تخبرنا وسائل الإعلام المختلفة بأننا إذا أردنا النجاح، فعلينا أن نتعلم كيف نتعامل مع قدر محدود من الأعمال ونضيف إليها المزيد والمزيد.

وكلما ازداد تعدد المهام التي تديرها، ازددت نجاحاً، صحيح؟

لا بل خطأ.

ففي الواقع، أنه في مقابل تعدد المهام سيكون عليك التضحية بجودة العمل؛ حيث إن العقل ببساطة لا يستطيع أن يؤدي العديد من المهام بقدر عالٍ من الأداء في الوقت ذاته.

لنفترض أنك كنت في اجتماع ما حيث يتم مشاركة العديد من الأفكار، وتتطاير في جو الغرفة محاسن ومساوئ كل فكرة.

على الرغم من تدوين كل الملاحظات على اللوح الورقي الدوار، إلا أنك تفضل تدوين الملاحظات الخاصة بك حتى لا تفوتك أية تفاصيل. وما إن تنتهي من تدوين آخر أفكارك، حتى تتغير نبرة صوت أوسكار على نحو مفاجئ إلى نبرة تشي بالشعور بالضيق بشكل واضح.

ويقع حديث مقتضب ما بين أوسكار وميليندا، وتستعرض ملاحظاتك لعلك تجد سبباً لذلك التغير المفاجئ، فلا تصل إلى أي شيء. ما الذي حدث بالضبط؟ لقد فاتتك تفاصيل مهمة.

ما إن تشغل عقلك بأوراقك، ويديك بالتدوين، حتى تفقد دلالات مهمة توضح بشكل كامل حقيقة مشاعر الآخرين وما يدور ببالهم من أفكار. أما الشخص الذي يسعى لإدراك الموضوع بشكل تام ورؤية الصورة كاملة، فعليه أن يراقب الآخرين من دون أي تشويش كالهاتف أو الكتابة على الكمبيوتر أو التدوين، وبدلاً من ذلك، يسعى بكل بساطة إلى المراقبة.

تذكر الهدف الأساسي من الوعي الاجتماعي وهو ملاحظة وفهم ماهية تفكير الآخرين ومشاعرهم، وللقيام بذلك، عليك التركيز على الآخرين.

وتعد الاجتماعات من الأماكن المثلى لمراقبة الآخرين. فهناك جمهور متابع بالفعل، وفي العادة هناك قدر ضئيل من التشويش من الهواتف أو البريد الإلكتروني، لكن يبقى القلم هو المصدر الأكبر للتشويش.

في الاجتماع المقبل، لا تدون أية ملاحظات، وبدلاً من ذلك، انظر في وجه كل شخص، ولاحظ ما يظهر عليه من تعبيرات. تواصل بالعينين مع المتحدث أياً كان.

سوف تشعر بزيادة التركيز والتفاعل مع الآخرين، وتنتبه إلى أمور يفقدك إياها القلم والورق.

لا شك أن لتدوين الملاحظات قيمته الخاصة، لكن ليست هناك حاجة أيضاً ليصير أسلوبك في العمل، وإذا احتجت إلى تدوين ملاحظات لأغراض عملية، فتوقف مؤقتاً على فترات منتظمة لتراقب ما يدور حولك.