خطورة العنف مع الأطفال:
قرأت مقالاً مثيراً عن بعض الباحثين الذين أجروا بحثاً مهماً حول موضوع تعنيف الأطفال (إنني لا أعلم عدد المرات التي كان يجب أن يطرحوا فيها الأسئلة). وقد اكتشف الباحثون أنه إذا ما عنفت الناس فالاحتمال الأغلب أنهم لن ينفذوا ما تريد كما إذا لم تقم بتعفيفهم.
كيف يمكنك، إذن، أن تجعل أطفالك ينفذون ما تريد دون تعنيفهم؟
حسناً، إن التعنيف يتضمن نبرة ضيق، وهي التي تجعل من عملية تلقى الأوامر شيئا منفراً، وحينما تزداد الأوامر حدة وتطور عملية التعنيف -وهو ما يتجنبه الآباء المتبعون لقواعد التربية السليمة بالطبع-فستبدأ في تصنيف الأطفال على ما هم عليه لا على مجرد ما فعلوه. فعبارة مثل: "إنك لم تغلق الباب" مقبولة، لكن "إنك دائماً ما تنسى إغلاق الباب" هي تصنيف غير مقبول، والأسوأ من ذلك هو الإساءة إلى شخصياتهم مثل: "أنت لا تفكر في الآخرين أبداً" أو “إنك مجرد شخص كسول". إذا ما وجهت هذه العبارات لأطفالك، فسوف تجعلهم يزدادون في تصرفاتهم السيئة، ومن يلومهم على هذا؟
ليس هناك حاجة مطلقاً إلى استخدام أي نبرة مسيئة أو أي عبارات تتضمن إهانات لشخصهم. كل ما عليك هو أن تطلب بحزم، على أن تحدد بوضوح ما سوف يحدث إذا لم ينفذوا ما تطلب منهم. ومثال على ذلك قول: "أرجو إتمام الواجب المدرسي، وإذا لم يتم عمله قبل السادسة فسوف أغلق الكمبيوتر حتى يتم الانتهاء منه"، ثم ابق ساكناً حتى السادسة مساءً، وإذا وجدت أنهم لم ينفذوا ما تريد، فأغلق الكمبيوتر، وإذا كان هذا هو الأسلوب المعتاد اتباعه، فسرعان ما سيدرك أطفالك أنك لا تمزح معهم.
لقد زرت منزل صديقة ذات مرة لتناول طعام الغداء، وكانت طاولة المطبخ، وهي المكان المفترض لتناول الغذاء، مغطاة بألعاب الأطفال والرسومات والحلوى والمكعبات وأدوات اللعب وأشياء أخرى. عرضت عليها (بعصبية) أن أقوم بتنظيفها، لكنها ردت قائلة: "لا حاجة لذلك، فسوف ينظفها الأطفال". تساءلت في نفسي كيف ستقدر على أن تجعل الأطفال ينظفون المائدة؛ خاصة أن الطعام كان على وشك التقديم وكانوا هم مشغولين بشيء آخر.
بيد أن صديقتي هذه ذهبت ناحية باب المطبخ وقالت بمرح: "إذا وجدت أي شيء على مائدة المطبخ بعد عشر دقائق فسوف ألقيه في سلة المهملات!".
ظهر الأطفال على الفور؛ حيث بدا أنهم معتادون على هذا الأمر -وبدا كذلك أنهم عرفوا من مواقف سابقة أنها لم تكن تمزح -وبعد خمس دقائق كانت المائدة جاهزة للغداء، دون تعنيف، لقد قالت ما تريد مرة واحدة وعرفتهم بما سوف يحدث إذا تجاهلوا ما تطلب.
هناك شيء آخر يستحق الذكر، بخصوص عملية التعنيف، وهو أن الأطفال قد يمضي عليهم وقت طويل، قد يصل لسنوات، على أدائهم لمهام معينة، إلا أنه ليس واقعيا أن نتوقع منهم أن يتذكروها بأنفسهم.
ولذلك بدلاً من أن تغضب من أن طفلك نسى مجدداً أن يطعم حيوانه الأليف، قاوم الرغبة في تعنيفه، وتعامل مع الأمر بمرح واعتبر أن وظيفته أن يطعم الحيوان الأليف ووظيفتك أن تذكره بهذا، والآن أنت بحاجة لشخص كي يذكرك بما عليك فعله.