ليكن سلوكك متسقاً أمام أبنائك:
حين كنت طفلاً، وكان بمقدوري أن أقف في وجه أمي وأعارضها في يوم ما، كان ذلك يلقى قبولها وتخبرني بأنها سعيدة بأنني أستطيع الدفاع عن آرائي. وفي اليوم التالي قد أفعل نفس الشيء لكني أتلقى عقاباً عليه.
ولم أكن أستطيع مطلقاً تخمين أي رد فعل ستبديه أمي. ولم يقتصر هذا الأمر الرد على أمي فقط، بل امتد لباقي الأشياء أيضاً، وهكذا قضيت معظم الوقت على حافة الخطر.
كان ذلك أيضاً يعنى أني لم أكن أعرف، ما كان مسموحاً به وما كان ممنوعاً -كان الأمر أشبه بمقامرة غير مضمونة. لذا لم تكن هناك فائدة من مراقبة سلوكياتي؛ فقد يقودني سلوك ما إلى الوقوع في مشكلة، وأحياناً أخرى قد لا يحدث ذلك. كان الأمر يستحق المخاطرة-لي بالطبع.
والأمر نفسه ينطبق على أطفالك؛ فهم بحاجة إلى معرفة ما هو مقبول وما هو غير مقبول. وهم يحكمون على هذا بناء على رد الفعل الذي أبديته في اليوم السابق والذي سبقه وهكذا. وإذا لم يحصلوا منك على رسائل متسقة فلن يعلموا الكيفية التي عليهم التصرف بها، وهكذا لا يتم إرساء تلك الحدود المهمة وتثبيتها. وهذا يعنى أن الأطفال سيشعرون بالحيرة وعدم الأمان وربما بعدم الحب كذلك.
إن أصعب شيء في هذه القاعدة هو أنك لا تستطيع أن تكسر القواعد إذا أردت ذلك؛ فهذا لن يكون عادلاً لأطفالك. فمثلاً إذا ما أرسيت قاعدة مفادها أنه غير مسموح لأحد من أطفالك بالنوم معك في فراشك فعليك الالتزام بهذه القاعدة (إلا إذا كنت مستعداً لتغيير القاعدة بصورة دائمة)؛ فقد يكون طفلك الصغير حزيناً بشأن شيء ما اليوم ويتقرب إليك بينما تفوح منه رائحة حمام ما قبل النوم، وفي الوقت ذاته تشعر أنت بالحزن بعض الشيء وترغب في أن ينام معك في الفرش...كلا، لا تفعل!
فإذا سمحت لأحد أطفالك بالمبيت معك بالفراش لمرة واحدة، فستجد أنه من الصعب أن ترفض ذلك المرة التالية التي يطلب منك ذلك، ولن يتفهم سبب رفضك بعد ذلك. ارفض ذلك الآن (بهدوء وأنت تعطي ولدك حضناً دافئاً) واعلم أنك هكذا تظهر القسوة بدافع الحب (لك وله أيضاً).
هل لاحظت حين قلت مسبقاً: "إلا إذا كنت مستعداً لتغيير القاعدة بصورة دائمة"؟ بالطبع يظل تغيير القاعدة خياراً متاحاً؛ فقد تدرك فجأة أن الحياة ستصير أجمل لو أنك سمحت لطفلك بالمبيت معك بالفراش كل ليلة وتبدأ في التساؤل عن السبب الذي دفعك لمنع هذا الأمر في المقام الأول. حسناً.
يمكنك تغيير القاعدة (لكن يفضل استشارة شريك حياتك أولاً) لكن بمجرد تعييرك لها عليك الالتزام بها لمدة طويلة، وإلا فسوف يصاب أطفالك بالحيرة والارتباك إذا ما تغيرت القاعدة كل شهر، تماماً كما سيصابون بها إذا تغيرت كل ليلة. إذن، كم من الوقت سيكون عليك الالتزام بالقاعدة الجديدة؟
إذا لم يكن ذلك بصورة دائمة، فعندئذ عليك الالتزام بها حتى ينسى أطفالك أن الأمر كان مختلفاً قبل ذلك، وكلما كانوا أكبر في السن، طالت تلك المدة.