كانت إيريني جونتر تفضيل التعامل مع البشر في البنوك بدلاً من آلات صرف النقود، وذلك قبل أن يحل الصمت محل المشادات الكلامية بين البشر. فالآن، لا يتلفظ أحد بكلمة رداً على سؤال أو حديث، ولكن يكتفي الجميع بالإشارة بل قد لا يظهرون استجابة من أي نوع، فيلبون طلبك صامتين، أو يتجاهلونه تماماً لون أن ترتسم على وجوههم أي تعبيرات، بل دون توجيه أبصارهم إليك. وبذلك تعكس تصرفاتهم وإيماءاتهم شعورهم بالاستياء.
تقول إيريني «لقد اعتدت تبادل الصياح مع الأشخاص الفظة ومواجهة المشاكل باللسان والجدال. إلا أن الصمت السائد الآن وقطع التواصل مع البشر لا يتيح في الفرصة لاتخاذ أي رد فعل». .
استخدام ماكينات صرفي النقود هي إحدى الوسائل التي اتبعتها إيريني لتجنب التعامل المباشر مع موظفي البنوك الذين ينظرون خلفهم دون أن يستجيبوا للأسئلة أو المواقف بكلمة واحدة.
فالماكينات على الأقل تظهر تعليمات مهذبة أو تنهي التعامل بعبارة أشكرك».
هذا يقودني إلى ذكر حقيقة علمية معترف بها تستحق التأمل وهي أن الإنسان يعتمد على وسائل غير لغوية، كالإيماءات والحركات وتعبيرات الوجه والصمت للتعبير عن ۷۰٪ من المعاني التي يرغب البشر في التعبير عنها في مختلف المجالات التجارية والشخصية والاجتماعية.
من السهل أن يفهم الجميع أن حالة الصمت التي قوبلت بها إيريني في البنك تعكس مشاعر غير ودية، ولكن هل من السهل إدراك المعنى المراد من وراء تركيز البصر على هيئة الوقوف، إلى آخره؟
إن هدف هذا التساؤل هو الكشف عن أن الجهل ببعض جوانب لغة الجسد قد يكلفك سبعة أعشار القوة والثقة اللتين تسعى إليهما.
كيف يكون طريقك إلى إجادة أسرار لغة الجسد؟
تساعدك (أسرار لغة الجسد) على اكتساب القوة والثقة اللازمتين لمواجهة أي موقف شخصي أو عملي.
من العجيب أننا جميعاً بلا استثناء لدينا وسيلة تفسير اللغة غير المنطوقة التي يمارسها الجميع، فتلك مهارة كامنة بداخلنا فهي جزء من التركيب الجيني للشريط الوراثي للإنسان وأحد مفاتيح تصور الجين البشري لتقييم شخصيات البشر، إلا أنها مهارة خاملة بداخلنا يلزم تنبيهها.
اثنا عشر تعبيراً تزحف من خلالها لغة الجسد إلى حياتنا اليومية
هناك تعبيرات مجازية شائعة أستخدمها أنا وأنت ويستخدمها الجميع في حديثهم تعكس مدى قوة تأثير التخاطب غير اللغوي على حياتنا. تلك التعبيرات هي:
- يتجمد من الخوف.
- يرفع حاجبه كعلامة إنكار.
- يقرع بإصبعه لنفاد صبره.
- يضرب بكفه على جبهته ناسياً.
- يصرُّ على أسنانه.
- يهتز من العضب.
- ييبس شفته العليا.
- يهز كتفيه في لامبالاة
- يطوق جسده بذراعيه إشارة إلى الرغبة في حماية النفس.
- يحمر وجهه خجلاً
- يحك الأنف في حيرة.
- يغمز بعينه للتعبير عن الألقة.
رغم تكرار تلك الإشارات في أحاديثنا اليومية وسرعة التقاطنا لها فإننا تجهل الكثير من الإشارات الجسدية، هذا أمر طبيعي. فالإشارات السابقة لها معان ثابتة، إلا أنه يصعب إدراك مدلولات بعض العلامات الأخرى، كبعض النظرات الجانبية أو أوضاع اليد، والتي تتضح (معاني العلامات وتأثيراتها).