أثناء تربية أطفالك: انتبه لحالتك المزاجية
فبمجرد أن ترزق بأطفال فإنك تصير جزءاً من عائلة، ولا تعد حراً في التصرف كما تشاء، كزوج وزوجة تتصرفان كما يحلو لكما. لقد صرتم عائلة، وهذا يعنى أن الحالة المزاجية لكل فرد في العائلة تؤثر على الآخرين. بالطبع هناك أشخاص يستطيعون الاحتفاظ بمزاجهم حتى إن أصابت الحيرة والتخبط من حولهم، بيد أن معظمنا يجد أن الحالة المزاجية لأي منا تتأثر بشدة بالحالة المزاجية لمن حوله.
ولكونك تتبع قواعد التربية السليمة، فأنت بحاجة لمعرفة أنك أنت المسئول عن الحالة المزاجية العامة في العائلة. ولا أعنى بهذا أن شعور أحد أفراد العائلة بالضيق أو الحزن هو خطؤك أنت.
بل أعني أنه لو كان جميع من حولك يشعرون بالضيق أو إذا ما بدأتم بالصراخ في وجوه بعضكم. فليس من المفيد أن يتمنى أحدكم لو أن واحداً من الآخرين توقف عن العويل أو الصراخ أو العبوس أو الشكوى أو الشجار، فإذا ما شعرت أنه على أحدكم أن ينهي تلك الحالة، فيجدر أن تكون أنت.
إن الأطفال لا يفهمون أن الحالة المزاجية لشخص قد تؤثر على الآخر؛ فهم لا يدركون أن السبب وراء إزعاجك لهم هو أنهم أنفسهم قد ظلوا يزعجونك طوال اليوم. بالطبع فإنك سوف تبدأ في تعليمهم، لكن الأمر قد يستغرق سنوات قبل أن يتمكنوا من فعل شيء حيال هذا الأمر، فبمجرد شعورهم بالضيق سيبدأون في التصرف معك بصورة سيئة كي يعاقبوك، حتى لو علموا ان هذا بدوره سوف يسبب لك الضيق؛ فهم سيفكرون في أنفسهم قائلين: "حسناً، هذا سوف يعلمهم درساً" وبالطبع يحتاج الأمر لشخص بالغ لكي يكسر هذا النمط المتكرر. وهذا الشخص هو أنت، كما قلت.
إن أحد أطفالي تحديدا (لكنى لن أحدده بالاسم) كان معتادا على الشجار معي عندما كان أصغر سناً. وأكثر ما كان يثير جنوني في هذا أنه لم يكن ليتراجع، حتى لو فقدت أعصابي معه، وفي النهاية قامت زوجتي، بعد اختيارها للوقت المناسب. بتوضيح أن السبب وراء ذلك على الأغلب هو أنني أنا نفسي لم أكن مستعدا للتراجع أيضاً. إن المثال الذي كنت أرسيه أمامه كان مثالاً للطريقة غير الفعالة في حل الخلافات.
إن الحقائق التي سأقولها لك الآن قد لا تكون مبهجة، لكن إليك بها؛ إن الآباء الذين يصرخون في أبنائهم، غالبا ما سيكبر أبناؤهم وهم معتادون على الصراخ بدورهم. والآباء الذين يعبسون دوماً يشجعون أبناءهم على العبوس. ومن يشكون، سيكون أطفالهم شاكين كذلك.
قد لا يحدث ذلك على الدوام، لكنه سيحدث، بصورة أكبر مما لو لم يكن آباؤهم كذلك. كما قد يحدث بدلاً من ذلك، وهذا اعتماداً على شخصياتهم، أن يتصرفوا على النقيض، وبدلاً من أن يغضبوا (كما تقول)، فسوف يتضايقون إذا ما غضب أي ممن حولهم، أو على الأقل، إذا أحسوا بمشاعر سلبية حيال موضوع الغضب، فإذا كنت تتوقع من أطفالك أن يتعاملوا بحكمة مع حالاتهم المزاجية، فلابد أن تتعامل أنت بحكمة مع حالاتك المزاجية أولاً. وبالطبع هذا هو الجانب الإيجابي الإضافي. يمكنك التأثير على الحالات المزاجية لأطفالك -والطريقة التي يتصرفون بها حيالها -وتغييرها إلى الأفضل. وهذا يخلق دوماً إيجابية لدى الجميع.