عندما تختلف وجهة نظرك عن المعتقد الساند لدى الناس، فهم لا يختلفون مع وجهة نظرك بل يهاجمونك بصفة شخصية. ولذللك، يكون من الأسلم اتباع الموجة الساندة، هللي الرغم من أنه عادة ما يكون هذا الأمر خاطئا.
كان العسكري العجوز” مارشال فيلاز” من المواطنين الفرنسيين القلائل الذين أعلنوا مرابحة أن مشروع المسيسيبي كان ضرباً من الجنون. في ظروف عادية، كان من الممكن أن يحوز المارشال على احترام وإعجاب العامة، لكنه كما يخبرنا’ ماكاى" -قرر في أحد الأيام التوقف بعربته التي تجرها الأحصنة أمام بليس فيندوم وهو المكان الذي تجمع فيه العامة لشراء وببع (وفي الأغلب محاولة شراء) أسهم في شركة مسيسيبي، ثم أخرج رأسه من نافذة العربة وخطب في الناس موبخاً إياهم لمدة نصف ساعة كاملة على جشعهم المقزز.
وكما يمكنك أن تتخيل، لم تكن الحشود سعيدة بهذا الأمر، فبدأ الناس في مقاطعته بأصوات مزعجة وسخروا من المارشال العجوز. وعندما بدأوا في مهاجمة العربة انطلق المارشال ولم يعد مطلقاً.
علاوة على ذلك، يخبرنا” ماكاى” أن اثنين من المفكرين اعتادا أن يتقابلا بانتظام ليهنئ أحدهما الآخر على عدم الاشتراك في المشروع، حتى جاء يوم وقابلا بعضهما مصادفة في مدخل فندق دي سوسوان، حيث كان أحدهما ذاهباً لشراء، أسهم، وكان الآخر خارجا بعد شراء أسهم بالفعل.
يا له من شعور غير مربح بالمرة آن تكون الشخص الوحيد في الغرفة الذي يختلف مع من فيها من الناس. وجميعنا يعلم قصة ملابس الإمبراطور الجديدة ونسوقها لبعضنا البعض باستحسان لكن عادة ما بكون ذلك بعد حدوث الأمر. كلنا نتخلى بالشجاعة في الإدراك المتأخر عندما نقول "علمت أنه كانت هناك مشكلة" أو "كان يمكنني أن أقول إن ثمة أمراً خفياً في الموضوع".
متى تم اكتشاف مشكلة قروض الرهن العقاري؟ خلال ثلاث سنوات من منتصف ٢٠٠٥ إلى منتصف ٢٠٠٨ كان هناك نحو٤٠٠٠٠٠ مقالة صحفية منشورة تحمل عبارة "أزمة الرهن العقاري". وقبل منتصف ٢٠٠٥ كأن هناك نحو ستة مقالات فقط؛ فهل هذا يعنى أن أحداً لم يكتشف هذه المشكلة؟ نفترض أن هذا الأمر غير معقول لأن هذه المقالات الست كانت مقالات -مهمة غاية في الجدية ولعبت دور المارشال فيلاز في التحذير من الخطر على النظام المالي العالمي والبنوك المقرضة. لقد كانت غامضة وغير مهمة بالنسبة للصحف الشائعة. علاوة على ذلك، يمكنك تخيل موقف الموظفين الذين يحصلون على رواتب بالملايين في ذلك الوقت، فلابد أنهم سخروا من فكرة اشتراكهم في عمل ربما يغرق معظم دول العالم المتقدم في دوامة الكساد.
ونأمل أن يكون هؤلاء ما زالوا عاطلين عن العمل؛ فربما يستمعون للنصح في المرة القادمة.
لكن هل سيستمعون؟ إن المغزى من قصة ملابس الإمبراطور الجديدة هي أننا نحب أن نبدو ماهرين عندما نكون فعلاً تابعين لجمهور الناس، وعندما يكون لدى جمهور الناس مال أكثر منا؛ تملكتنا الغواية؛ فالمال أصبح المقياس العصري للنجاح؛ وربما بكون من الأفضل قبول أن قلة منا نتمتع باستقلالية الفكر والشجاعة لكي تكون مثل "مارشال فيلاز".
إليك هذه الفكرة
لا تقل "لماذا؟" عندما يكون الأمور خاطئة فقط، بل عليك طرح السؤال عند النجاح أيضاً طرح أسئلة صعبة ليس أمراً سلبياً، بل يصبح إلزامياً إذا كان متعلقاً بالمال.