عندما قامت شركة "تالنت سمارت" TalentSmart بإصدار اختبار تقييم الذكاء العاطفي ، كان الذكاء العاطفي لا يزال يترسخ في عقول كبار رجال الأعمال، والمحترفين الآخرين، وأي شخص أراد – ببساطة – أن يقود حياة أكثر سعادة وصحة.
عن طريق قياس حاصل الذكاء العاطفي، وتوضيح كيف يمكنهم التحسين في ضربة واحدة، أصبح اختبار تقييم الذكاء العاطفي التي اكتشفوها مجددا إلي علاقات معززة، وقرارات أفضل، وقيادة أقوي، وفي نهاية المطاف، شركات أكثر نجاحا.
في "تالنت سمارت" شاهدنا مئات آلاف الأشخاص من القمة إلى القاع في المنظمات يخوضون رحلة الوصول إلى حاصل أعلى من الذكاء العاطفي.
إن مجال تطوير مهارة الذكاء العاطفي قد ازدهر حقا منذ حين، ولقد أولينا اهتماما خاصا لتتبع المشهد المتغير على طول الطريق.
ما اكتشفناه في دراساتنا أدهشنا أحيانا، وشجعنا في أغلب الأحيان. ما بقي ثابتا خلال اكتشافاتنا هو الدور الحيوي المهم الذي تلعبه مهارات الذكاء العاطفي في البحث عن قيادة حياة شخصية ومهنية سعيدة، سليمة ومنتجة.
على نحو أكثر تحديدا، لقد ألقي بحثنا ضوءا جديدا على صراع الأجناس، والفجوة بين الأجيال، والبحث عن التقدم المهني والوظائف ذات الدخل المرتفع، وكذلك أيضا دلنا على الدول المستعدة للنجاح المستقبلي في الاقتصاديات العالمية المتصاعدة. كل هذا يزيد الآمال للأشخاص الذين يتطلعون لزيادة مهارات الذكاء العاطفي لديهم.
ذوبان القطبين: الذكاء العاطفي الآن، وآنذاك
في نهاية عام 2008، ألقينا نظرة جيدة لنرى كيف نغير مجموع الذكاء العاطفي لسكان الولايات المتحدة منذ عام 2003، وعلى الرغم من أننا لم نكن مندهشين من رؤية من اختبرناهم وعلمناهم وهم يحسنون من حاصل ذكائهم العاطفي، إلا أننا شعرنا بالاهتمام لمشاهدة نتائج حاصل الذكاء العاطفي للمبتدئين وهي ترتفع مه كل عام يمر. واستمر الارتفاع، عاما تلو الآخر، ونتائج حاصل الذكاء العاطفي للأشخاص الذين لم نختبرهم أو نعلمهم قد حققت ارتفاعا بطيئا ومعتدلا. لقد اكتشفنا ارتفاعا جوهريا في الذكاء العاطفي للقوة العاملة الأمريكية بين عام 2003 وعام 2007.
قد يشعر المتشككون برغبة في النظر إلى الرسم البياني، والتفكير ما هو الأمر المهم؟ إنه مجرد ارتفاع بأربعة نقاط في خمسة أعوام! لكن فكر في تأثير ارتفاع درجات الحرارة الذي يبدو بسيطا – مثلا درجة أو درجتين – على نظامنا البيئي. نفس الشئ صحيح بالنسبة للسلوك الإنساني في أماكن العمل، حيث تبدأ أقطاب الذكاء العاطفي المتجمدة في الذوبان.
بمجرد أن نلتقي نظرة قريبة على التغييرات الواضحة التي خلقتها المكاسب الكبيرة للذكاء العاطفي، تظهر القوة الحقيقية للتحول. في الخمسة الأعوام الماضية، رأينا نسبة الأشخاص المنسجمين بقوة مع عواطفهم الخاصة وعواطف الآخرين ترتفع من 13.7% إلى 18.3%. خلال تلك الفترة، انخفضت نسبة الأشخاص الذين لا يجيدون فهم كيف يؤثر القلق، والإحباط، والغضب على سلوكهم من 0,31% إلى 0,14% عندما تطبق هذه النسب على ال 180 مليون شخص الذين يمثلون القوة العامة في أمريكا، فهذا يعني أن 9 ملايين شخص اليوم أكثر من 2003 يحافظون على هدوئهم خلال النزاعات الساخنة؛ ويظهر 9 ملايين شخص حرصهم على زملائهم في العمل وعملائهم عندما يمرون بأوقات عصيبة؛ و25 مليون شخص أقل غير مدركين لتأثير سلوكهم على الآخرين.
إن ما يجعل هذا الاكتشاف مميزا جدا هو أنه قبل إجراء الاختبار، تلقي عدد ضئيل جدا من الأشخاص – هذا إن وجد – في عينة الاختبار تدريبا رسميا على الذكاء العاطفي. مع ذلك ارتفع متوسط نتائج حاصل الذكاء العاطفي بثبات من عام لآخر. لقد بدا وكأن الأشخاص الذين يمارسون سلوكيات الذكاء العاطفي عن عمد ينقلون العدوى للآخرين الذين قد لا يكونون سمعوا عن هذا المفهوم من قبل.
إن مهارات الذكاء العاطفي – مثل العواطف نفسها – ناقلة للعدوى. هذا يعني أن مهارات ذكائنا العاطفي تعتمد بشكل كبير على الأشخاص والظروف التي تحيط بنا. كلما تعاملنا مع أشخاص متعاطفين أصبحنا أكثر تعاطفا.
كلما أمضينا وقتا أطول مع أشخاص يعبرون عن مشاعرهم بصراحة أصبحا أكثر مهارة في تحديد وفهم المشاعر. هذا بالتحديد ما يجعل الذكاء العاطفي مهارة مكتسبة بالتعلم، وليس عادة مترسخة ينعم بها القليل من المحظوظين عند الولادة.
لكن هنا تنتهي الأوقات السعيدة. في عام 2008 – وللمرة الأولي منذ بدايتنا في تتبعه – انخفض مجموع الذكاء العاطفي، مؤكدا كم أن هذه المهارات عرضة للتغيير.
لقد حدد خبراء الاقتصاد الفيدراليون شهر ديسمبر من عام 2007 كبداية لأسوأ اقتصاد في الولايات المتحدة من 70 عاما، مما يعني أن عام 2008 لم يشهد يوما واحدا من دون ركود اقتصاد. إن هذه الانتكاسة في مهارات الذكاء العاطفي بين عامي 2007 و 2008 هي نتيجة لأزمات الاقتصادية. إن الأوقات العصيبة – سواء كانت مالية، أو أسرية، أو متعلقة بالعمل – تخلق مشاعر سلبية ممتدة تؤدي في نهاية الأمر إلى التوتر. بالإضافة إلى التكلفة الجسدية للتوتر – مثل زيادة الوزن وأمراض القلب – الذي يتسبب أيضا في إرهاق مواردنا العقلية.
في الظروف الخالية من التوتر، يمكننا – بوعي – أن نكرس مجهودا إضافيا لنبقي هادئين ورابطي الجأش خلال الاختبارات والمحن التي نمر بها في الحياة اليومية. نحن نكون أكثر ثقة في قدراتنا على معالجة الأحداث المفاجئة، ونسمح لعقولنا أن تتغلب على الأمور المزعجة. أما التوتر غير المدار – رغم ذلك – فيستهلك الكثير من تلك الموارد العقلية. إنه يختزل عقولنا في شيء أشبه بالقوانين العرفية حيث تقوم المشاعر وحدها بتوجيه تصرفاتنا، بينما تكون قدراتنا العقلية منشغلة بالأمور المعتادة. فجأة، يظهر إخفاق صغير في المشروع الذي تعمل عليه والذي عادة لا يكون أمرا مهما في الأوقات المزدهرة، ويبدو هذا الضرر البسيط وكأنه أشبه بالكارثة. بالنسبة لكثير من الناس، تتخلي عنهم مهارات الذكاء العاطفي، حينما يكونون في أشد الحاجة إليها، عندما يتعرضون للتوتر. يستطيع فقط الأشخاص الذين يتمتعون بمهارات الذكاء العاطفي المدربة جيدا. وذات الطبيعة الثابتة من اجتياز العاصفة بفاعلية.
يبدو أن هذا التوتر له تأثير ملحوظ على مجموع ذكائنا العاطفي. لقد انخفضت نسبة الأشخاص الذين يتمتعون بمهارات مرتفعة للذكاء العاطفي من 18.3% عام 2007 إلى 16.7% عام 2008. بعبارة أخرى، لقد فقدنا 2.8 مليون جندي ماهر في معركتنا من أجل العيش في مجتمع يتمتع بنسبة أكبر من الذكاء العاطفي. هذا يعني 2.8 مليون كان باستطاعتهم أن يكونوا منارات ترشد الآخرين لسلوكيات الذكاء العاطفي، ولكنهم بدلا من ذلك يصارعون من أجل الحفاظ على نشاط مهاراتهم الخاصة.