك الحياة. ومع مضي الوقت، بدأت عاطفة آنابل في الفتور لأنها لم تجد وقودا يكفي لإشعالها. وعلى الرغم من أنها عانت معاناة مريرة، فقد أقرت في نهاية الأمر أن كارل لايناسبها.