يقول "هيل" لا يمكن فهم معنى الحاسة السادسة إلا عن طريق تأمل ينبع من خلال تطوير العقل من الداخل". إذا تم إثبات أن الأفكار تمتلك مثل هذه القوة الفعالة، إذن فمن المنطقي أن التأمل. إحدى الطرق القديمة للتحكم في العقل-سيكون من الأمور المثمرة.
بالعودة إلى الخلف كثيراً، إلى ما هو أبعد من 500 عام قبل الميلاد، يقول الفيلسوف والرياضي اليوناني الشهير "فيثاغورث": "تعلم أن تكون صامتاً. دع عقلك الصامت يستمع ويرتشف المعلومات". لقد قُدر أننا نمر يومياً بأكثر من 60000 فكرة منفصلة، فهل هناك عجب من أن الذكاء غير المحدود قد يصاب بالارتباك فيما يتعلق بما يود إظهاره؟ إن التأمل هو طريقة لخفض الصوت في جميع الأفكار غير المهمة حتى نستطيع أن "نسمع" الفكرة التي تهمنا.
لقد تمت في الوقت الحالي دراسة فائدة التأمل أيضاً من خلال "ريتشارد دافيدسون" الباحث بجامعة ويزكنزين والرائد في العلاج النفسي والبدني. بالتعاون مع أحد رجال الدين بالتبت يربط "دافيدسون" بين الحالات العاطفية والعقلية وبين الأنماط الملحوظة لنشاط المخ. من خلال تواصله ودراسته لطبيعة رجال الدين في منطقة التبت الصينية، أصبح لدى "دافيدسون" القدرة على توضيح تأثير التدبر على وظيفة المخ. ومن ثم إثبات للفصائل الموجودة بيننا مدى قوة أداء التدبر. على سبيل المثال، حدد عمله أن منطقة المخ التي تقع خلف جبهة الرأس موقع للنشاط العصبي المرتبط تماما بالتدبر العميق. من خلال تحديد التفاعلات بين هذه القشرة الدماغية التي تقع في مقدمة الجبهة واللوزة (المركز الرئيسي لعمليات الذاكرة والعاطفة) قد يمهد عمله الطريق نحو الحصول على عقار مجاني لعلاج الاضطرابات المزاجية والقلق، كما أن هذا يُعد مثالا أيضا على الطريقة التي تم بها التجميع بين الشرق والغرب وتبادل المعلومات الخاصة بالقدرة البشرية.
وكجزء من إحدى التجارب التي أُجريت لمعرفة كيف يمكن للعقل أن يتفاعل مع الأمر، قام العلماء بدعوة مجموعة من الأشخاص ذوي الباع الكبير في التأمل لملاحظة إذا ما كان تحكمهم في أفكارهم والتماسك داخل مجموعتهم سيؤثر جديا على عدد النتائج المتولدة بصورة عشوائية. لقد كانت النتائج حاسمة للمرة الثانية، وصبت اهتمامها على نقطتين رئيسيتين. أولاهما: أن التدبر يسمح لنا بالتخلص من ضوضاء الحياة اليومية لكي تصبح أفكارنا التي يوجهها الإدراك أكثر فاعلية، والثانية: أن التفكير داخل المجموعة يُعد من القوى الفعالة. يمكنك استغلال تأثيرها الإيجابي من خلال ما وصفه "هيل" بـ "إدارة العقل" أو يمكن أن تتعرض لتأثيرها السلبي من خلال الإعلام، والاختيار قائم عليك.
يسمح لنا التدبر بالوصول إلى ما يشير إليه "هيل" بالحاسة السادسة. إن الفراغات الموجودة في النوتة الموسيقية هي التي تكِّون النغم: وإن المسافات الموجودة بين الكلمات هي التي تخلق الكتب المحفزة وإن الفراغات الموجودة في التصميم هي التي تضفي عليه جمالاً. يسمح التدبر بوجود فراغات بين الأفكار، لذا يمكن ظهور الأفكار الجديدة.
إليك هذه الفكرة...
جرب هذا الأمر لتهدئ من عقلك. إذا كنت تشعر برغبة شديدة في التجول داخل المنزل وتسميه كل شيء باسمه بصوت مرتفع، إذن فخلال سيرك ستقول "أريكة" و"كرسي" و"مكتب" و "كتاب"، وداوم على ذلك حتى يصبح عقلك فارغاً تماماً. حسناً. قد تنظر بدهشة إلى أي شخص يسير داخل المنزل، لكن حاول فقط القيام بالأمر. بعد فترة قصيرة سيتوقف عقلك عن هذا التفكير. عندما يقوم بذلك، اجلس للحظة واحدة مع الشعور بالفراغ.