لقد غيرت الكتب الأربعة التي ألفت في القرون الثامن عشر والتاسع عشر والعشرين نظرة العالم عن تكوين الثروة إلى الأبد.

لقد ركز كل من كتاب The Way to Wealth ل "بنجامين فرانكلين" والكتاب الفريد الذي ألفه "تشارلز ماکای" في العصر الفيكتوري تحت عنوان Extraordinary Popular Delusions and the Madness of Crowds مفهوم العالم عن نقاط القوة والضعف التي وضعها الأفراد والشركات في العمل منذ ذلك الحين، وفي القرن العشرين أصبح كل من کتاب Think and Grow Rich [ "نابليون هيل" وكتاب The Richest Man in Babylon ل "جورج إس. کلاسون" من أعظم كلاسيكيات التنمية الذاتية والتي ساعدت على إذكاء النمو الخارق للاقتصاد العربي، ولا تزال هذه الكتب تقرا حتى الآن كما أنها تتمتع بقيمة كبيرة.

لكن في عالمنا المتكدس بالأعمال أحيانا يكون من المفيد أن يقوم شخص آخر ببعض الجهد لكي يوفر للقراء الحصول سريعا على بعض الأساسيات والقواعد الخاصة بعلم الماليات، ويشمل هذا الكتاب شرحا حديثا لأهم الأفكار الموجودة في تلك الكلاسيكيات الأربع. وليس الغرض أن يكون هذا الكتاب بديلا لتلك الكلاسيكيات؛ لكن الهدف منه يكمن في تفسير الطبيعة السرمدية للآراء الموجودة بتلك الكتب الأربعة من خلال إحياء تلك الأفكار مع الحياة الحالية باستخدام بعض الأمثلة الحديثة.

بالتنقل عبر صفحات کتاب The Way to Wealth ل "بنجامین فرانکلین" ستجد أنه يشبه إلى حد ما الدخول إلى علية منزل والديك وتفحص الأمتعة القديمة للأسرة، حيث يوجد الكثير من الأقوال المأثورة والحكم المنزلية لدرجة أنك تبدأ في التساؤل إذا ما كانت جدتك تقرأ هذه العبارات يوميا قبل أن تخلد إلى النوم. "تم مبكرا، تستيقظ مبكرا فإن في البكور بركة" و "من جد وجد" و "إن أول الغيث قطرة" و"اعقلها وتوكل".

يبدو هذا العمل كما لو أن كل الحكم التي تدل على الفطرة السليمة الجليلة الراسخة التي رأيتها طوال حياتك قد تم ترشيحها وجمعها في صفحات کتاب صغير، بعد تفكير عميق يتضح أنه علاوة على كون هذا الكتاب من الكلاسيكيات الحقيقية، فإنه واضح أيضا لدرجة أن النصائح الموجودة به لا تزال صالحة للاستخدام هذه الأيام كما كانت في الماضي في عام ۱۷۵۸ عندما نشر الكتاب لأول مرة، لا يزال الدائنون يدمرون المدينين المتهورين، ولازال العمل الذكي، وليس الشاق، هو الطريقة المستخدمة لتحقيق النجاح للشركة. يعد كتاب The Way to Wealth من الكتب البشرية التي تتعلق بنقاط القوة والضعف لدي معظم البشر.

 يعود كتاب Extraordinary Popular Delusions and the Madness of Crowds إلى العصر الفيكتوري، لكنه يعد من الكتب الحديثة أيضًا، والتضليلات أو الأوهام التي سخر منها "ماكاي" تنتمي إلى هذه الأيام. ولكنا نطلق عليها أسماء مختلفة، ففي كل مرة يتكرر فيها أحد هذه الأوهام، نشعر بالدهشة والخزي لأننا انجرفنا إلى مخططات الاحتيال المضللة وأحاطت بنا مجموعة من البائعين المتجولين ووقعنا فيما بيننا ضحايا الهستيريا الشديدة وتحكم فينا الزعماء الشعبيون وأغوتنا الاستثمارات التي لا تخسر بسهولة.

تتعلق أفضل أجزاء كتاب Extraordinary Popular Delusions and the Madness of Crowd بالأعمال التجارية وبما نطلق عليه الآن أسم "الفقاعات" الاقتصادية حيث تعمل المضاربة على زيادة الأسعار بشكل يتجاوز جميع الحدود والتوقعات، قبل أن تنهار مرة ثانية.

إن تاريخ "ماکای" مع مخطط مسيسيبي وقانون بحر الجنوب وفترة جنون التيوليب في هولندا يعد إحدى عمليات التبادل الفكري التي تم سردها في صورة مسرحية هزلية، تتعامل أجزاء أخرى من الكتاب هع المشعوذين والدجالين: مثل الأشخاص الذين يخبرونك بالقدر ومن لديهم موهبة التنويم المغناطيسي والذين يقنعوننا بأنهم يمتلكون موهبة التنبؤ بالمستقبل وكشف أسراره، ثم يطلبون منا بعد ذلك دفع الفاتورة. لا يزال هؤلاء الأشخاص موجودين في عالمنا الحالي، بل إنهم قد حققوا أفضل النجاحات على الإطلاق.

 إننا نحيا في موقف كوميدى عالمى، حيث لا يتعلم أي شخص أي شيء من حلقة إلى أخرى، كما أننا نقع في نفس الأخطاء مرات ومرات متتالية. بينما نقنع أنفسنا بأننا سنقوم بالعمل الصحيح هذه المرة وأن هذه المرة ستكون مختلفة عن سابقتها.

إن كتاب "ماكای" بما يحتويه من تصوير للجنون الذي اجتاحنا، طوال الألفية الماضية، يعد أول كتاب يوضح القاعدة التي يعرفها العلماء الأن والتي تقول: عندما تعمل داخل مجموعة، فإنك لا تبدو متميزا.

 إن أي شخص أوروبي أو أمريكي قد فتح إحدى الصحف مؤخرا، سيتفق مع "ماکای" في أن "جميع الأمم العريقة قد أصبحت عبارة عن مغامرين متهورين". عندما نضحك على غباء الأشخاص في كتاب Extraordinary Popular Delusions and the Madness of Crowds، فإننا نضحك على أنفسنا.

 لقد باع كتاب The Richest Man in Babylon للمؤلف "جورج إس. کلاسون" ملايين النسخ منذ نشره عام ۱۹۲۹، وأصبح واحدا من أهم كلاسيكيات التحفيز الحديثة. إنه لم يقدم الحلول السريعة المبتكرة بين عشية وضحاها، ولكنه يقدم الطرق التي تقدم بعض الحلول الدفع الديون وخلق الربح وبناء الثروة، تلك الطرق التي لا تزال مستخدمة وقابلة للتطبيق حتى الآن كما كانت منذ ۸۰۰۰ سنة في مدينة بابل القديمة. ويعرف هؤلاء الأشخاص أمرا أو أمرين عن الثروة، لقد نشأت مدينة بابل القديمة من الصحراء كمثال بارز لقدرة البشر على تحقيق إنجازات عظيمة بغض النظر عن الظروف المحيطة.

تشبه مدينة بابل القديمة إلى حد ما مدينة دبي الحديثة حيث لم يكن الموقع الجغرافي لهاتين المدينتين جيدا بالنسبة لكونهما مركزين من مراكز الثراء في العالم، ومع ذلك فقد نجحت براعة شعبهما (والموارد المالية التي لا حصر لها) في تحويل المستحيل إلى واقع. على الرغم من أن بناء خريطة للعالم في المحيط من خلال خلق الأرض وتشكيلها بحيث يتمكن الأغنياء من شراء بلدهم (النموذج الذي تقوم عليه دبي حاليا) يعد من الأمور شديدة المبالغة والتباهي، وأقل عملية من الإنجازات التي حققها البابليون قديمًا.

 لقد كان البابليون من أمهر التجار والممولين. فعلى قدر علمنا، فإنهم من ابتكروا المال كوسيلة للتبادل أو الصكوك وحجج الملكية، لذا هل يوجد من هو أحسن منهم لنتعلم شيئا أو شيئين عن الثروة؟ فيما يلي سنتناول أهم النقاط التي أشار إليها "كلاسون" في كتابه ونضفى عليها بعضا من التعديلات الحديثة بحيث تنطبق نصائحه مع الوضع الحالي، إذا كنت تمر بأزمة مالية وتجد نفسك منغمسًا في الديون أو كنت قلقا بخصوص مستقبلك لأنك لا تملك مدخرات للمستقبل أو إذا أردت وضع نظام جديد لتستعيد بعض السيطرة على ثروتك، إذن فالنصائح والحكم الموجودة في كتاب The Richest Man in Babylon غير مقيدة بوقت ويمكن العمل بها في أي زمان.

 عندما وضع "نابليون هيل" اللمسات الأخيرة على كتابه Think and Grow Rich | لم يتنبأ أي من رواد التفكير الإيجابي بالتأثير الذي يمتلكه هذا الكتاب. بسبب هذا الكتاب، تعلم شعبه أن يمشي على الجمر الحار ويتحمل المشاق والمتاعب ويواجه الصعوبات في سبيل تحقيق أهدافه. وبسببه. تعلم شعبه أيضا أن نوعية الحياة لا تتوقف على الحظ والظروف وإنما تتوقف على الأفكار التي يلجئون إليها بشكل منتظم، كما يبحثون الآن عن إجابات بديلة لأكثر الأسئلة تشويشًا في الحياة.

 لقد طلب الخبير في صناعة الثروة "أندرو كارنيجي" من "نابليون هيل" أن يدرس النجاح ويضع فلسفة يمكنها تحديد السمات الرئيسية لتحقيق الإنجاز. قبل "ميل" التحدي وكرس نفسه وحياته لهذه المهمة، حيث جمع الطرق البديعة التي استخدمها القادة العظماء مثل "هنري فورد" و"تشارلز إسواب" و" جون روكيغيلر" و"توماس إديسون" و"تيودور روزفلت". لقد نشر أول إصدار من کتاب Think and Grow Rich

في عام ۱۹۳۷-وكان بمثابة بزوغ فجر علم بناء ثروة قدرها مليار دولار، إنه من المستحيل أن تحدد التأثير الذي سيخلفه هذا الكتاب على مجال التنمية الذاتية في الوقت الراهن، فقد صار مندوب مبيعات زيوت الثعبان ينتقل بكل سهولة بين المحاضرين الموهوبين عازما على تحقيق بعض الثقة في نفوس المستمعين.

إن تعلم الطريقة التي يمكنك من خلالها التحكم في تفكيرك يعد هو الشيء الوحيد الذي سيحدث فارقا مهما في جودة حياتك. وهذه هي الحقيقة البسيطة التي تمثل الجوهر الأساسي لكتاب Think and Grow Rich وآلاف الكتب التي تبعته والتي سلكت نفس الطريق. إن المهارة هي التي تميز الشخص الناجح عن أي شخص أخر. سواء كان هذا النجاح في الأعمال التجارية أو الحب أو الثروة أو الرياضة.

يعمل هذا الكتاب على تجميع الحِكم والأفكار الموجودة داخل عقول أربع من أعظم الشخصيات التي قد تصادفها على الإطلاق في عالم المال والأعمال.