يذكرنا "هيل" بأنه " إذا أخفقت في غرس الرغبات في عقلك الباطن، فإنه سيتغذى على الأفكار التي ستصل إليه كنتيجة لتجاهلك للأمور، فجميع دوافع التفكير، سواء الإيجابية أو السلبية، تصل إلى عقلك الباطن دون أن تدرك".
لهذا السبب فإنه من الضروري أن تصبح حارسا لعقلك. يعمل العقل الباطن بكل طاقته على تحويل الأفكار إلى واقع. وللأسف، فإننا لا نعلم ماهية تلك الأفكار لأنها عادة ما تكون مألوفة جدا لدرجة أننا لا نلاحظها كثيرا، مثل السمك الذي لا يلاحظ الماء الذي يسبح فيه!
يعود أحد أسباب هذا إلى الاستجابات المشروطة، الأمر الذي تم توضيحه بسهولة من خلال تجربة "بافلوف" مع الكلاب. مما لا شك فيه أنك قد سمعت عن التجربة التي نال بسببها العالم الروسي "إيفان بافلوف" جائزة نوبل، والتي أظهرت مدى سهولة أن تقوم بعمل استجابة مشروطة. كان "بافلوف" يطعم الكلاب وهو يقرع الجرس. وبعد فترة قصيرة تمكن من أن يقرع الجرس في غياب الطعام ومع ذلك يسيل لعاب الكلاب. لقد ارتبط الطعام عندها بأحد الممرات العصبية الجديدة التي تجمع بين عملين لا ينتميان إلى بعضهما البعض. لقد كان لنتائج الاكتشاف تداعيات عظيمة وطويلة الأمد كما كان لها تأثير بارز على علم النفس.
لقد أظهرت هذه التجربة أن الحيوانات، متضمنة البشر، تجمع بين اثنين أو أكثر من الأحداث أو الحوافز لكي "صنف" الخبرات وتعلم منها في المستقبل. يبدو هذا الأسلوب فعالا. لكن هذه التجمعات غالبا ما تكون خاطئة تماما والتي دفن بعد ذلك في العقل الباطن وتظهر عند بروز واحد أو أكثر من هذه الحوافز. يعد هذا الأمر أكثر فاعلية بالنسبة للأطفال لأن الجزء الموجود في المخ والخاص بالتفكير لا ينمو تماما بمجرد مولده بينما ينمو الجزء المتعلق بالمشاعر والأحاسيس. ونتيجة لذلك يمكننا القيام ببعض التجمعات غير الملائمة في عقول الأطفال والتي يمكنها النمو بعد ذلك حتى يكون لها تأثير هائل على حياتهم.
ولهذا السبب فإن أفكارنا الواعية (الصادرة من العقل الظاهر التي تحكمها العاطفة لا يمكن تحويلها دائما إلى واقع، حيث توجد بعض الأفكار الأكثر قوة والمعادية والتي تحكمها العواطف مختبئة في العقل الباطن والتي تأخذ الأولوية والأسبقية. لذا فإنك قد تود أن تكون الثروة متماشية مع أفكارك الواعية، ولكن عمك - مثلا - المحبوب لديك كان ثريا ويمتلك ثروة كبيرة لكنه توفي في الأربعين من عمره، وكطفل ترسخ بداخلك تجمع عاطفي بأن الثروة تساوي الخسارة والحزن والموت، في كل مرة تقترب من تحقيق حلمك ببناء ثروة، يغمرك الحزن المضنى والذي يدمر مجهودك وليس لديك أي فكرة عن السبب في هذا. إذا لم تكتشف هذا التجمع الموجود في العقل الباطن وتقضى على تأثيره أو تستبدل به نجما بسيطا متكررا من خلال الإيحاء الذاتي والخيال، فلن تستطيع تحقيق حلمك الموجود في عقلك الظاهر.
إليك هذه الفكرة......
إن محاولة حل أو فسخ الارتباطات المختزنة باللاوعي تعد من الأمور التي لن تأتي بفائدة. إما أن تبحث عن المساعدة المحترفة لتسريع الأمور أو أن تتقبل ما هو موجود وتستبدل بالارتباطات السلبية تأكيدات إيجابية وتخيلا وإيحاء دانيا.
إذا سمعت صوتاً من داخلك ينادي بأحد الأعمال السلبية، كرر ما سمعته بصوت مرتفع وبلهجة مخيفة مرة بعد أخرى، قد تشعر بالغباء في القيام بهذا الأمر، لكنه يعمل على تفريغ بعض الشحنة الموجودة بداخلك. حاول هذا وستشعر بتحسن.