التهاب البلعوم
إن أغلب الأطفال الذين يراجعون العيادات الخارجية في المستشفيات أو المراكز الصحية، وهم يعانون من حرارة مع وعكة صحية، يقال لهم بأن عندهم (بلاعيم. !!(
في الحقيقة: إن التهاب اللوزتين، أو البلعوم، عند الأطفال، هو جزء من مجموعة التهابات تطال الأعضاء التنفسية العلوية، ابتداء من الأنف إلى الحلق والبلعوم واللوزتين وحتى القصبات الهوائية ..إلخ.
ونحن عندما نقول: التهاب البلعوم الحاد مثلا، إنما نعني به التهاب المجاري التنفسية العلوية هذه، مع تركز الإصابة في منطقة الحلق Throat. وعندما نقول: التهاب اللوزتين الحاد، فإنما نعني به ما سبق، مع تركز الإصابة في منطقة اللوزتين الحلقية Facial Tonsils. وهكذا...
وعلى هذا الأساس نقول: بأن التهاب البلعوم الحاد، أو التهاب اللوزتين الحاد، إذا كانا هما المقصودين، أحدهما، أو كليهما، بمصطلح (بلاعيم)، فهما غير شائعين عند الأطفال تحت السنة الأولى من العمر.
والصحيح: أن التهاب البلعوم الحاد، هو مرض الأطفال في سن المدرسة، حيث يبلغ قمة حدوثه في عمر 4-7 سنوات، ويستمر خلال مرحلة الطفولة والشباب، وهو إن حدث في الطفل فلا علاقة له البتة باللوزتين، بمعنى: أن وجود اللوزتين أو عدمهما، لا يؤثر، لا على قابلية الطفل للإصابة، ولا على سير المرض ومضاعفاته.
يحدث التهاب البلعوم الحاد في الأطفال بسببين:
- الأول: فيروسي، وهو الغالب، حيث يشكل نسبة لا تقل عن۸۰-85% من الحالات.
- والثاني: جرثومي، ونسبته لا تزين على 15٪ من الحالات، والجرثومة المعنية في الغالب هي المكورات السبحية Group A – beta-hemolytic streptococcus.
ومن هنا فإن الصورة السريرية للمرض تختلف بحسب العامل المسبب. فإذا كان السبب فيروسيا: فغالبا ما تكون بداية المرض تدريجية، على شكل حرارة وتعب عام، مع فقدان الشهية للطعام، وغالبا ما يشكو الطفل من ألم في منطقة الحلق.
ومن الدلائل على كون المرض فيروسي، ترافق الإصابة مع أعراض الرشح المعروفة.
وإذا فحصنا فم الطفل في هذه المرحلة فإننا نجد احمراراً في الغشاء المخاطي، مع بعض التقرحات فيه. أما اللوزتان Tonsils فغالبا ما تكبران، أو تكونان محمرتين، ومغطاتين بطبقة متسخة من الإفرازات.
وأما الغدد اللمفية Lymphnodes فتكبر أحيانا، وخاصة في منطقة الرقبة، وتكون مؤلمة بالجس.
التهاب البلعوم الفيروسي:
التهاب البلعوم الفيروسي: مرض بسيط، وذو شفاء ذاتي، إذ غالبا ما تزول أعراضه في غضون 24-48 ساعة، ويندر أن يبقى لأكثر من خمسة أيام، كما تندر فيه المضاعفات.
وأما إذا كان السبب جرثوميا: فالأمر يختلف تماما، فهو أولا يندر في الأطفال دون عمر السنتين، كما أنه قد يتظاهر بأعراض غير نموذجية، مثل: الصداع، والتقيؤ، وألم البطن، فضلا عن الحرارة التي قد تصل إلى 40 درجة مئوية، وبعد ساعات قليلة من هذه البداية غير المتوقعة، تبدأ أعراض الحلق بالظهور، حيث يبدأ الحلق بالتقرح، ويكون مؤلما، ومترافقا مع صعوبة البلع وحتى الكلام!
بقي السؤال الأكثر أهمية، وهو: كيف نعالج هؤلاء الأطفال؟
وللإجابة نقول: بما أن أغلب حالات التهاب البلعوم الحاد هي فيروسية، وذات شفاء ذاتي، فيجب على الطبيب أن لا يسرف كثيرا في استخدام المضادات الحيوية. !!
ولكن، كيف للطبيب الذي يعمل في المناطق الريفية مثلا، والذي لا يمتلك إلا سماعته الطبية لتشخيص المرض، حيث لا زرع جرثومي، ولا تحليلات مصلية.
أقول: كيف للطبيب أن يفرق بين الشكل الفيروسي البسيط، والذي لا يحتاج إلى علاج، وبين الشكل الجرثومي الخطير، الذي إذا لم يعالج بصورة حازمة، فربما ترك في الطفل مضاعفات خطيرة مثل: روماتزم القلب، والتهاب الكلى، وغيرها. !!!؟
علاج التهاب البلعوم:
وهنا يأتي دور الخبرة والتدريب الناجح، بعد التوكل على الله، فكلما كان الطبيب حاذقا، ومدربا، ومتأنيا في الفحص، كلما كان تشخيصه دقيقاً. وإذا وضع التشخيص الدقيق، فالعلاج سهل وبسيط.