عرفت أشخاصًا تركوا المدرسة في سن السادسة عشرة أو الثامنة عشرة وهم لا يفقهون شيئاً _ربما باستثناء جداولهم الدراسية وموقع بوركينا فاسو وأسباب بطلان قوانين الذرة ( أنا عن نفسى لا أعلم هذا).
بمعنى آخر: إن كل ما يعرفونه هو مجرد معلومات. هذا هو ما تعطيه لك المدرسة: مجرد معلومات. حسناً، هناك كذلك بعض المهارات التحليلية مثل القسمة المطولة وقواعد اللغة، التي لن تستخدم معظعها في حياتك بعد ترك المدرسة. بعض المواد التي يتم تدريسها بالمدارس مفيد، مثل تعليم لغة أجنبية، لكن معظم المواد ليست لها فائدة مطلقاً.
لا تسئ فهمي، أنا لا أدعو لنبذ المدرسة؛ فهي تعلمنا كيف نتعلم_ وهي مهارة مهمة تلازمنا بقية حياتنا _ لكنها تستغرق من عمرنا عشرة أعوام أو اثني عشر عاماً أو حتى سنوات أكثر لنفعل ذلك. فكر كذلك في كل تلك الأشياء التي لا تعلمها المدرسة لأولادك طوال تلك السنوات مثل كيفية التفكير باستقلالية، تغيير المصباح الكهربي ‘التمتع بشخصية حازمة، البقاء بمنأى عن الديون، تمييز الوقت الذي تشتعل فيه حدة الصراعات، حل الخلافات بصورة هادئة، معاملة الآخرين باحترام. التصرف حين تتعطل السيارة، كيفية مواجهة المخاوف، كيفية تقبل الخسارة بروح طيبة٠ كيفية التعامل مع الفوز بهدوء...
قد تفكر قائلاً: "لكن المدرسة تعلم الأطفال كيف يتعاملون مع المكسب والخسارة ‘وإلا فما فائدة اليوم الرياضي بالمدرسة؟’’.
أجل، أنني أعلم أن المدرسة توفر قدراً كبيراً من التدريب على هذه الأشياء (ولا تقدم أي تدريب الأشياء أخرى)، لكن المدرسة لا تعلمهم كيف يتعاملون معها بصورة؛ جيدة؛ فالمدرسة تترك الطفل يخسر كل مرة دون أن تعلمه كيفية التعامل مع الخسارة وتقبلها. وعموماً.
فإن الأشياء التي يتدرب الأطفال عليها في المدرسة هي نفس الأشياء التي يمكنهم التدريب عليها خارج المدرسة، وسبب ذلك هو أن تعلم الأطفال لتلك الأشياء يرجع في الأساس إلى وجوده وسط مجموعة من الأطفال؛ فهذا ما يعلم الطفل السلوك المقبول اجتماعياً والسلوكيات غير المقبولة اجتماعياً ولا علاقة للمدرسين بهذا الأمر، ويمكن تعلم هذه الأشياء وسط أي مجموعة من الأطفال سواء في مجموعة شباب محلية، أو في نادٍ لكرة القدم، أو حتى، أثناء لعبهم مع بعضهم.
المغزى هنا هو أن تعليم أطفالك ينطوي على ما هو أكثر من مجرد الذهاب للمدرسة؛ فالذهاب إلى المدرسة مهم، لكنه ليس في نصف أهمية عملية التعليم ذاتها؛ فالمدرسة توفر للأطفال تعليماً دراسياً (كما يتضح من الاسم) بيد أنها وظيفتك أنت أن تعلمهم، ولا تتوقع من المدرسة أن تفعل هذا نيابة عنك.
أنني أعرف أطفالا تلقوا تعليمهم في المنزل إلا أنهم استطاعوا أن يصبحوا أشخاصاً بالغين متوازنين ذوي قدرات عالية، ربما أكثر من آخرين تلقوا تعليماً دراسياً متكاملا، وهذا يوضح لنا أن المدرسة ليست هي أساس التعليم الجيد.
أنا لا أطلب منك أن تعلم أطفالك في المنزل فقط (إلا إذا كنت ترغب أنت في هذا)، كل ما أقول هو أنه لا ينبغي عليك أن تعتمد على أن المدرسة ستمنح أطفالك شيئاً مفيداً باستثناء المعلومات، إضافة لبعض المهارات العلمية القليلة مثل كيفية تشغيل المسجل أو تشريح الضفدعة، أما خلاف ذلك فهو مسئوليتك أنت.