تتعرض أغلب التصاوير الجدارية التي تعود لرسامين كبار مثل غيوتو، في كنية، سکروفينيي، ببا دو، أو الرسومات الجدارية البيزنطية في اليونان، اليوم إلى خطر التلف. ويعود هذا الخطر إما إلى الرطوبة التي تتسرب عبر الجدران إلى الداخل، أو إلى الاختلافات في درجة الحرارة التي تنجم عن تدفئة الكنيسة من يوم الأحد، وبقائها باردة أيام الأسبوع الأخرى.

وبالإضافة لذلك هناك مشكلة الكميات المتنامية من ثنائي أكسيد الكبريت الموجود في الهواء، والناجم عن دخان المصانع والسيارات. ويؤثر هذا الدخان بشكل خاص على الصور الجدارية المرسومة على الملاط الجيري، الذي يتحول على مدى السنين إلى كربونات الكالسيوم.

وبفعل الرطوبة فإن ثاني أكسيد الكبريت يحول كربونات الكالسيوم إلى كبريتات الكالسيوم الذي يكبر حجماً من الكربونات، ولذلك فإن الجدران، وكذلك التصاوير الجدارية، تأخذ بالتحلل والنجعك بفعل الضغط والتمدد، وتعدد الحلول لهذه المشاكل، وتتوزع بين مجرد الحماية من الترشح المالي وتوفير الحرارة الملائمة إلى نزع اللوحة عن الجدار، وهو أسوأ الحالات.

والجدير بالذكر أنه في الزمن الذي رسمت فيه هذه اللوحات الجدارية، كانت هناك طريقتان متبعتان لذلك: إما بوضع الأصباغ المخلوطة بالماء فوق ألواح جمية مبللة، وإما بدهن هذه الأصباغ المخلوطة بالبيض، والحامض، والصمغ فوق ألواح ناشفة أو قاسية، فكيف ينزع الاخصائيون هذه الرسومات من دون تفتيتها؟

وتبني التقنية الأولية المعروفة على لصق قماشة أو بطانة فوق اللوحة ثم نزع طبقة رقيقة من الأصباغ تدريجياً بواسطة سكين دقيقة. وتفترض هذه التقنية أن يكون الصمغ الذي يلصق اللوحة بالقماشة أقوى من ذلك، الذي يلصق اللوحة بالجدار.

وبعد نزع طبقة الجص الزائدة فوق اللوحة، يتم تثبيت الأصباغ بشكل قوي. وهناك طريقة أخرى، تعتمد على نزع طبقة أكبر من الجص تحت اللوحة ثم الصاقها فوق لوح كبير. والجدير بالذكر هنا أن كلا الطريقتين تشبعان بمبدأ نزع الرسوم الجدارية قطعة وراء قطعة، وهو العمل الذي يتطلب عناية خاصة، بالإضافة إلى ترميم القطع قبل نزعها.

ومنذ بضع سنوات قامت ورشة ضخمة داخل كنيسة "بروتوثرونوس" على جزيرة اكوس اليونانية البعيدة، لحفظ أحد الآثار الثمينة، وقد قام الخبراء هناك بنزع رسم ضخم من على قبة الكنيسة من دون تقطيعه. وتعتبر تلك الورشة الأولى من نوعها في عالم حفظ التصاویر الجدارية الأثرية.

وكان الخطر الذي يتهدد تلك الرسمة والتي انجزها صاحبها مستعملاً التقنيتين المذكورنين سابقاً بتمثل في ترشح المياه، مما أدى إلى تقشر الأصباغ عن اللوحة. وكذلك فإن الشموع والبخور فعلا فعلها باللوحة، وتركا عليها طبقة من الدهن والسخام، لكن السبب الأساسي الذي حدا بالاختصاصيين إلى نزع اللوحة كان في أن تصويراً آخر يكمن تحتها، وكان قرار هؤلاء يقتصر على نزع اللوحة الأولى فقط، وهي عملية دقيقة جداً. ولذلك فقد صمموا على محاولة إنزال اللوحة ـ القبة بكاملها، من أجل حفظ شكلها وليونتها.

وكانت الخطوة الأولى لذلك تتمثل في تغطية سطح اللوحة بكامله بالقطن، بالإضافة إلى قماشة حمائية. وبعد ذلك قام الاختصاصيون بتخطيط اللوحة وفق دوائر ارتكازية وأقواس دائرية ضخمة. ثم ألصقوا أسلاكاً من مادة الستانلس ستيل ملفوفة بالقطن ومشبعة بالمادة اللاصقة على الخطوط الطولية والعرضية، وحيثما تقاطعت هذه الخطوط كان الفنيون يلحمونها ببعضها.

وفيها استعمل هؤلاء أسلوب الشد والقشط لنزع اللوحة، إلا أنهم لجأوا لحد المطاوي الصغيرة من أجل فصل المناطق منها بالقرب من فتحات النوافذ. بعد ذلك تولى العاملون بناء هيكل خشبي مرکزي، وضعوه عامودياً مباشرة تحت القبة. وقد تألف هذا الهيكل الضخم من عارضتين خشبيتين أفقيتين متقاطعتين، تتمركز نهاياتها الأربع عند فتحات النوافذ. ثم ربط الفنيون أطراف أسلاك حديدية رفيعة بالحبل من جهة والخطوط الطولية والعرضية المنشودة على مساحة اللوحة من جهة ثانية، وذلك عن طريق لواقط صغيرة تشبه حرف "S" بالانكليزية. وبعد ذلك فقد قام هؤلاء بشد الأسلاك المتقابلة على بعضها بواسطة عزقات تشبه سدادات الفناني.

مباشرة بعد فصل اللوحة الأولى عن الثانية تحتها، قام الاختصاصيون بإنزالها تدريجياً وفق نظام البكرات والرافعات المدعومة بالركيزة الأساسية، وبحبال تثبیت متصلة بنقاط عدة في الكنيسة. وبعد نزولها سالمة على الأرض، قام الفنيون بتفكيكها أخيراً استعداداً لإصلاحها وأضفاء اللمسات عليها.