لابد أن يعرف كل طفل ما يميزه:
يعاني ابن عم لي من صعوبة بالغة في التعلم. كما أنه يفتقد القدرة على تحريك جسده بصورة متناسقة، وهو ما يجعل من تعلم الفنون أو ممارسة الرياضة أو عزف أي آلة موسيقية أمراً عسيراً للغاية عليه. لسنوات عديدة كان من الصعب تحديد ما يمكن أن يتميز فيه.
كان أخوه موسيقيُا موهوباً وكان يحب الاستماع للموسيقى، وسوعان ما بدا واضحاً أنه على الرغم من أن "دان" لم يستطع عزف الموسيقى مثل أخويه، إلا أنه كان لديه حس موسيقى متميز.
فإذا وضعت شريطاً موسيقي في مسجل السيارة فستجده يصبح في خلال ثانيتين مغنياً أول سطر من كلمات الأغنية. أجل، هذا صحيح، لقد كان متميزاً في شيء معين -كان بمقدوره أن يتغلب على أي شخص في مسابقة التعرف على الأغنيات.
إن معظم الأطفال أسعد حظاً من هذا الطفل المسكين -حيث إن ظروفهم ليست مثل ظروفه الصعبة، لكن هذا المثال يوضح لك أنه حتى الطفل الذي يواجه صعوبات جمة لايزال قادراً على التميز في شيء ما. وطفلك بحاجة إلى أن يعرف أنه يجيد شبثاً ما من أجل تقديره لذاته حتى لو كان هذا الشيء هو التعرف على الأغنيات.
إذا أردت أن يكبر أطفالك وهم يشعرون بان لديهم ما يسهمون به في هذا العالم؛ شيئاً يميزهم عن غيرهم ويجعلهم يرفعون رءوسهم فخراً، فهذه بداية حسنة، وبمرور الوقت سوف يكتسبون المزيد من الثقة لكي يكتشفوا الأشياء الأخرى التي يجيدونها أيضاً.
بعض الأطفال يجيدون عمل الكثير من الأشياء، والبعض لا يجيد سوى شيء أو اثنين، ومهمتك هي أن تواصل السعي لاكتشاف ما يتميز به أطفالك، ثم احرص على أن يعرفوه.
ليس بالضرورة أن يكون هذا الشيء المميز لطفلك متعلقاً بالمدرسة (موسيقى أو رياضة أو فنون)، لكن حتى هذه الأشياء ستكون كافية. قد يملك طفلك ذاكرة مدهشه ويمكنه تذكيرك بكل الأشياء التي نسيت إدراجها في قائمة تسوقك، أو ربما يتميز طفلك عن كافة أفراد العائلة ويستطيع أن يرتب أقراص (ال دي في دي) بصورة صحيحة. أو ربما يطهو وجبة مكرونة بالجين معقولة، أو يجيد التعامل مع الحيوانات.
إحرص على أن يعلم طفلك أنه يجيد هذا الشيء، وكذلك -وهذا هو الأهم -أن يعرف أنك تعرف كم يجيد هذا الشيء.
وبالمناسبة، تلك القاعدة تحتاج إلى اهتمام أكبر من التطبيق كلما كنت تتعامل مع أفراد أصغر من العائلة؛ فدائماً ما يكون الطفل الأكبر أفضل من إخوته في معظم الأشياء.
فإذا ما كان لديك أكثر من طفل، ستجد أنه من الصعب على الطفل الأصغر أن يظهر ما يتميز به (كنت الخامس بين إخوتي؛ لذا صدقني أنا أعلم بما أتكلم عنه هنا، وعلى ذلك احرص على أن ينال الصغار الاهتمام الذي يستحقونه كذلك.