قد يتعارض توجيه أسئلة صعبة لشريكة أو شريك المستقبل عن أهم مايشغلها أو يشغله، مع رغبتك في خلق جو رومانسي بينكما، فمن ذا الذي يرغب في الحديث عن العقيدة، أو الفلسفة الشخصية، أو أية اهتمامات أخرى وهو يجلس إلى جوار محبوبته وهما يتناولان الحلوى سويا؟ إنه أمر طبيعي أن يتهرب الإنسان من الحديث عن موضوعات حساسة قد تفسد عليه بهجته هو ومن معه.
ما يحدث هو أن الأفراد يتمسكون بالحديث عن موضوعات محايدة لن تسبب أية مشاكل ولن تفسد عليهم لحظتهم الحالة.
تخيل أنك لست بصدد البحث عن شريكة حياتك، بل تبحث عن سيارة جديدة. بالطبع لن تقتحم معرض السيارات وتقتني أول سيارة فاخرة تصادفها.
بالتأكيد، ستسأل عن بعض الأمور: ماهو نوع الوقود الذي تستخدمه؟ مامدی الاعتماد عليها؟
ماهي الخصائص الأساسية فيها، وماهي الخصائص الإضافية؟ ، ماهي مدة الضمان؟ ، يمكنك أيضا أن تطلع على كتالوج السيارة، وأن تنظر تحت الغطاء الأمامي، وأن تقرأ عداد المسافات، وأن تراجع تاريخ خدمتها، أو أي شيء آخر يجعلك واثقا من صحة شرائك. إذا كنا نهتم بهذه التفاصيل المهمة عندما نشتري سيارة، إذن فلم لانضعها في الاعتبار عندما نختار شريك حياتنا؟
طرح الأسئلة المهمة في مرحلة مبكرة سيجعلك قادرا على معرفة ما أنت مقدم عليه:
ففحصك للسيارة جيدًا قبل شرائك إياها سيوفر عليك متاعب تعطلها على الطريق السريع، وكذلك مناقشة شريك حياتك في الأمور الأساسية قبل أن ترتبط به في علاقة طويلة الأمد، سيحميك من الانهيار الذي قد يصيبك فيما بعد
وقد تتنوع الأسئلة الصعبة تلك بين السؤال عن مدى التدين مثلا والسؤال عن تاريخ الإصابة بأي مرض معد مثلا. من بين الموضوعات الحساسة التي يتهرب الأفراد من الحديث عنها هي الحالة المادية، تماما كما حدث مع بيلي ولياه. عندما تزوج بیلی ولياه، لم تكن لدى أحد منهما أدنى فكرة عن الحالة المادية للآخر.
بیلی (على سبيل المثال) لم يسأل، والتزمت لياه الصمت هي الأخرى، ولم تقل إنها مدينة بنحو 20000 دولار، تتضمن قروضا للتعليم المدرسي تحاول سدادها منذ خمسة عشر عاما. عندما علم بیلی بامر الدين، الذي أصبح دينه الآن، استشاط غضبا من لياه لأنها لم تخبره، ومن نفسه، لأنه لم يطرح موضوع الحالة المادية منذ البداية
موضوع آخر شائك يتحرج الناس من الحديث عنه:
وهو الرغبة في إنجاب أطفال. على سبيل المثال، أرادت ویندی أن تنجب طفلين، وعندما التقت هیو، لم تجد ضرورة لسؤاله عما إذا كان يريد أطفالا هو الآخر أم لا. فعلت ذلك لأنها لم تكن تريده أن يعتقد بأنها تتعجل الارتباط به. وهكذا، اعتقدت ويندي بأن هیو لابد وأن يأتي عليه وقت ويرغب في إنجاب أطفال يحملون اسمه، واعتمدت في اعتقادها هذا على ما كان يرويه من حكايات لطيفة عن ابنة أخته ذات العامين، والتي تشير إلى حبه للأطفال.
لكن بعد ستة شهور من ارتباطهما ، تناقشا في الموضوع، وفوجئت ويندي بأن هیو لايريد إنجاب أطفال، لأنه لايستطيع تحمل مثل هذا النوع من المسؤوليات. وعلى الرغم من حزنها الشديد ؛ تحاملت ويندي على نفسها، وأنهت الارتباط سریعا قبل أن يتطور ويتعمق لأنها لم تكن على استعداد للتخلي عن فكرة إنجاب أطفال ورعايتهم.
هناك طرق متعددة لتوجيه مثل هذه الأسئلة الصعبة دون الظهور بمظهر المحقق السري، من بين تلك الطرق هي أن تتناول الموضوع بصورة عامة دون التطرق لموقف الطرف الآخر منه.
على سبيل المثال، إذا كان الانتماء السياسی أمرا يهمك للغاية وتريد أن تعرف ما إذا كان كذلك بالنسبة لشريكك، يمكنك أن تطرح موضوع الإنتخابات القادمة، أو أية حكاية قرأت عنها في الصحيفة عن رجل سياسة معين. مثل هذا الحوار سيدلك من بعيد إلى ما تريد معرفته.
إذن، إذا كنت تفضل ذلك، يمكنك أن تتناول الموضوع بصورة مباشرة وبرقة ودون ضغط. يمكنك أن تزيح عب، السؤال من خلال طرحه بأسلوب لايوحی للطرف الآخر بأنك تتوقع إجابته عنه، وأنك تعول عليها كثيرا، وذلك بان تقوله مثلا باستخدام صيغة "بالمناسبة" أو "على فكرة".
في حالة ويندي مثلاً، كان من الممكن أن تقول لهيو: "يبدو أنك تحب ابنة أختك، فهل تريد أن تكون أبا؟ " إذا اخترت هذه الطريقة لطرح تساؤلاتك انتبه إلى نبرة صوتك، فهذا ماسیوحی لشريكك بأنك تطرح سؤالا مهما ولست تلعب دور المخبر الخاص
في حالة بيلي، كان من الممكن أن يقول لزوجته لياه قبل ارتباطه بها "قد يبدو هذا الأمر غريبة، لكن أليس من الأفضل أن نتحدث عن الأمور المالية بدلا من أن نتركها للتخمين؟" بهذه الطريقة، كان من الممكن أن يتزوج الاثنان دون أن يشعر بيلي بأن لياه خدعته بدیونها.
ومن الأمور البديهية أن تضطرك بعض الأسئلة أحيانا إلى سماع ما لا تريد. فليس هناك كثيرون يقبلون بأن يكون شريك حياتهم إنسانا فيلسوفة، أو لديه طموحات، أو قيما تتعارض معهم، أو أن يكون غريب الأطوار.
لكن على أية حال، ستكون لديك في النهاية المعلومات التي تجعل اختيارك لشريك حياتك اختيارا في محله.
إذا أرخيت ستارا على هواجسك ومخاوفك، فقد تحمي نفسك من أشياء لا تود معرفتها، لكنك في نفس الوقت، ستمنع نفسك من اكتشاف حقائق أساسية عن شريك المستقبل.