هل أنت حقاً بحاجة إلى شريك حياة:

تعوَّد العالم على العيش في شكل زوجين، هذه هي الحقيقة التي بني عليها مجتمعنا، ونتوقع أن تمضي الحياة بالناس وهم يعيشون في صورة زوجين وكأننا مازلنا نعد سفينة نوح لتمضي في خضم الحياة وهي مكتظة بزوجين من جميع المخلوقات، ونحن كبشر ندعم ونساند تلك الشراكات بعدة طرق على سبيل المثال كالاحتفال بالزواج بأبهى الصور والأشكال.

وخلاصة القول أنه لابد من أن نسعي جميعا للبحث عن شريك حياتنا، ويجب الإيمان بأن إيجاد مثل هذه العلاقة في ضرورة ملزمة لاستمرار الحياة عن كونها خيار شخصی.

كثيرا ما كان زوجي يتركني أسافر وحدى رحلات خاصة بعملی؛ نظرا لكونه مشغولا، فمن وقت لآخر كنت أتناول عشائی وحدي في المطاعم. وفي كل مرة كنت أدخل المطعم وأختار المنضدة وياتي إلى النادل ويسالني إذا ما كنت أرغب في الاستمتاع بوقتی بقراءة إحدى المجلات نظرا لأنني وحيدة. وبالطبع يفترضون أنه لا شريك لي في وحدتی يقضی معی وقتی وبالتالي فإن عشائی وحدي ما هو إلا معاناة، والأمر الذي يدهشني في ذلك هو اعتقادهم في هذا لأن ما يجعلني أعاني في حقيقة الأمر هو موقف النادل تجاهی لا لأني أتناول عشائی وحيدة.

وهناك اعتقاد بين الناس بأن من يمشي في غمار حياته وحيدا هو الذي يعاني من الصعاب.

فهناك نوع من الضغط يدفعنا إلى الشراكة بحيث نشعر بالاطمئنان، ونكون قادرين على مسايرة الحياة.

لكن قد يمثل هذا الضغط نوعا من الخطورة، حيث إنه كثيرًا ما تؤول العلاقات إلى الفشل نظرا لأن أحد الطرفين أو كلاهما لم يقع اختياره من داخله لوضع خيار الشراكة على قائمة خياراته. ربما يكون قد اختارا ذلك نظرا للضغوط العائلية أو نظرا لمجرد أنهما يريدان القضاء على شعورهما بالوحدة.

ولكن عادة ما تبوء الشراكات النابعة من الشعور الخارجي بالضرورة بدلا من الشعور الداخلي بالحاجة بالفشل، فمجرد العثور على صديق حتى تقضى على وحدتك في الأماكن العامة ليس بالأساس القوي الذي تقوم على أساسه الرابطة الحقيقية بين الزوجين.

الاختيار مقابل اتخاذ القرار

لقد أوضحت - في كتابي الأخير إذا كانت الحياة لعبة فهذه هی قوانينها مايحدث عندما نتخذ إجراء قائما على قرارات مدعمة بالأسباب بدلا من الخيارات الداخلية. فنفس النموذج يسرى هنا، وأعتقد أنه المفتاح الأساسي لإيجاد علاقات حقيقية ناجحة ويوضح النموذج فيما يلي:

تؤدي الحاجة إلى الخيار الذي يؤدی تباعا إلى الالتزام، كما تؤدي الضرورة إلى القرار الذي يؤدی تباعا إلى تضحية.

عندما تختار الشريك، فإنك تبدى التزاما واعية بالحاجة إلى شراكة، وتؤمن حقيقة بأنك مستعد وراغب في أن تكون جزءا من اتحاد حقیقی، وعندما تقرر الدخول في شراكة، ربما تفكر بطريقة شبه المقولة "بالتأكيد، ولم لا؟"

فهناك نوع من عدم اليقين بشأن إذا ماكنت حقا ترغب في الشراكة مما يؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها.

إلى أين تؤدي بك كلمة "يجب" 

قد يؤدي الوجوب إلى نتائج غير مرغوب فيها؛ حيث إنك قد تقوم بعمل شی، تفرضه عليك الظروف معتقدا أنه الحل الأمثل لمشكلة ما، وبعد ذلك تكتشف أنه لم يكن الخيار الصواب.

اختيار عدم الشراكة:

كان سام هو الوحيد من بين أصدقائه الذي يعيش وحيدا دون زواج وقد كان في العقد الثالث من عمره، فطبقا لمن حوله كان يتعين عليه البحث عن شريكة حياته، ولم يكن أحد يعرف بالضبط ما السبب في ذلك رغم ذکاء ولباقة سام وحسن مظهره، فقد كان بالفعل لدى معظم أصدقائه طفل أو طفلين، وانضم هؤلاء الأصدقاء إلى عائلته في ممارسة الضغط عليه حتى يستقر في حياته ويهتدی إلى شريكته.

ومع ذلك، فإن كل ما أغفله أصدقاؤه وعائلته هو أنه في منعطف داخل حياته العملية، الأمر الذي كان يشغل كل وقته واهتمامه ، وكان يعرف أنه كان بحاجة إلى الشعور بالأمان في حياته قبل أن يدخل في هذه العلاقة الأبدية الملزمة، وعليه توصل إلى الخيار الواعي بان يؤجل زواجه حتى يستقر في وظيفته.

وعندما سألته عن حاله , أجاب بثقة قائلا: : ما يبدو أنه غير مفهوم لدى الجميع أنني لا أخشى الالتزام أو الزواج أو أي شيء من هذا القبيل. لقد قابلت الكثيرات اللائي فكرت في الارتباط بهن برباط الزواج ولكنى أبيت، لأني أدركت من داخلی أنني لست مستعدا لهذا بعد، وبمجرد إعداد نفسي وبمجرد القائی بالفتاة المناسبة لن أتردد في إعلان ذلك على الجميع".

ووجدت أن وجهة نظر سام صائبة. كم هو صعب أن تشعر باختلافك عن نظرائك وأندادك. إنه لأمر يتطلب قوة داخلية لمجابهة ضغوط الأهل وأن تتمسك باعتقاداتك الداخلية بشأن ماهو صحیح و مناسب لك. كان سام مدركا من أعماقه لما يستغرق من الناس وقتا طويلا لاستيعابه، ألا وهو لكل شخص أسلوب في الحياة وأن اختيار شريك الحياة هو تحول جذري يتعين أن ينبع من أعماق الذات إذا ما كان المراد من هذا الاتحاد والشراكة الدوام.

قررّ أولاً هل حقاً الشراكة العاطفيّة والحب هي ما ترید؟

ليست الشراكة سلعة مباحة للجميع، أي أنها لأولئك الذين يريدون النمو من خلال ومع شخص آخر، ومن هم مستعدون لبدء الرحلة بمزج شؤون حياتهم مع غيرهم.

فبالنسبة للبعض، تعد الشراكة خيارًا واضحًا ومرغوبة، وللبعض الآخر، هي خيار يفكرون فيه أو خيار يعرفون أنهم ليسوا بصدد الخوض فيه في هذه المرحلة من حياتهم.

هناك اختلاف بين القول بأنك تختار الشراكة وبين أنك تشعر حقا بضرورة ذلك، فمجرد التلفظ بتلك الكلمات لایکفی، وستكون بحاجة إلى معرفة إذا ما كانت الكلمات انعكاسا لما يجول في نفسك حقا أم لا. إذا كانت كذلك، إذا فإن إرادتك سليمة وإذا لم تكن كذلك، فسوف يظهر ترددك الداخلي على النتائج الملموسة. إذا لم تكن الرؤية واضحة لديك فيما يخص إذا ماکنت ترید تلك الشراكة أم لا أو إذا كنت تريد أن تتأكد من صحة وقوة رغبتك، اطرح على نفسك التساؤلات التالية:

أسئلة للتحقق ما إذا كنت بحاجة إلى الحب والشراكة في الحياة:

  • ماهو رد الفعل الذي يتبادر إلى ذهني، إذا مافكرت في الدخول في هذه العلاقة الأبدية؟
  • هل لدي الرغبة في تخطی راحتى الحالية للخوض في استكشافات جديدة؟
  • هل أريد مقاسمة وقتی (أو مكاني أو مالي.. الخ) مع شخص آخر؟
  • هل لدي الرغبة في إجراء تعديلات على حياتي أو تقديم تنازلات؟
  • هل أنا مستعد لجعل التواصل مع شخص آخر على رأس أولوياتي؟

إذا أدت معرفتك الداخلية إلى أن ترى أنك لست مستعدا أو لا تريد الشراكة، عندئذ ستصبح قادرًا على التصريح بهذه الحقيقة أمام الآخرين بطريقة تساعدهم على احترام موقفك، فعندما استمر أصدقاء سام وعائلته في الضغط عليه ليضع حدا لحياته ، أخبرهم أخيرا أنه سعيد بالطريقة التي يحيا بها حياته، وأنه سوف يخبرهم حال دخوله في علاقة جادة. ووقتها كف الجميع عن ذلك، على الرغم من أن والدته مازالت تسأله إذا ما كان قد حان الوقت ليختار شريكة حياته، وتوقف أصدقاؤه عن الاستفسار عن خططه المستقبلية وعن وضعه الحالي.

هل أنت مستعد فعلاً  لشريك حياة؟

إذا تفهمت بصورة كاملة ما المقصود بأن يكون لك شريك، وإذا اخترت من أعماقك أن تخوض هذه التجربة، تكون وقتها قد خطوت أولى الخطوات وأهمها في أكثر الرحلات اثارة في حياتك.

بالطبع ستجدونني منحازة لعلاقات الحب السليمة وإلا لما كان هذا الكتاب موجودا بين أيديكم، وأؤمن بأن الحب الحقيقي يمكن أن يكون جوهرة متلألأة في تاجك ومصدر السعادة الغامرة في حياتك، وقد يتطلب العثور عليه بعض الجهد ولكن سوف تستحق النتيجة هذه الجهود.

 إن الوصول إلى الخيار الواعي بأن تدخل في مثل هذه الشراكة سيزيد فرص العثور على الحب الحقيقي المخلص، وعندما يكون خيارك نابعاً من أعماقك سيملی عليك ما يناسبك، وستعلن أمام العالم أنك مستعد ومتأهب للدخول في شراكة حقيقية بالفعل، وستكون مرنا تجاه مواقفك بطريقة تتماشى ونياتك

فالإرادة النابعة كنتيجة لخيارك الداخلي هي ما يمكنك من البدء في لعبة الحب، ويؤدي بك هذا إلى خطوة جادة. إن خيارك بالموافقة على الدخول في هذه العلاقة بدعمك بنوع من الطاقة تدفع بك للبحث عن الحب الحقيقي.