الحب يتطلب الإندماج مع طرفك الأخر:
التحول من أنا" إلى "نحن" يتطلب تغيرا في المفهوم والطاقة، فالتحول إلى ثنائی حقیقی بعد تقدما في حد ذاته، الحُب لا يأتي من فراغ، إنه يأتي نتيجة لتحول جذري من مجرد الشعور "بالذات" إلى الشعور بالجماعة".
حينما يندمج الشريكان في نفس واحدة، تتغير نظرتهما للحياة من حولهما، وبدلا من مجرد محاولة التقرب من بعضهما البعض، فهما ينسجان خيوط حياتيهما سوية ليخلقوا منها نسيجا واحدا متجانسة.
ولا يقوم الحب الأصيل إلا على أساس قوی راسخ لا يتشكل سوی بمرور الوقت واكتساب الخبرة. تخيل ماقد يحدث إذا حاولت بناء منزل دون أن تمضي وقتا كافية في اختيار أنسب الأماكن لوضع الأساسات والطوب، ودق السامير بعناية.
قد نضرب رقما قياسيا في سرعة بناء المنزل، لكن بای ثمن؟ هل ستنام ملء جفنيك وأنت تعرف أن عاصفة بالخارج تعصف بمنزلك المزعزع؟
هكذا هو الحال في العلاقات الإنسانية، تخيل أن علاقاتك في المنزل الذي تبنيه، والجهد المطلوب لبناء الحب هو ذاته الجهد المطلوب لبناء ذلك المنزل. إذا تعجلت بناء الحب، فقد ينتهي بك الحال وأنت تظن بانك صنعت علاقة ناجحة، لكن كن على يقين بأن هذه العلاقة لن تصمد أمام أنواء الحياة.
ثق في عملية الحب
تكوين ثنائي ليس أمرا صعبا إلى هذه الدرجة. أي شخص يستطيع الارتباط بای شخص آخر، ويعلن الاثنان أنفسهما كثنائي. غير أن التحدي يكمن في تكوين ثنائی حقیقی بحمل في طياته بذور استمراره، ولايمكن مواجهة مثل هذا التحدى سوی بان يحترم الطرفان علاقتهما ويتركانها تاخذ مسارها الطبيعي من التطور.
حينما نلتقي بشخص تتوسم فيه ملامح شريك المستقبل، فسرعان مانقع في مصيدة التعجل، ونحاول أن ننزع عن الثمرة قشرتها الغليظة حتى نصل إلى تبها اللذيذ بسرعة، والحب عاطفة متدفقة لها قوانينها التي تحكمها، ومن بين تلك القوانين مايقول إن الحب عدو السرعة.
عليك التحلي بالصبر في علاقة الحب:
درس في الصبر: دونا وديفيد
دونا وديفيد تقابلا في حفلة ورشقت سهام الإعجاب المتبادل في قلبيهما على الفور، وبعد أن أمضيا معظم الأمسية في زاوية بعيدة عن العيون يتجاذبان أطراف الحديث، طلب ديفيد من دونا أن يلتقيا في الليلة التالية، وافقت دونا وهي تغمرها السعادة، فقد كان ديفيد من بين أوسم وأفضل الرجال الذين قابلتهم في حياتها.
بينما كانت دونا تغادر الحفلة، جاءتها صاحبة الحفلة، وهي صديقة لها ولديفيد، وحذرتها من أن ديفيد يشتهر بأنه يبدأ علاقاته بقوة واندفاع ثم سرعان مايتنصل منها، شکرت دونا صديقتها لاهتمامها، غير أنها تجاهلت ماسمعته وهي تغادر المكان، وبدأت تفكر في الثوب الذي سترتديه لليوم التالي، فهی لاتطيق صبرا حتى تلتقي بديفيد في الموعد المحدد.
في نهاية لقائهما الأول، أخبر ديفيد دونا بأنها المرأة التي ظل يبحث عنها طوال حياته. رقص قلب دونا فرحا لما سمعته، لدرجة أنها أخرست ذلك الصوت الذي يتردد في عقلها ويخبرها بأن تنتظر قليلا کی تتعرف على ديفيد بصورة أكبر قبل أن ترتبط به بشدة. كانت تعرف أنه من الأفضل أن تترك الأمور تأخذ مجراها الطبيعي، لكن دوامة الحب كانت أقوى منها. لقد كانت تنتظر شخصا كديفيد هذا منذ زمن طويل، ولم تكن لديها القدرة على كبح جماح عواطفها وتجنب إفساد الأمر.
وتبادلا مشاعر الحب. بالنسبة لدونا، کان دیفید مناسبا تماما، حيث وجدت فيه كل مواصفات شريك الحياة التي تتمناها: الوسامة، النجاح الوظيفي، التدين، ودفء المشاعر، وحاولت ألا تشغل نفسها بمعرفة تفاصيل أخرى، وافترضت أنها ستسنح لها الفرصة في أي وقت آخر کی يتعارفا بصورة أكبر.
غير أن هذا لم يحدث. فمع مرور الوقت، اكتشفت دونا أن ديفيد ليست لديه أدنی رغبة في أن تعرف دونا عنه أكثر مما عرفت في الأسابيع الأولى. شعرت دونا بالإحباط مع استمرار ديفيد في التهرب من أسئلتها عن فلسفته في الحياة، وآماله وأحلامه، وقيمه وأهدافه وماضيه. وكلما حاولت دون أن تأخذ ارتباطهما إلى مستوى أعمق، انسحب ديفيد من الموقف. واستمر ديفيد في الانسحاب إلى أن صدقت النبوءة وتخلى عن دونا كما تخلى عن أخريات ، وأرسل لها رسالة بالبريد الإلكتروني، ثم توارى عن حياتها تماما. أظلمت الدنيا في وجه دونا.
ظلت دونا تصارع نفسها شهورا طوال کی تنسی ديفيد، ومالبثت آلام الهجران تهدأ، حتى بدأت دونا في استيعاب الموقف، فهي لم تعرف ديفيد على الإطلاق، لقد تعجلت الارتباط به لمجرد أنها كانت تريد الارتباط بای شخص، وكغيرها من باقي البشر، انساقت دونا وراء مشاعرها، دون أن تعرف ما إذا كان ديفيد هو الشخص المناسب لها أم لا. ونتيجة لذلك، كانت روابط الود والحب التي جمعت بينهما واهية للغاية، لأن الأمر كان مجرد خيال جامح لم يضاهي واقع الحال. الآن أدركت دونا أن إخمادها لمشاعر القلق التي ساورتها من ناحية ديفيد، واندفاعها للارتباط به دون تعقل هما السبب في تحطيم قلبها.
عندما سألت دونا بعد مرور عدة سنوات عن تجربتها، أطلقت ضحكة مريرة ساخرة، وقالت إنه لايوجد شخص على ظهر الأرض لم يتعرض لمثل هذا الموقف ولو لمرة واحدة في حياته. اتفقت معها في الرأي، فنحن كبشر، نشعر بحاجتنا الشديدة للحب، لدرجة أننا نسمع أحيانا لمشاعرنا وأحلامنا بالتغلب على غرائزنا وتفكيرنا المنطقي، وعلى الرغم من أننا ندرك تماما ضرورة التعرف على أي شخص قبل أن نفتح له قلبنا، ونتسرع في اتخاذ قرارات تخص مستقبلنا، فإننا سرعان مانتعجل الأمور کی تحقق أحلامنا.
اصبر على من تُحب:
الطريقة المثلى لتفادي الوقوع في براثن هذه المصيدة هي التحلي بالصبر. إذا طغت رغبتك في الارتباط باي شخص على رغبتك في الارتباط بالشخص المناسب، قد تجد نفسك في النهاية وقد ارتبطت بشخص لن يجلب عليك سوى التعاسة المؤكدة، استعجال الحب لن يحقق سوی نتائج فاشلة تماما کاستعجال الوقت، لابد أن يأخذ كل شی، مجراه الطبيعي. ليس من السهل أن تتعلم الصبر، لكنك ستتعلمه حتما، إذا كنت تنشد علاقة حقيقية أصيلة.
ومفتاح تلك العلاقة الأصيلة يكمن في ثقتك بأن التأنی سیأتی بثماره. كثيرون هم من أثبتوا صحة هذا القول، وقد لايتحقق الأمر بين عشية أو ضحاها، لكنك إذا تحليت بالصبر والمثابرة، يكافؤك الحب بهداياه المذهلة.