من الواضح أنك تريد لأبنائك أن يبلوا بلاء حسنا في المدرسة، وأن ينجحوا في اختباراتهم بدرجات جيدة، وربما تفكر مقدماً في توفير أماكن لهم في جامعات أفضل. لذا، فقد تنجرف للتدخل بشدة في حياتهم الدراسة — سواء عن طريق التحقق من أدائهم للفروض التي أعطيت لهم أم حتى من رغبتك في أن تمدهم بمعرفتك.
إن أحد الآباء الذين أعرفهم يسأل أطفاله عن المواد التي درسوها في هذا الأسبوع، ثم قضى بعدها نصف العطلة الأسبوعية وهو يخبرهم بكل شىء يعلمه عن تلك الموضوعات (وهو واثق بالطبع أنه يعلم أكثر مما يعلمه المعلمون عنها) ويا لها من طريقة عبقرية لتنفير أطفالك من التعليم وتحميلهم ما لا يطيقون.
فلنوضح بعض النقاط: إن مهمة المعلمين هي نقل المعلومات لأبنائك وإرشادهم للتفوق في الاختبارات، وهي -الوسيلة المعتمدة لقياس أداء كل من الطلبة والمدرسين. من ناحية أخرى، أنت لست معلم أولادك، فيمكنك أن تترك لهم الفرصة ليخطئوا ويتعلموا من أخطائهم دون أن تتدخل لتصحيحهم. يمكنك أن تركز على إمدادهم بكل تلك المهارات الحياتية المهمة التي تحدثنا عنها من قبل والتي لا تعلمها لهم المدرسة (والتي لا يمكنك -قياسها)، والتي هي، في الحقيقة، أكثر أهمية من التحصيل الدراسي النظري.
يمكنك تشجيعهم عن تجربة أشياء جديدة (إجازات بالخارج، دروس كاراتيه، الإبحار، زراعة الزيتون ) ، واكتشاف مواطن اهتمام جديدة، ومقابلة أشخاص جدد. يمكنك تشجيعهم على التوسع في القراءة والاهتمام بالعالم من حولهم وأن يطرحوا الأسئلة ويشكلوا وجهات نظرهم.
يمكن للمدرسة أن تهيمن على حياة طفلك في أوقات معينة. وينبغي عليك أن تدرك هذا؛ فإذا قضيت وقتك معهم في المنزل تلح عليهم بشأن واجباتهم المنزلية وتسألهم عن أدائهم في اختبارات هذا الأسبوع أو تصر على أن تخبرهم بكل شىء تعرفه عن هنرى الثامن؛ فسوف تسيطر المدرسة هكذا على كل جوانب حياتهم.
وإذا ما وبخهم مدرسوهم بشأن خطأ فعلوه، فهم ليسوا بحاجة إلى أن تعيد أنت الآخر الكرة. فمرة واحدة تكفي. لا تقلل مز شأن المدرسة عن طريق الإشارة مثلا إلى أن أحد المدرسين مثلاً ضيق الأفق، لكن يمكن أن تقول لطفلك: "لابد أن تنفذ ما تأمرك به المدرسة حتى لو كنت لا تتفق معها، وبما أنك تلقيت توبيخاً على سلوكك مرة، فلن أفعل ذلك أنا الآخر"، ثم تقوم بتغيير الموضوع بعد ذلك.
أجل، أنني أعرف أن الأطفال يجب عليهم أداء واجباتهم المنزلية، وإذا لم تسألهم أين ملابسهم الرياضية المتسخة فلن تستطيع غسلها (وبالطبع ليس مطلوباً منك أن تتوقع أن الجوارب القذرة موضوعة في علب الأقلام)، لكن دعهم يخرجوا من جو المدرسة بأسرع ما يمكن.
وكلما كبر طفلك في السن، ازدادت سيطرة المدرسة على حياته، مهيمنة على ساعات إضافية من يومه واجبات إضافية ومزيد من ضغوط الامتحانات، لذا من المهم أن تسمح لهم بالخروج من جو المدرسة بأسرع ما يمكن _ وبمجرد خروجهم منها.
هذا لا يعنى أن تظهر اهتماماً صادقاً بأداتهم الدراسي، أو تناقش معهم بعض الموضوعات إذا أظهروا اهتماماً بهذا. كلا، بل إن ما أغنيه هو أن تعطيهم قدرا من الهدوء والمساحة حتى يتمكنوا 'من توسيع آفاقهم بالتفكير فيما يفعلون.