قد يكون الأطفال سذجاً بحق، وهو شيء ليس بالمستغرب؛ فقد لا يتفهم الأطفال الصغار أو يعرفون حتى ما المقصود بالطلاق أو إشهار الإفلاس أو الوفاة. ومع نلك فإن لهم مهارة خاصة في الإحساس بالجو السائد، ويعلمون أن شيئاً ما قد حدث، حتى وإن لم يكونوا على علم بماهيته.
فإذ ا كان هناك مرض شديد، أو كنت أنت وزوجتك تتشاجران (حتى لوفي السر أو أثناء خروج الأطفال)، أو إذا كنت تقلق بشأن المال أو العمل، فسوف يعلم أطفالك. بالطبع لن يعلموا التفاصيل إلا إذا أخبرتهم -لكنهم سيفهمون الفكرة العامة.
وهذا هو السبب الذي يدعوك لإخبارهم. وإذا لم تفعل فسوف يحاولون تفسير الأمر بطريقتهم، وعادة ما سيكون تفسيرهم أسوأ من الوضع الحقيقي. قد يسيء الأطفال مثلاً تفسير الأجواء المشحونة بين الوالدين ويتخيلون سيناريوهات يخرجون منها بأن الطلاق وشيك الحدوث في حين أن الأمر كله عبارة عن خلاف بشأن المال لن يصل إلى الطلاق أبداً.
ربما يعرف الأطفال أن شخصاً ما مريض للغاية ويظنون أن هذا الشخص هو أنت، بينما هو في الواقع جدهم أوجدتهم. لا يزال الخبر سيئاً، لكن من وجهة نظرهم هذا يعد أفضل بمراحل من مرضك أنت الذي يوشك على القضاء عليك.
إن عدم إخبار الأطفال بالأشياء السيئة التي تحدث لن يزيد الأمور إلا سوءاً. فلن تستطيع إخفاء شيء عنهم، لذا لا تحاول ذلك. بالطبع لن يكون عليك أن تمدهم بكل التفاصيل إذا لم يكن هذا مناسباً، لكن على الأفل قم بتوضيح الصورة الكلية لهم.
لابد أن تستخدم حكمتك لتحديد الوقت المناسب والقدر المناسب الذي ستخبرهم به، وسوف يشكل عمر أطفالك عاملاً مهماً كذلك. فما تخبر به طفلك ذا العامين يختلف قطعاً عما ستخبر به طفلك ذا الخمسة عشر عاماً. وبصفة عامة، أخبرهم بأقل قدر ممكن ثم أجب عن أسئلتهم، وكلما زاد عمرهم، زادت أسئلتهم.
وإذا كان الموقف حساساً ومؤلماً لهم، فلا تمدهم بمعلومات أكثر من تلك التي يسألون عنها -فعلى الأغلب لن يسألوا عن الكثير لأنهم لا يريدون أن يعرفوا الكثير، وسوف يسألونك حين يكونون مستعدين لسماع الإجابة.
أما عن الوقت المناسب لإخبارهم، فيجب أن تخبرهم بمجرد ملاحظتهم أن شيئاً ما يحدث. لا تخدع نفسك وتظن أنهم لم يلحظوا شيئا لأنك لا تريد أن تعلنه -كن صريحاً لأقصى حد مع نفسك.
سوف يبدى الأطفال الأكبر سناً العديد من الإشارات التي توضح أنهم يعلمون، من التعليقات الجانبية التي على شاكلة ("أنا دوماً آخر من يعلم هنا") بالإضافة إلى الأسئلة لا مفر منها -مثل إصابة فرد من العائلة بمرض مميت مثلاً -أعطهم وقتاً ليتأقلموا مع هذا الموقف بدلاً من إخبارهم في اللحظة الأخيرة.
إن الآباء المتميزين الذين أعرفهم يُجمِعون على ضرورة عدم إخفاء شيء عن أبنائهم، بل يجب إبقاؤهم على علم بما يحدث، وإعطاؤهم صورة صادقة مختصرة بما يحدث من أمور. الخيار لك بالطبع، ويمكنك أن تختار أن تبقيهم في عزلة عما يحدث، لكن هذ ا لن يكون سهلاً، وسوف يعلمون في النهاية، وربما يكون هذا أصعب حينئذ لأن الأمر سيكون لهم بمثابة صدمة مفزعة بدلاً من أن يكون شيئاً اعتادوا عليه. إن أطفالك جزء من العائلة، وأي شيء يؤثر على العائلة سوف يؤثر عليهم بالتبعية. لذا فمن حقهم أن يعرفوا ما يجرى.