لقد بدأت الهجرة الجماعية لمواليد نهاية الحرب العالمية الثانية من أماكن العمل. وفقا للمكتب الأمريكي لإدارة شئون الأفراد، بين عام 2006و2010 سيتسبب تقاعد الموظفين الكبار في حرمان الشركات الأمريكية من حوالي 290.000 موظف متفرغ ذي خبرة.
الشعر الأبيض، وصندوق معاشات التقاعد، والذكريات الشخصية لمحاولات اغتيال كينيدي ليست فقط ما سيخسرها محرك الاقتصاد المكافح عندما يتقاعد هذا الجيل إلى حياة هادئة.
هذا الجيل يتقلد معظم المناصب القيادية في أماكن العمل، وسيخلق تقاعدهم فجوة في القيادة، والتي يجب أن تملأ عن طريق الأجيال التالية. السؤال هو هل خلفاء هذا الجيل على مستوى التحدي.
لقد أردنا اكتشاف ذلك. لقد قمنا بتقسيم نتائج الذكاء العاطفي إلى أربعة أجيال في أماكن العمل اليوم، الجيل Y (18-30 سنة)، والجيل X (31-43 سنة)، ومواليد نهاية الحرب العالمية الثانية (43-61 سنة)، والمتمسكون بالتقاليد (62-80 سنة).
عندما نظرنا إلى كل واحدة من مهارات الذكاء العاطفي الأساسية بشكل منفصل، ظهرت فجوة كبيرة بين جيل مواليد نهاية الحرب العالمية الثانية والجيل Y في إدارة الذات. باختصار، جيل مواليد الحرب العالمية الثانية أقل عرضة لفقدان صوابهم عندما تخرج الأمور عن سيطرتهم بصورة أكبر من الأجيال الأصغر.
قد لا يبدو أن هذا يخلق أي سبب حقيقي للقلق. فرغم كل شيء، فإن التقاعد أصبح حقيقة حياتية منذ أن وقع الرئيس فرانكلين روزفلت قانون الضمان الاجتماعي. إن الجيل الذي قام بتعيين دينيس هوبر كمتحدث غير رسمي لهم أثبتوا أنهم قادرون على أداء مهام العمل ذات الأحجام الجبارة للجيل الأعظم. إذن كم سيكون الأمر صعبا على القادة المنتظرين ليأخذوا مكان هذا الجيل؟
بدون مهارات إدارة الذات الجيدة، قد يكون الأمر أصعب بكثير مما نتوقع. بالطبع، بينما يختلف توجه الجيل Y عن توجه جيل نهاية الحرب العالمية الثانية، سيجادل الكثيرون أن هذا التوجه ليس أسوأ. في الحقيقة، عندما تضع في اعتبارك معرفة وخبرة الجيل Y بالتكنولوجيا، ستجدهم متقدمين على أسلافهم في عصر المعلومات. على الرغم من ذلك، يجب أن يكون الأمر قد وضح الآن أن القيادة تتطلب أكثر من كونك موسوعة ويكيبيديا متحركة؛ ذلك إذا كان جيل Y غير قادرين على إدارة أنفسهم، فكيف نتوقع منهم أن يديروا الآخرين؟!.
في "تالنت سمارت"، حاولنا كثيرا مناقشة التفسيرات الممكنة لهذه الفجوة بين الأشخاص ذوي الخبرات والشباب. كان أحد الاحتمالات هو أن التواجد في عصر ملئ بألعاب الفيديو. والإشباع الفوري للإنترنت، والآباء المستهترين، قد خلق جيلا من العاملين الصغار المنغمسين في الملذات والذين لا يستطيعون إخفاء مشاعرهم في المواقف الحرجة. رغم ذلك، لم نقتنع.
عندما نظرنا للبيانات من زاوية أخرى، أصبحت الصورة أوضح. يبدو أن مهارات إدارة الذات ترتفع بثبات مع العمر؛ أحرز من هم في عمر ال60 نتائج أفضل ممن هم في عمر ال50، والذين – بالتالي - قد أحرزوا نتائج أفضل ممن هم في عمر ل40، وهكذا. هذا يعني أن مهارات إدارة الذات الناقصة عند الأجيال الأصغر ليس لها علاقة وثيقة بالأشياء التي لا نستطيع تغييرها مثل تأثير النشأة في عصر الآي بود وماي سبيس. بدلا من هذا، لم يحظ الجيل X والجيل Y بحياة تسمح لهم بممارسة إدارة مشاعرهم. هذه أخبار جيدة؛ لأن الجيل Y ما تزال أمامه الفرصة للممارسة. إن الرجوع بعقارب الساعة، وتغيير طريقة تربيتهم قد يكون شيئا معقدا.
هذا الاكتشاف يوضح الكثير عن الطبيعة المرنة للذكاء العاطفي مثلما يوضح الاختلافات بين الأجيال. من خلال الممارسة، يستطيع أي شخص – والكثيرون يفعلون ذلك – أن يصبح أكثر مهارة في التقاط المشاعر وإدارتها. إن تنمية هذه المهارات تستغرق وقتا، لكن القليل من المجهود الواعي قد يقلل هذا الوقت إلى جزء صغير مما يستغرقه في العادة. إن واحدة من السمات المميزة للجيل Y هي قدرتهم الهائلة على استيعاب المعلومات الجديدة واكتساب المهارات الجديدة. هذا يعني أن الأمر متروك لكل فرد في أن يقوم بجمع المعلومات الضرورية لإسراع نسبة تقدم ذكائه العاطفي.
بالنسبة لأفراد الجيل Y، يكون الخيار أمامهم هو إما أن يتركوا سنوات الخبرة تأتي في دورها (أن ينتظروا حتي يبلغوا ال50 ليسيطروا على مشاعرهم) أو أن يتولوا تطوير أنفسهم. إذا اختار أفراد الجيل Y ذلك، يمكنهم البدء الآن. عندما يبلغون ال30 من عمرهم، سيصبحون مهيئين للقيادة مثل المتمرسين.
مع تقاعد الأجيال القديمة الآن أو لاحقا، لن يكون الشباب في العشرينيات من العمر فقط قادرون على تحضير أنفسهم لأدوار القيادة: بل يجب عليهم أن يفعلوا ذلك.
إن هؤلاء الشباب من الجيل Y الذين يبذلون الوقت والجهد ليدربوا أنفسهم على مقاومة الرغبة في الكلام عندما لا يساعد هذا في حل الموقف، والذين يحافظون على خطوط الاتصال مفتوحة حتي عندما يكونوا غاضبين، هؤلاء هم من يستحقون أن يشغلوا مواقع القيادة في منظمات المستقبل.
مع تلك المواقع لن يحصلوا فقط على أجور أفضل، ولكن أيضا القدرة على صنع التغييرات التي يرغب الجيل Y في رؤيتها بشدة في جميع أنحاء العالم من حولهم.