لم تعد عبارة "صنع في الصين" تحمل نفس معناها القديم. كانت الأعمال اليدوية للمواطنين البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة تعتبر الميزة التنافسية الوحيدة في الاقتصاد العالمي. وبينما غضت التجارة الأمريكية بصرها عن العمالة الصينية، وأصبحت القوة العاملة الماهرة المتنامية للدولة تمثل أكبر تهديد تنافسي للتجارة الأمريكية اليوم.
كيف حدث ذلك؟
"هناك تغاض عن واردات وول مارت السنوية بقيمة 25 مليار دولار في صورة بضائع من الصين" هذه أخبار قديمة. اليوم، الصين تمتلك العمال المطلعين القادرين على تولي قطاعات مثل المالية، والاتصالات، والكمبيوتر. هل أنت مندهش؟ لا يجب أن تكون كذلك. في عام 2004، دفعت شركة الكمبيوتر الصينية العملاقة لينوفو Lenovo مبلغ 1.25 مليار دولار لشراء الشركة العالمية لصناعة الأجهزة الحاسبة أي بي إم IBM.
في 2005، تدافع المستثمرون الأمريكيون ليحصلوا على نسبة في الاكتتاب العام الأولي الأكبر لعام 2005، وكان لبنك صيني مبلغ قيمة أصوله 521 مليار دولار. هذا الاكتتاب العام الأولي سجل أول مؤسسة مالية صينية كبري تطرح أسهما في الخارج.
وعلى الرغم من ضخامته، إلا أنه ثالث أكبر بنك في الصين. رغم أن توازن القوة الاقتصادية لم يتحول بالكامل، فإنه ليس سرا أن الصين هي الدائن الأكبر – بل والوحيد – لأمريكا. إن العملاق النائم كان يتقلب حقا.
بعد أعوام قليلة، قرر الباحثون في "تالنت سمارت" أن يعرفوا دور الذكاء العاطفي في التحول الهائل للصين من كونها موردا ضعيفا إلى قائد في المعرفة. لقد أمضينا صيف 2005 في قياس حاصل الذكاء العاطفي ل 3000 من أفضل المديرين التنفيذيين في الصين. قامت اكتشافاتنا المفاجئة بتوضيح المكونات السرية لنجاح الصين الاقتصادي، وتهديدها الخطير لقدرة أمريكا على المنافسة في الأسواق العالمية على الانضباط؛ بلغ متوسط المديرين التنفيذيين الأمريكيين 15 نقطة أقل من نظرائهم الصينيين في إدارة الذات، وإدارة العلاقات.
كان المديرون التنفيذون الصينيون الذين شاركوا في البحث يتمتعون بمواهب أهلية. كان جميع ال 3000 عبارة عن مواطنين من القطاعين العام والخاص الذين خضعوا ل اختبار تقييم الذكاء العاطفي باللغة الصينية. كانت نتائجهم في الوعي الذاتي والوعي الاجتماعي – رغم ارتفاعها بنقاط قليلة عن العينة الأمريكية – مماثلة من الناحية الإحصائية لنتائج المديرين الأمريكيين؛ هذا يعني أن المديرين التنفيذيين في البلدان لديهم نفس الوعي بالمشاعر لأنفسهم وللآخرين، لكن المديرين التنفيذيين الصينيين يستخدمون هذا الوعي لصالحهم. والأعمال أبلغ من الأقوال.
إن المديرين التنفيذيين الصينيين يعيشون الخصائص التي يسمح الأمريكيون لقسم الموارد البشرية أن يضعها في نموذج الكفاءة. يحب القادة الأمريكيون شكل هذه السلوكيات على الورق، لكنهم لا يتجهون إلى تنفيذ الأقوال. التملق يبدو وكأنه الطاقة الوحيدة التي يستعد الأمريكيون لبذلها في السعي وراء الملاحظات، أو العمل معا كفريق، أو التعرف على نظرائهم، أو في الوفاء بالتزاماتهم.
إن تحول الأعمال لأمر شخصي ليس بالشئ الجديد في الصين. يقوم المديرون التنفيذيون عادة بإدراج اجتماعات عشاء مع موظفيهم لمناقشة توجهات العمل، والتطلعات المهنية، والأسرة. يتوقع الناس من قادتهم أن يقدموا مثالا بارزا في كيفية اتخاذهم للقرارات، وتواصلهم مع الآخرين، وتحسنهم. هناك خزي حقيقي في عدم الوفاء بتلك المهام لأن الناس يهتمون حقا بتلك الأمور.
الآثار المترتبة على بقية العالم واضحة: انتبهوا لإدارة المشاعر، أو تحملوا العواقب. سواء بالنسبة للدول التي تحاول الحفاظ على أفضليتها التنافسية الحالية في الاقتصاد العالمي أو بالنسبة للدول التي يرتفع نجمها، لا يمكن المبالغة في تقدير العلاقة بين الذكاء العاطفي والرخاء الاقتصادي. يبدو أن الصين لها أفضلية بسيطة هنا بسبب الثقافة التي نشأ فيها المديرون التنفيذيون الصينيون.
إذا نشأت في ثقافة تكون فيها الفورات العاطفية والإشباع الذاتي الطائش ليسا فقط مثبطين ولكنهما أيضا مسببان للخزي الشخصي، ستؤثر هذه التربية على الطريقة التي تدير بها نفسك والآخرين. كما ناقشنا سابقا، الذكاء العاطفي السريع التأثر بالسطوة الثقافية. السؤال هنا هو هل الثقافة ستعزز، أم ستمنع سلوكيات الذكاء العاطفي؟
هناك مثل صيني قديم يقول: "أعط الرجل عصا، وسيصطاد سمكة كل أسبوع. أخبره أي طعم يستخدم، وسيصطاد سمكة كل يوم. أره كيف وأين يصطاد، وسيكون لديه سمك يطعمه مدى الحياة". الوجه الآخر لهذا المثل هو: شخص بدون عصا، وبدون طعم، وبدون معرفة كيف وأين يواجه خطر المجاعة. على نحو مماثل، الأشخاص الجاهلون عاطفيا الذين لا يجيدون فهم كيف وأين تؤثر المشاعر في حياتهم سيمرون بوقت عصيب جدا في الترنح حول النجاح.
على الجانب الآخر، الأشخاص الذين يستخدمون الأدوات والاستراتيجيات المناسبة للاستفادة من مشاعرهم يضعون أنفسهم في مواقع النجاح. تنطبق هذه الحقيقة على الأفراد، والمنظمات، وحتي الدول بأكملها.