هذه القاعدة لا تنطبق على مواقف الأزمات فقط. لكنها تحتل في مثل تلك المواقف أهمية بالغة. قد يقال أحياناً إن الأطفال لا يستمعون لآبائهم مطلقاً حسناً، هذا ليس صحيحاً. لكنهم في الواقع يهتمون بكلماتك اهتماماً أقل من ذلك الذي يبدونه تجاه أفعالك وتصرفاتك. يمكن للأطفال ملاحظة أدنى أثر للتناقض بين القول والفعل، ولا يمكن أن يتقبلوا هذا. وعلى الفور سيحكمون عليك بناءً على أفعالك، لا على كلماتك.
أنا لا أتحدث هنا عن الكلمات والأفعال السلبية فقط. وسأعطيك مثالاً على ما أعني. أنني أفترض أنك تبدي تفهماً لحقيقة أنه لا ضير في التعبير عن مشاعرك بالبكاء، وأنك تخبر أطفالك بذلك مراراً وتكراراً، لكن إذا حدث أن رأوك تمر بموقف يمثل صدمة عنيفة دون أن تبكي، فسيجدون صعوبة بالغة في أن يصدقوا كلماتك عما لو كانت كلماتك تطابق أفعالك. إذا كان لا ضير من البكاء (وهذا صحيح حقاً) فأظهر لهم هذا. دعهم يروك تبكي دون أي حرج من ذلك.
إنني أعرف زوجين مرًا بضائقة مالية منذ عده سنوات، حين فقد الزوج وظيفته، وكانا يخبران أولادهما المراهقين بأنه لا حرج إطلاقاً من أن يكون معهم مال أقل من الآخرين. وأنه لا يجب أن يشعروا بالخجل لأنهم لا يستطيعون شراء الأشياء التي يشتريها أصدقاؤهم، وفي إحدى المناسبات كان من المفترض أن تناول تلك الأسرة الغداء مع أصدقاء لهم أغنياء بحق، وهنا قام الوالدان بإيقاف السيارة في مكان بعيد خونفاً من أن يرى مضيفوهما تلك السيارة الرثة البالية التي كانوا يركبونها، ولقد لاحظ الأبناء هذا التناقض مباشرة. أنا أعرف هذا؛ لأن الأبناء أنفسهم هم من أخبروني بهذا الموقف!
هذا الموقف مثال للجملة الشهيرة: "افعل كما أقول، لاكما أفعل"، وهذا شيء لا يمكن أن تقوله لطفلك أبذاً. إذا ما استطعت فعل شيء، فافعله وإذا لم تستطع فلا تتوقع من أطفالك أن يفعلوه إذن!
سوف يشاهد أطفالك كيفية تأقلمك مع المواقف العسيرة، وسيكون هذا هو النموذج الذي يحتذونه. سواء كنت غيوراً، أو غاضباً، أو ضيق الأفق، أو مندفعاً، أو فاقد السيطرة، أو محرجاً أو مستسلماً، فسوف يكبرون وهم مقتنعون بأن هذه هي الوسيلة السليمة للاستجابة لهذا الموقف، حتى إن كنت تدعوهم بكلماتك للتصرف بصورة معاكسة. وعلى العكس. إذا تصرفت بكرامة ونزاهة وإنسانية وتعاطف وشجاعة، فسوف يؤثر هذا فيهم أكثر من أي شيء معاكس تقوله لهم.