لا أحد كامل، لا تحاول جعل أطفالك مثاليون:
إذا حاولت تنشئة طفلك بحيث يكون طفلاً مثالياً فسوف تفشل. كما أنك سوف تعرضه لقدر هائل من الضغوط، كما تعلم نحن الآباء المتبعون لطرق التربية السليمة، فإنه من السهل أن ننجرف ونضع أبناءنا تحت كم هائل من الضغوط، ونعلم كذلك أن هذا تصرف خاطئ إلى أقصى حد.
ومن ذا الذي يرغب في طفل مثالي على أي حال؟
والسؤال الأهم هو: من هو الطفل المثالي؟ لا يمكنني تخيل شيء كهذا؛ فكل طفل قابلته كان مثالي السلوك ولا يخطئ ويسعى لإرضاء والديه ومعلميه ويجتهد في المدرسة ويسلم واجباته في مواعيدها، كان طفلاً معدوم الشخصية مملاً إلى أقصى حد.
أما الأطفال الذين أعجب بهم إلى أقصى حد، الذين لهم شخصيات قوية دافئة، فدائماً ما تجد أخطاء في سلوكهم؛ فجميعهم ميالون للاندفاع بصورة مبالغ فيها، أو يثورون غضباً أو لهم إحساس بالدعابة قد يتجاوز الحد المعقول. أو تنتابهم فترات من الكسل (يعوضونها بشكل ساخر).
لقد عرفت أطفالًا رائعين لا حصر لهم على مر السنين، وكلهم كبروا وصاروا شباباً بالغين ممتازين، لكن أستطيع الجزم بأنه لم يكن بينهم طفل مثالي. حمداً لله.
ليس من المفترض أن يكون الأطفال مجرد أشخاص بالغين صغار الحجم. ومن الطبيعي أن توجد بهم تلك الصفات السلبية، والتي من المفترض أن يتخلصوا منها عبر عملية التنشئة. فإذا صار طفلك مثالياً وهو في العاشرة من عمره فربما يجدر بك أن تجعله يترك المنزل ويشتغل رجل أعمال؛ فلقد أفقدته الهدف من السنوات القليلة التالية. إن مرحلة الطفولة هي المرحلة التي يكون فيها الطفل على حريته، وأنا عن نفسي أعتقد أنه من الأفضل للطفل أن يتأخر في التخلص من عيوبه وخصاله السيئة. ومن الذي يريد أن يكون طفله راشداً ولم تلتمع في عينيه نظرة خبث ولو مرة واحدة. أو يكون هادئاً غير مندفع. أو بلا أي إحساس لاذع بالدعابة، أو رغبة عارمة في المغامرة؟
إن الطفل المثالي الجدير بالتقدير والثناء هو الطفل الذي يتم تنشئته بحيث يكون قادراً على تكوين شخصيته المنفردة والتخلص من خصاله السيئة. وأن يكون على قدر من التفهم بحيث لا يؤذى الآخرين من حوله أثناء فعل هذا. هذا هو أفضل ما نأمل. وهذا ينطبق على الكثير من الأبناء. ولكم يسعدني قول هذا، وأنا واثق من أنه ليس بينهم مثالي واحد.