حين كانت ابنتي صغيرة في السن كانت تذكرني بجدتيها. والآن ودون أي إساءة شخصية من أي نوع -صرت أتمنى لو أن هذا لم يكن هو الحال (ليس اجتماع صفات الجدتين في شخص واحد على أي حال).
وكلما كبرت في السن – حسناً باتت تذكرني أكثر وأكثر بجدتيها. بالطبع كانت تحمل بعضاً من صفاتهما الطيبة، لكني لم ألحظ ذلك، بل ظلت الصفات السيئة هي التي تتبدى واضحة أمامي.
لكنها كانت ابنتي، وكان حبي لها بلا حدود؛ لذا فقد تعلمت أن أحب هذه الصفات، حتى إن كان يصعب تقبلها في البداية. ليس من الصعب فعل هذا، لكن يجب فعله، حيث إنك لا تستطيع أن تلوم أبناءك على ما ورثوه من صفات، وفي حالة ابنتي هذه، كانت النتيجة أن بدأت أشعر بالتعاطف مع تلك الصفات الموجودة في جدتيها.
أما أصعب شيء فهو أن تتعلم أن تحب أي صفة موجودة بطفلك تذكرك بشريك حياتك السابق. فإذا كنت قد انفصلت عن شريكة حياتك أو طلقتما، ستجد أن أبناءك دائماً ما سيذكرونك بها، ولابد أن تعلم أن تحب تلك الجوانب فيهم، حتى لو كنت تكرهها في شريكة حياتك.
حسناً، إنني لا أدعى أن لدي حلولاً لكافة المشكلات _وهذه تحديداً مشكلة صعبة_ لكني سأخبرك بما وجدته مفيداً لي حقاً. لقد توصلت إلى حقيقة مفادها أنه لا يوجد ما يسعى بالصفة السيئة، بل إن الوسيلة التي يستخدم بها الناس خصالهم هي التي تهم حقاً.
لقد عرفت طفلة كانت عنيدة بدرجة لا تصدق في صغرها، ولقد كبرت وصارت ناشطة تدافع عن القضايا المهمة. لابد أن يكون الشخص عنيداً بدرجة لا تصدق ويملك تصميماً وعزماً لا يلين حتى يستطيع الصمود والاستمرار في عرض القضايا أمام هؤلاء السياسيين الذين لا يهتمون بشيء، كما أنها نضجت في حياتها الشخصية كذلك وصارت شابة جميلة. هل العناد هنا يعد. صفة سيئة؟ ليس في حالتها تلك.
لذا لا تفترض أنه بسبب امتلاك طفلك لصفة تذكرك بوالدته أو والدك أو حتى العمة "بيتى". أنه سيستخدم تلك الصفة بنفس الصورة. وعليه، فلا داعي لأي مغامر سلبية تجاههم، إنك تعلم ما عليك فعله: أن ترسخ فيهم القيم التي تبعلهم يستخدمون مواهبهم الطيبة بحكمة.