كيف تجعل الآخرين راغبين أن يكونوا معك
إذا ما استنتجت وتوصلت إلى أن العلاقات تقود إلى القوة فسوف تكون قد أدركت نصف الحقيقة. والنصف الثاني الذي عليك أن تدركه ليكون استنتاجك صحيحاً بنسبة ۱۰۰٪ هو أننا عندما ننظر إلى علاقات الشخص مع الآخرين، لا ينظر إلى حجم ومقدار هذه العلاقات، بل إننا ننظر إلى جودة تلك العلاقات. فكلما كانت علاقاتك مع الآخرين أفضل، كنت ذا شخصية قوية بالفعل.
وأود أن أشير هنا إلى نقطة مهمة، وهي أن الأناس الذين يمثلون النسبة الأكبر في حياتنا - زوجاتنا، أزواجنا، القادة المدرسين، الرؤساء والمديرين، الآباء، الأطفال والذين لديهم انطباعات وآراء جيدة عنا، هذه الآراء أهم بالنسبة للشخص من رأيه هو في ذاته.
وإذا كانت هذه الآراء تعمل على زيادة احترامنا وتقديرنا لأنفسنا فإنها أيضاً قادرة على إيذائنا وتحطيمنا. فعندما تكون تلك الآراء في صالحنا، فإننا نجد أنفسنا على ثقة وبهجة أكبر ومتسامحين وعلى استعداد للاستماع. وبالتالي يكون من السهل علينا أن نرضي رغباتهم وأن نوضح لهم اهتمامنا بهم مثل اهتمامهم بنا. وبمعنى آخر، نجد أنفسنا قد وقعنا تحت سيطرتهم.
كلما أعطيت قوة، جنيت قوة!
كل التعاملات البشرية أياً كانت تقوم أساساً على فكرة واحدة وهي تلبية الاحتياجات، (أو عدم تلبيتها). وما دمت تعيش في مجتمع من الأفراد، فلا شك أنك ستمارس نوعاً من السلطة على الآخرين، لأن الطبيعة البشرية تستلزم أن يكون كل شخص في حاجة إلى الآخرين ولن يحدث عكس ذلك إلا إذا عشت في عزلة تامة من الآخرين. ومن هنا فإن أي فعل تقوم به - إيجاباً أو سلباً - ينعكس على الآخرين.
وكلما أشبعت حاجتهم للاحترام والاعتراف بوجودهم وأدائهم وتقبيلك لهم ولاحتياجاتهم، كانوا راغبين لأن يكونوا معك. وكلما كان لديهم هذا الشعور، زادت قوتك وبسط نفوذك. ولتوضيح تلك النقطة، هيا بنا نستعرض المثال التالي
قام اثنان من البارزين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان بالسفر إلى أتلانتا لمؤازرة د/مارتن لوثر كينج في دفاعه عن حقوق الأغلبية السوداء في الولايات المتحدة. وقبل أن تبدأ المحادثات، انفرد أحد الشيالين بالمطار بالسيد مارتن لوثر كينج وهو في طريقه لمقابلة الزعيمين.
وبعد 15 دقيقة، عبر أحد الزعيمين عن استيائه الشديد من هذا الموقف قائلاً "إنني لم أقطع آلاف الأميال وأتي هنا لأجلس وانتظر بينما هو (يعني د/كينج) يتحدث مع أحد الشيالين".
وعندئذ رد عليه الزعيم الآخر «بقوله» عندما يأتي اليوم الذي لا يستغل فيه لوثر سلطته ليهتم باحتياجات شخص بسيط مثل هذا، فلن أقطع ميلاً واحداً لأراه.
ويوضح لنا المثال السابق أن قوة د/كينج قد تزايدت ليس فقط من منظوره الشخصي لذاته، بل من منظور الآخرين له.
ونفس الوضع الذي طبقناه على د/كينج ينطبق عليّ أنا وعليك وعلى الرجل الذي يعيش حتى على سطح القمر. فمصدر قوتنا هو إيجاد علاقات جيدة مع الآخرين. فأياً كان الشخص منا، أميراً كان أم شيالاً، فإن معيننا للتمتع بقوة الشخصية واحد؛ ألا وهم الأشخاص الذين نتعامل معهم. ومن خلالهم، فإننا نكسب عندما نعطي.
وحاول وجرب كيفما شئت، فلن تجد طريقة تحقق لك ما تريد دونما مساعدة الآخرين لك، وسوف تدرك كذلك أهمية أن تشعر بقدرك وأهميتك في عيون الآخرين.