بإمكاننا أن نتخيل القليل من القراء يفكرون في هذه الأفكار: "يا أخي، هل عليّ أن أكون متفتحاً وفضولياً مع الناس في العمل؟
ألا يمكنني أن أعمل على ما لدي من مشاريع، وما ينبغي لي تأديته من مهام من دون أن أتعرض لأمور التواصل الحسي والشعوري؟".
في الواقع، إن تأسيس وبناء العلاقات والحفاظ عليها جميعها جزءٌ من وظيفتك، حتى لو كنت تعمل مع شخص واحد فقط. وقد لا يكون الحفاظ على العلاقات أحد متطلبات توظيفك، وربما يكون أمراً لم يتم التعرض له من قبل، لكن لكي ترتقي سلم النجاح لا بد أن تجعل التفتح والفضول جزءاً من وظيفتك لا محالة.
هيا نستكشف معنى كلمة "متفتح" فيما يختص بإدارة العلاقات:
إن التفتح معناه مشاركة المعلومات عن نفسك وعن الآخرين، ويمكنك الاستفادة من مهاراتك في إدارة الذات لتختار الطريقة التي تبدو بها متفتحاً وما الذي تشارك به، لكن ضع في الحسبان أن التفتح ينطوي على فائدة قد تساعدك في اختياراتك: كلما زادت معرفة الناس عنك، قلت احتمالات سوء فهمهم لك.
على سبيل المثال، إذا كنت حساساً بشأن ضرورة الحضور مبكراً قبل عقد الاجتماع بخمس دقائق، وتصاب بالضجر حينما يدخل بعض الأشخاص إلى الاجتماع في بدايته أو يتأخرون قليلاً، فقد يعتقد البعض أنك صارم وحاد. لكن إذا شاركتهم معلومة قضائك أولى سنوات حياتك المهنية في سلاح البحرية، فسوف يتفهمون ذلك، ومن ثم قد يقدرون إحساسك بالتوقيت وأصول اللياقة. ومن يعلم، فقد تزول حدتك؟!.
أن تكون كتاباً مفتوحاً ليس ذلك هو جوهر الموضوع في إدارة العلاقات، فإن عليك أيضاً أن تبرز اهتمامك بما لدى الطرف الآخر؛ أي أنه ينبغي لك أن تكون فضولياً لتعرف ما لديه. وكلما أبديت اهتمامًا واكتسابًا للمعلومات عن الشخص الآخر، أحسنت تحديد حاجاته، وقلَّت فرص سوء فهمك له.
وعندما تطرح أسئلة، اعتمد على مهاراتك في الوعي الاجتماعي لتختار المكان والزمان المناسبين.
دع حب الاستطلاع يبدو على نبرة صوتك، بنفس الأسلوب الذي يسأل به الأب الأطفال عما يرغبون فيه كهدية للعيد. أما نبرة الصوت المغايرة فهي التي تنطوي على إطلاق الأحكام، فكّر في شخص سألك ذات مرة سؤالاً مثل: "لماذا – بالله عليك – اشتريت دراجة بخارية؟"، أو "هل تخصصت في الفلسفة؟ ما الذي تخطط لفعله بهذا الهراء؟".
عندما تطرح أسئلة، ويبدو الطرف الآخر متفتحاً أمامك، فلن تكتسب معلومات تساعدك على إدارة العلاقة فحسب، بل سوف يقدّر لك الطرف الآخر اهتمامك به.
وإذا كنت تبدأ علاقة جديدة، أو تسعى في علاقة موجودة بالفعل، أو تسير في علاقة وعرة.
فخصص من وقتك بعض الدقائق يومياً لتحديد العلاقات التي تحتاج إلى قدر من الاهتمام، وحدد وقتاً لتتصرف بتفتح وفضول مع هؤلاء الأشخاص.