إذا كنت راغباً في إقامة خلاقة راشدة مع أولادك البالغين، فلابد لك من معاملتهم كأشخاص بالغين. إنني أعلم أن هذا يبدو أمراً مسلماً به، إلا أنه قد يكون من الصعب تحقيقه أحياناً. لقد ظللت لسنوات عديدة توجه إليهم الأوامر والتعليمات والنصائح الواجبة والآراء وتقوم سلوكهم، وما إلى ذلك ولقد تحول هذا إلى نمط التفاعل الطبيعي بينكما، وفقد يصعب عليك الآن أن تجبر نفسك على تغيير سلوكك هذا معهم.
بالطبع، كلما بدأت في تغيير هذا السلوك مبكراً في سنوات مراهقتهم الأولى، صار التحول أسهل، ومع ذلك يظل هذا التحول عسيراً في معظم الأحيان، ولا أحد يتوقع منك أن تحققه بكل سهولة أو سرعة.
المهم في الأمر أن تعرف متى يمكنك البدء في تغيير سلوكك معهم، والبدء في هذا التغيير متى حان الوقت المناسب لذلك. درب نفسك على عدم توجيه الأوامر إليهم بشأن ما عليهم فعله، أو إخبارهم بأنك غير معجب بذوقهم في الملبس أو أصدقائهم أو ما إلى ذلك.
إن نصف النجاح في معاملتهم كأشخاص بالغين يعتمد على نجاحك في منع نفسك من عمل بعض الأشياء، بداية من إخبارهم بالسبيل القويم للسلوك وانتهاءً بتذكيرهم كيف كانوا أطفالاً ظرفاء وهم في السادسة من عمرهم (فهم حقاً لا يرغبون في سماع تلك القصة المثيرة للحرج مجدداً).
والنصف الآخر يعتمد على الأشياء التي ستبدأ في عملها. تحدث مع ولدك في الأشياء التي تحدث عنها مع أصدقائك. عليك تجاوز الفجوة بين الأجيال وحاول التواصل مع ولدك كشخص بالغ، وهذا يعنى أن تقدر رأيه، سواء بشأن أحوال الطقس أو مباريات الدوري العام أو الانتخابات المقبلة أو إذا ما كان الوقت مناسباً لزراعة الكراث، تماماً كما تتقبل رأي شخص آخر.
كما أن عليك أن تطلب من ولدك النصيحة؛ فهناك بالتأكيد العديد من الأشياء التي يعلم ولدك عنها أكثر منك، مثل إصلاح السيارات، والموضة، والتصوير، والتنجيد، ونماذج قطارات السكك الحديدية، ومشاهدة الطيور، والخزف -وأي شيء آخر تكون مهتماً به، وبالطبع هناك الأجهزة التكنولوجية، لكنني أعتقد أنك بدأت تسأل أولادك النصح بشأنها منذ سنوات بالفعل.
وبمرور الوقت سيكون هذا شيئاً طبيعياً، لكن في البداية أنت تحتاج للتركيز عليه وإلا فلن يحدث من الأساس. إنك لا تعرف كم سيكون ولدك فخوزاً حينما تسأله رأيه وتعامله كشخص بالغ -مالم يكن والداك قد عاملاك بالمثل -وحينها ستعرف إلى أي مدى يعد هذا الأمر مهماً.