السبب الأساسي وراء فشل حوالي ۸۰٪ من الناس في زيادة قيمتهم وأهميتهم لدى الناس في المنزل أو العمل هو أنهم لا يتفاعلون بالشكل الأمثل مع الآخرين.

وطريقة التفاعل أو التواصل هي في جوهرها استجابة مكتسبة وسواء كنت والداً أو طفلاً أو مشرقاً أو مديراً أو سكرتيراً أو بواباً أو محامي عمل أو عاملاً في مجال الصحة العقلية، فإن مما لا شك فيه أن أكثر من أثر في تعليمك هم الذين قاموا بتربيتك.

وأرجو أن تلاحظ أن هؤلاء أنفسهم قد يكونون نماذج سيئة للتواصل الفعال. وبالطبع فإن هؤلاء بدورهم تعلموا من آبائهم والذين كانوا أيضاً نماذج سيئة للتفاعل وهم جزء ولذلك فإن نفس الطرق التي نتفاعل من خلالها توضح أننا ضحايا لضحايا الضحايا، وهذا يفسر بشكل كبير سر تأصل عادات عدم الحيلة والعجز بشكل كبير في بعض العائلات حتى إنه من الممكن اعتبار هذا جزءاً من الحمض المسؤول عن حمل المعلومات الوراثية في الخلية.

يقول روث فورن شيل أحد المقاولين في مدينة فينكس «لم يقصد أبي أو أمي أن يجعلاني عاجزاً عن التواصل مع الآخرين، وقد حاولا جهدهما في تعليمي ما كانوا يرونه صالحاً. ولكن الزمن لا يستقر على حال فما كان صالحاً لهم ليس صالحاً لي الآن وهذا أصعب ما في الأمر».

وإنني لاستشعر في تجربة روث تحذيراً من مخاطر الحياة البديلة. فبدلاً من أن تكون أنت الفاعل في أي موقف تكون صاحب رد الفعل، وبدلاً؟ من أن تأتي إلى لقاء بعقلية متفتحة تنظر إلى الحياة من خلال موروث المفاهيم القديمة.

وبدلاً من أن تستمع بعينيك وأذنيك لتفهم جيداً ما يقوله الآخرون وما يشعرونه أو يعايشونه فأنت تشوه الواقع بتركك الأمور دون نظر فيها وذلك من خلال تصفيتها في مصفاة المفاهيم اللاشعورية التي اكتسبتها من الآباء. وهذا يشبه إلى حد كبير محاولة الاستماع إلى حفل موسيقي من خلال وضع سدادات في الأذن.

وبدلاً من التقمص الذي يمكنك من إصدار استجابات حساسة وذاتية فأنت تلجأ إلى تكرار ما يفعله الآخرون.

وحتى لا نبتعد عن النقطة الأساسية للموضوع دعني أعطيك هذا المثال لتوضيح ما أريد:

هي لقد علمت لتوي أنني مصابة بالسرطان. كما صدمت إحدى السيارات كلبي ويقول الطبيب البيطري إنه لن ينجو من هذه الحادثة. إن قلبي يكاد يتحطم، والأسواق تنهار وأنا الآن مفلسة.

هو لا بأس يا عزيزتي. هل تذكرتي أن تحضري لي القميص من الدولاب؟

هل فهمت الفكرة فرد فعل الرجل هنا يبدو لا ضرر فيه، ولكن هل كنت ستفكر في الأمر بهذا الشكل لو كنت مكانها؟ إنني أتشكك في هذا ولدي سببي الوجيه لهذا، وذلك أن هذه الإجابة تبدو حادة كما أنها تبدد أي فرصة لبناء تواصل مثمر حتى قبل أن يبدأ، كما أنها تهدم أي احتمال للتلاقي العقلي الصادق بين أي شخصين والذي يمثل أساساً لأي علاقة صحيحة كانت أو ستكون.

وأياً كان الشعور الذي نشعر به وحده أو عزله أو الشعور بعدم فهم الآخرين لك أو المشاكل العائلية أو ضعف الأداء في العمل أو عدم الرضا أو الضغط النفسي فبغض النظر عن الاسم فإن معنى أن تكون ضحية هو أن تكون عاجزاً بلا حول ولا قوة.

وليس معنى أنك عشت جزءاً من حياتك ضحية لضحايا أنه لا يمكن تغيير الأمور إلى الأحسن. بل إن هذا أمر ممكن وسوف أخبرك بالسبب وراء هذا. ومن خلال التجربة والتحليل النفسي للشخصية البشرية يتضح لنا أن التكلم والاستماع - التواصل مع الآخرين - ليس أمراً وراثياً يمكن أن يكون لديك أولاً وفي الحقيقة فإن عملية التواصل ليست هكذا البتة.

ومن الحقائق العملية الثابتة أن الاستجابات التي اكتسبتها في حياتك يمكن أن تستبدل باكتساب نوع آخر من الاستجابات واستبدال العادات القديمة السيئة بأخرى جيدة لن يكلفك من التعب إلا كما يكلفك تدريب جسمك على فعل شيء ما ومع هذا فمن الناس من يرى أن تغيير الطريقة التي يتعامل بها مع الآخرين أمر مستحيل أو أن هذا قد يعرضهم لمخاطر هم في غنى عنها أو أنهم عندما يحاولون هذا فإنهم يصابون بالارتباك.

وأنا أرى أن هؤلاء الأشخاص مخطئون تماماً. فأنا أرى أنه من الممكن أري تغير من طريقة تعاملك مع الآخرين وتحسن من حياتك وذلك دون أن تغير من شخصيتك.

ولست بهذا أعني أن تغيير العادات الموروثة التي تحدد أسلوب تعاملاً مع الآخرين أمر سهل على أية حال فليس الأمر كذلك. ولكن يجب أن تكون مدركاً أن أمور الحياة اليومية لملايين البشر توضح لنا أن الوصول إلى التغيير المطلوب أمر ممكن. ففي جميع أرجاء البلاد. هناك أشخاص مثلك يضطلعون بمسئولي حياتهم من خلال الاهتمام بأسلوب تعاملهم مع الآخرين.

وهذا بيتس وايلدمان أحد سكان أوهيو، کولمبوس يقول «لقد سئمت من أن أعيش حياتي على غرار ما كان يعيشه آبائي. وهذا ما يعني أنني أشعر أن بمقدوري أن أبدأ في التعامل مع الآخرين وأخذ قرارات بشأن الحياة بدلاً من السير بشكل آلي على ما سار عليه السابقون».

وما يريد بيتس أن يقوله هو أن معنى أن تكون ضحية هو أن تحرم نفسك من حرية اختيار الأسلوب الذي تعيش به حياتك. وبدلاً من هذا نرتضي بحياة العجز المليئة بالقيود الخانقة فنحن نعيش حياة تقليدية وعفا عليها الزمن والتي ليست حياتنا نحن بل حياة أناس آخرين.