بالطبع سوف يتغلب طفلك على الأزمة، أو على الأقل يتأقلم معها. فمع الوقت سوف يتقبل -كما نفعل جميعاً -حقيقة أن والديه قد انفصلا، أو أن شخصاً ما قد توفي، وإذا ما تعرض طفلك لمرض أو إصابة، سوف يتعلم كيف يتأقلم مع حقيقة فقدانه لطرف من أطرافه أو أنه لا يستطيع أن يأكل ما يحلو له مثل أصدقائه. وإذا اضطر للانتقال معك، فسوف يكون صداقات جديدة عاجلاً أم آجلاً ويستقر في مدرسته الجديدة.
لكن هذا لا يعنى انتهاء الأمر تماماً؛ فبعض الأزمات تنتهي دون ترك أي أثر، إلا أن لبعضها آثاراً هائلة -هائلة بحق؛ فقد يستطيع الطفل التأقلم -مثلما استطعت أنت -مع حقيقة وفاة والدته، إلا أنه سيظل للأبد ذلك الطفل الذي كبر وتربى دون والدته؛ فهذا الأثر سيظل باقياً وسوف يزيد من تأثيرات الصدمة الأولى سوءاً. وسيكون كل يوم رياضي بالمدرسة أو حفل تكريم مختلفاً له. وكل عيد ميلاد أو مهرجان أو حفل عائلي سيكون به شيء مفقود.
نفس الشيء ينطبق على حالة الطلاق؛ فمتى تقبل طفلك حقيقة أنك ووالدته لن تظلا معاً، بل وربما إحساسه بالارتياح من غياب عملية التوتر العاطفي التي تسبقه، إلا أنه سيكون عليه أن يقضي بقية فترة طفولته مع والدين يعيش كل منهما في مكان مختلف ولا يتواصلان بصورة جيدة مع بعضهما البعض كما كان يحدث من قبل.
لن تكون الإجازات كالسابق، بل ستكون هناك ترتيبات معقدة للأنشطة المدرسية لضمان عدم التقاء الوالدين؛ أو عدم حدوث مواجهات محرجة إذا حدث أن تقابلا. وسيكون على طفلك أن يتقبل وجود زوجة أب أو زوج أم كذلك.
ربعا يكون طفلك قد عانى من مرض أو إصابة ما. إنني أعرف طفلاً عمره ثلاث سنوات تم بتر إحدى قدميه بسبب حادث سيارة وقع له. وهو يبدو كأنه تأقلم بشكل رائع وشجاع مع هذا الأمر. إلا أنه سيظل للأبد ذلك الطفل ذا القدم المبتورة.
وهذا سوف يؤثر على الأنشطة التي يستطيع المشاركة بها سواء لعدم قدرته على أدائها أم لاضطراره إلى أن يتفوق على من حوله لكي يثبت ذاته -كما أن إصابته هذه قد تعرضه للعدوان والمضايقة عندما يكبر، أو التواري خجلاً. مهما كأن الأثر، سواء كان سلبياً أم إيجابيا، فسيكون الأمر مختلفا عما لو كبر وهو طفل طبيعي.
إنك كوالد، ستكون قادرا دون شك على إدراك التغيرات طويلة الأمد التي سوف تطرأ على طفلك، لكن قد لا يدرك الآخرون هذا، وقد يصعب تقبل هذا الأمر. أحياناً سيكون عليك أن تدعم طفلك وتجعله يعرف أنك مدرك لمعاناته.
إن الأزمات الكبرى ستترك أثرها على طفلك مدى الحياة، لكن احرص على آن تكون بعض تلك التغيرات إيجابية، حتى إن جاءت نتيجة لموقف سيئ؛ فقد يصير طفلك أكثر استقلالية، أو تعاطفاً، أو أكثر صلابة، وقد يصب هذا في مصلحة الجميع.