الإسترخاء كاستراتيجية تربية صحيحة:
من هم أفضل الآباء الذين تعرفهم؟
إنهم هؤلاء الذين لديهم قدرة تلقائية على قول وفعل الأشياء، السليمة التي تؤدى لتنشئة أطفال سُعداء، مُتوازنين واثقين بأنفسهم؟ هل تساءلت يوماً عن سبب تمتعهم بهذه المقدرة؟ والآن فكر في هؤلاء الآخرين الذين لا يبلون بلاءً، حسنا في هذا الأمر؛ لِمَ هم على هذه الحال؟
إن أفضل الآباء، الذين أعرفهم يشتركون في ميزة واحدة، وهي أنهم يتعاملون مع الأمر بكل استرخاء، وهدوء، وعلى العكس فإن أسوأ الآباء، دائماً ما تجدهم قلقين متوترين بخصوص شيء، ما. ربما لا يكونون متوترين بشأن مدى كفاءتهم كآباء (ربما ينبغي عليهم أن يكونوا كذلك) لكنهم متوترون دوماً بشأن شيء ما، وهذا يؤثر بالسلب على مقدرتهم على أن يكونوا آباءً جيدين.
إنني أعرف العديد من الآباء، المهووسين بشأن النظام؛ فهم يفرضون على أبنائهم أن يخلعوا أحذيتهم على الباب والا عُدﱠ ذلك ذنباً لا يغتفر؛ حتى إن كانت الأحذية نظيفة. إنهم يشعرون بالضيق البالغ إذا ترك أحد أبنائهم شيئا في غير موضعه أو سببﱠ أي فوضى (حتى لو تم تنظيفها لاحقاً). وبالتالي يكون من الصعب على الأبناء، أن يكونوا على طبيعتهم أو يستمتعوا بأوقاتهم إذا اتسخت سراويلهم جراء اللعب على العشب أو اتسخت قمصانهم من الطعام.
لدى صديق آخر يعشق قيمة المنافسة، وبالتالي تجد أطفاله واقعين دوماً تحت ضغط هائل للفوز بكل مباراة ودية يلعبونها، كما أن لدي صديقاً آخر يثور غضباً كلما جرح طفل من أطفاله ركبته، وأعتقد أنك تستطيع التفكير في بعض الأمثلة المشابهة فيمن تعرف.
بيد أن أفضل من عرفت من الآباء يتوقعون من أبنائهم أن يكونوا صاخبين٠ مهملين؛ دائمي الحركة والشجار والشكوى، ويغطي ملابسهم الوحل. إنهم يتعاملون مع تلك الأمور بكل تمهل؛ حيث إنهم يعلمون أن أمامهم ثماني عشرة سنة كاملة لتحويل تلك المخلوقات الصغيرة إلى أشخاص بالغين. إنهم يتعاملون مع الأمر بكل روية ولا يدفعون أطفالهم للتصرف كالكبار. فسوف يكونون كباراً بمرور الوقت.
إن تلك القاعدة يسهل تطبيقها بمرور الوقت، حتى إن ظل بعض الناس عاجزين عن اتباعها مثل غيرهم من الآباء الذين يتبعون قواعدنا هذه بحذافيرها. من الصعب حقاً أن تسترخي مع طفلك الأول، بينما يكون الأمر أكثر سهولة مع ابنك المراهق الذي يشق طريقه في الحياة. في حالة التعامل مع الأطفال، أنت بحاجة للعناية بالأساسيات -أي أن يكون طفلك بصحة جيدة، شبعان، مرتاحاً -وليس عليك بعد ذلك أن تبالغ في القلق إزاء غير ذلك من الأمور.
لا يهم إن كانت أزرار ملابسهم غير مقفلة بصورة سليمة أو أنك لم تجد الوقت لتحميمهم اليوم، أو أنك ذهبت لقضاء العطلة الأسبوعية خارج المنزل دون تجهيز مكان ليناموا به (أجل، لدي صديقة فعلت هذا الأمر، لكنها لم تبالغ في القلق؛ وذلك لأنها تتبع قواعدنا المشروحة هنا بحذافيرها).
أهم ما في الأمر حقاً هو أنك ما دمت استطعت اجتياز اليوم بنجاح، فعليك بالاسترخاء وتناول مشروبك المفضل وتقول لشريكة حياتك:’’ حسناً، .... إنهم لا يزالون على قيد الحياة؛ لقد تصرفنا بصورة طيبة بالتأكيد".