أهمية أن تبتهج أمام أطفالك:

ذات مرة، حينما كنت مراهقاً كنت أساعد والدتي في إعداد إحدى الوجبات (سترى أنني استخدمت كلمة أساعد هنا بمعنى فضفاض قليلاً كما سيتبين لاحقاً). في الواقع كانت والدتي هي التي تطبخ الوجبة ينما كنت أخرج لها البازلاء المجمدة.

وبسبب ما لا أستطيع تذكره أمسكت بكيس البازلاء من الركن الأعلى ثم استخدمت المقص لقطع حافة الطرف الآخر، والذي كان في مستوى أدنى من مستوى يدي، وبالطبع تناثرت محتويات الكيس -فيما عدا الجزء الذي أمسك به في يدي-على أرضية المطبخ، تحت الثلاجة والموقد وغسالة الملابس، وتحت أقدامنا.

نظرت إلى والدتي وأنا أشعر بالرعب وكانت والدتي واقعة تحت ضغط محاولة تقطيع اللحم ومنع الصلصة من الاحتراق وإعداد الخضراوات، وتجمدت في مكاني منتظراً التقريع المحتوم. لكن بدلاً من ذلك انفجرت والدتي في نوبة من الضحك.

أتعلم ماذا حدث بعدها؟ إنني لم أرتكب مثل هذا الخطأ مجدداً (أجل، إنني أعلم أن الكثير من الأشخاص يستطيعون أن يعيشوا حياتهم لون ارتكاب هذا الخطأ تحديداً)، لكن المغزى هنا هو أنني لم أكن بحاجة للتأنيب والتوبيخ لكي أتعلم من خطئي. لقد كان من الأفضل، سواء لرؤيتي لوالدتي أو لعلاقتنا ٠ أن تضحك والدتي على هذا الخطأ بدلاً من إخباري بمدى غبائي (وهو ما لا يختلف عليه اثنان بالطبع)

بالطبع كان ذلك حادثاً غير مقصود، حتى إن كان بتلك الدرجة من الغباء، ماذا إذن عن تلك الأوقات التي يقوم فيها أطفالك بإغاظتك أو حتى الرد عليك بوقاحة؟ حتى في تلك الأوقات قد يكون بمقدورك أن تحول تلك المآزق إلى مواقف ممتعة، وإذا ما استطعت أن تخرج بمزحة أو تعليق ظريف في الوقت المناسب، فقد تستطيع أن تكسر تصميمهم على جعل حياتك تعيسة للدقائق القادمة -وهكذا سيستمتع الجميع بوقتهم، بعلاقة قوية حميمة كذلك.

هناك كتاب أطفال رائع للكاتب "جون برنيجيهام" يدعى Would you rather" ويعني بالعربية: "هل تفضل؟"، وفيه سيسأل الطفل إذا ما كان يفضل، مثلاً، أن يغطي وجهه بالمربى، أو يرش جسمه بالمياه، أو يقوم الكلب بسحبه في الطين؟ (وأنا أوصي به بشده وأعني الكتاب بالطبع وليس أسلوب السحب في الطين).

ولقد أحب أطفالي الكتاب للغاية وهم صغار. وأحياناً حين كان الواحد منهم يسيء التصرف، كنت أحاول نزع فضل الموقف بأن أسأله: "هل تفضل أن... نتوقف من فورك عن إزعاجي، أو أن تذهب لحجرتك لخمس دقائق، أو أقوم بدغدغتك لمدة ثلاثين ثانية مصلة؟ ".

وهنا يضحك نخرج عن تركيزه على الموقف نفسه، والأهم هو أنه يقدر حقيقة أنك أنهيت الموقف بصورة ودية مضحكة بدلاً من توبيخه. الآن وقد ذكرتني بهذه الوسيلة، هناك بعض البالغين الذين أستطيع تطبيق هذه الوسيلة معهم.