عندما كنت في المدرسة كان لي زميل شاب شعر والده قبل أن يبلغ الثلاثين عاماً. ولقد كان يشعر بالحرج الشديد من هذا الأمر وكان دائم الحديث عن شعوره بالأسف لشيب شعره وهو في هذه السن المبكرة-تخيل ماذا حدث لاحقاً؟ أجل، لقد شاب شعر ولده وهو في سن الثلاثين كذلك.
وبالطبع، بما أنه كان في فترة طفولته يسمع كم هو مُحرٍج وبشع أن يشيب شعر الشخص، فلا عجب من أنه كان يشعر بالإحراج حيال هذا الأمر. ولقد حاول والده طمأنته بقوله إن الأمر لا يستحق، لكن كلامه لم يكن له أي أثر-فلا يمكنك قضاء خمس وعشرين سنة تخبر فيها شخصاً ما بأن شيئاً ما بشع، ثم تأتي وتغير رأيك في لحظة واحدة وتتوقع منه أن يقتنع.
ما الذي لا يعُجبك في نفسك؟ هل أنت بدين (من وجهة نظرك)؟ أصلع؟ ذو شكل غريب؟ لك ركبتان عجبتا الشكل؟ هل تتلعثم في الحديث؟ إذا كان بك أي من تلك الأشياء، فأرجو أن تحتفظ بها لنفسك. فإذا لم تتحدث عنها فلن يجد أطفالك سبباً لتكوين وجهة نظر سلبية حيالها. علماً بأنهم قد يرثون تلك الصفة منك. إن ما تقوله عن نفسك الآن سوف يتردد في آذانهم بعد عشرين أو ثلاثين عاماً من الآن.
فقط تخيل لو أن والد صديقي تعامل مع شعره الأشيب بكل فخر (أو على الأقل تظاهر بهذا)؟ افترض أنه فال لطفله مازحاً: "أعتقد أنه يضفي على شكلاً مميزاً، ألا تظن ذلك؟ "، وقتها كان صديقي سيكون صورة مخالفة عن ذاته عندما يشيب شعر رأسه.
من المفترض كذلك آلا ينتقد الأب والأم بعضهما البعض أمام أطفالهما (تحديداً بعيداً عن مرمى سمع أطفالهما)، لكن هذا لا يحدث دوماً. لا تسخر من شكل زوجتك التي ترتدى نظارة، أو تطلقي على زوجك لقب "أصلع"، حتى لو كان هذا يتم بصورة ودية، كما لا يتنفذ أي طرف الآخر لزيادته في الوزن.
إنك إن فعلت فسوف تغرس هذا النقد في عقل طفلك ولن تكتشف ما سببته من ضرر إلا بعد فوات الأوان، فلن يقتنع الابن إن جاء والده بعد ثلاثين عاماً وقال بنبرة مختلفة: "كالا يا عزيزي، أنا لم أكن أعنيك أنت بكلامي؛ فأنت تبدو أفضل مني وأنت أصلع".
إذا علمت أن أبناءك سيرثون صفة معينة منك، فربما يجدر بك تبني وجهة نظر إيجابية نحوها أمامهم. أخبر زوجتك كم تبدو ذ كية وهي ترتدي نظارتها، أو تحدث عن كونها امرأة طويلة بدلاً من انتقاد عيوبها، ومن يعلم، فقد تقتنع أنت نفسك بما تقول.