انظر لأمور أبنائك عبر عيونهم
إن كل الأطفال يشتركون في أمر واحد؛ هو أنهم مقتنعون بأننا لا نقيم لمشاعرهم وزناً، وأنهم مجرد أطفال. وهم مقتنعون بأننا نهملهم ولا نهتم بمشاعرهم ولا نفكر فيما إذا كانت القرارات التي نتخذها تضايقهم أم لا. والحقيقة هي أنهم محقون تعاماً في هذا الصدد.
كلنا نفعل هذا الأمر-ليس طوال الوقت بالطبع، لكن في أغلبه. أنا متأكد من أنني أفعل هذا الأمر، ولم أقابل والداً إلا وجدته معي تماماً. ونحن ندافع عن هذا بأن نقول لأنفسنا (هذا إن فكرنا في هذا الأمر من الأساس) إننا نعلم الأصلح بالنسبة لهم وهم لا يعلمون. وأحياناً ما يكون هذا صحيحاً، لكن ليس على الدوام.
إلى حد ما لا يمكن تفادى هذا الأمر؛ فمثلاً كل الأطفال لا يرغبون في النوم في الميعاد المناسب لهم، كما انهم يودون لو يتناولون المثلجات والشيكولاتة طوال الوقت، كما أنهم يودون الهروب من المدرسة لمدة الإحدى عشرة سنة القادمة، على أن يذهبوا للشاطئ بدلاً منها. حسناً، كلنا نعلم أن تلك الأفكار غير ملائمة، لذا يجب التصرف وفقاً للطريقة التي نراها نحن، لكن هذا لا يعنى تجاهل وجهات نظرهم تماماً، وأنا أؤمن بأننا لو تركنا الأطفال يتصرفون بكامل حريتهم، فسرعان ما سيبدأون في التصرف بتعقل لم نكن لنتوقعه منهم.
إن الأطفال ينظرون إلى هذا العالم نظرة مغايرة لنظرتنا له. وأحيانا ما يشتركون معنا في نظرتنا لكننا فقط غير مستعدين لأخذ وجهة نظرهم في الاعتبار. وعلى أي حال، فإن الأطفال يبدأون في التصرف بعدوانية إذا ما لاحظوا أننا نتجاهلهم. وهنا يبرز دور القاعدة رقم ١٤-عاملهم باحترام؛ لذا من المهم أن تجعل أطفالك يشعرون بانك مدرك لوجهة نظرهم (وإذا لم تكن تعلم من تلقاء نفسك فانا واثق من أنهم لن يمانعوا في إخبارك عنها بمجرد سؤالك).
منذ يومين كنت على وشك الخروج بصحبة الأطفال، وكان أحدهم يشاهد التلفاز. لذا أخبرته بان يغلقه ويذهب للسيارة، لكنه تجاهلني، فقلت له في حزم إننا يجب أن نصطحب شخصاً ما من المحطة، وأن هذا أهم من مشاهدة التلفاز، وبدأنا نتجادل حول هذه النقطة، وانفعل كلانا رغم كرهنا لذلك، وسرعان ما بدأت أتساءل عما إذا كانت هنا طريقة أفضل لحسم الموضوع.
بعدها تذكرت القاعدة التاسعة عشرة، فطلبت من طفي أن يخيرني بالمشكلة من وجهة نظره. فقال لي إن هذا هو برنامجه المفضل وأنه قد فاتته حلقتا الأسبوعين الماضيين، فتعاطفت معه وعرضت عليه أن أقوم بتسجيلهما له. وهكذا تم حل المشكلة، والحقيقة هي أن الأمر لم يكن متعلقاً بالبرنامج التليفزيوني ذاته، بل إن الموضوع تم حله لأنه أحس بأنني أراعي مشاعره.
بالطبع كان الأمر سيكون أفضل لو أنني تذكرت القاعدة التاسعة عشرة مبكراً بعض الشيء – لكني كنت وقتها منشغلاً بتطبيق القاعدة الثانية "لا أحد كامل". وهذا هو عذري على أية حال.