كيف يتم جمع الكافيار
يرى الزائر لمقر شركة رومانوف للكافيار في تينيك، نیوجرسي، أول ما یری هيكلاً محنطاً لسمكة الحفش (Beluga)، كان أحدهم قد اصطادها في العام 1911، فوجده أنها تزن أكثر من الذي يأوند.
وكانت هذه السمكة في ذلك الوقت تعطي نحو 350 باونداً من الكافيار، بيع الباوند منه بقيمة عشرة دولارات. أما اليوم فإن هذا الصنف الثمين من السمك أصبح نادراً جداً، مما جعل ثمنه يرتفع إلى أرقام خيالية، تصل إلى 350 دولاراً للباوند الواحد. فإذا افترضنا أن تلك السمكة التي اصطيدت في العام 1911 كانت لا تزال حية اليوم، فإن ثمنها سوف يصل إلى 122500 دولارا.
ويعتبر الكافيار الأصلي، ذلك الذي يجمع بيضه ويملح من سمكة الحفش، أو من إحدى الأسماك التي تنتمي لفئتها. ويبلغ وزن إحدى أكبر أسماك الحفش، وهي سمكة البيلوغا معدل 800 باوند، وهي تحتاج لنحو 15 عاماً كي تنمو إلى هذا الوزن، ولكي يباع بيضها بأغلى الأثمان، أما سمكة الـ "أوزرتا"، وهي أصغر قليلاً من البيلوغا، وسمكة الـ "سفروغا" وهي أصغر الأسماء المنتمية إلى صنف إفش، فهي تحتاج إلى ما بين الثماني والعشر سنوات لكي تصل للحجم المطلوب. ويشكل البيض عادة ما بين 15 و20 بالمئة من وزن السمكة الأصلي.
ويتم اصطياد سمك الحفش بواسطة الشباك الضخمة (ولو ان الأسماك ذات الحجم الكبير منها تمزق الشباك وتتحرر منها). ويعتبر مصطادوها من أكثر الصيادين خبرة في هذا المجال. . وحالماً يدخل الصيادون بالأسماك إلى الشاطيء، تبقر بطونها ويستخرج منها البيض تحت اشراف "معلم الكافيار".
وأول ما يفعله هذا الاختصاصي هو أنه يفصل البيض عن الجيوب المعوية فوق شبكة مسلكة، وينظفها، ويقرر حول كمية الملح اللازمة، وهو قرار مهم جداً. فالمعلوم أن أجود أنواع الكافيار تتطلب أقل كمية ممكنة من الملح، وهو ما يقصده الروس بكلمة "مالوسول". ومن هنا يمكن القول إن البيلوغا مالوسوله و"السفرروغا مالوسول" هي الرقم واحد في عالم الكافيار.
والجدير بالذكر هنا أن الألات لا تتدخل أبداً في هذه العملية، فالأيدي فقط تتعامل مع هذا البيض القابل للتفتت. ومع أن شركة رومانوف لا تشتري سوي الكافيار، إلا أن ما يتبقى من السمكة تشتريه شركات أخرى، وتتولى بيعه في السوق طازجاً، أو مجلداً أو مدخناً.
من جهة أخرى، فإنه عندما يصل مجموع الكافيار إلى مقر الشركة، يخضع أولاً لفحص دقيق من قبل كبير الذواقين لديها، وأسمه ارنولد، مع أنسن ستیرم، وهو خامس رئيس للشركة منذ إنشائها. ويقوم هذا الذواقة بتفحص الكافيار نظرياً أولاً (ولو أن اللون لا يذل بالضرورة علي الجودة)، ثم يشم بعض العينات، ولو انه يفضل عدم الاقتراب إلى هذا الحد من العينات.
أما الفحص الأهم فهو التذوق. والجدير بالذكر هنا أنه عندما يذهب انمين د. مشیرم في إجازة، فإنه لا يعطي صلاحية التذوق إلا لأحد موظفي الشركة الروس، من الذين أمضوا أكثر من أربعين سنة لديها.
وبعد ذلك ترسل الشركة بعض العينات من الكافيار إلى المختبر لفحصها خوفاً من بعض المواد الملونة، مثل الزئبق، وغيرها، وذلك تطبيقاً لقوانين إدارة التغذية والأدوية. ومن حسن حظ محبي الكافيار أنه إذا ما كانت السمكة تعيش في مياه ملوثة، فإن العدوی تستقر في طبقة اللحم الدهنية تحت الجلد مباشرة، ومن النادر أن تصيب البيض.
ويباع أجود أنواع الكافيار طازجاً ومملحاً، أما غير ذلك فهو يخضع لعملية تعقيم خاصة ويعلب في حاويات مفرغة من الهواء ومحكمة الاغلاق، وتظل هذه الأخيرة صالحة لمدة سنة أو سنتين بالاكثر، فيها الكافيار الطازج يفسد خلال بضعة أسابيع فقط.
ويظن البعض منا إن بحر قزوين هو المصدر الرئيسي للكافيار ولسمك الحفش، وهو أمر صحيح، إلا أنه منذ قرن فقط تبين أن نهر دلاوير وأنهر أخرى في الولايات المتحدة تضم سمك الحفش. وكان الغرض الرئيسي من إنشاء شركة رومانوف في البداية هو تصدير الكافيار إلى أوروبا، بمعدل 300 ألف باوند بالسنة. وقد أدى هذا إلى خفض منسوب السمك من هذا الصنف.
والآن، مع توقف تصدير الكافيار من إيران، وتهديد أسماك الحفش في بحر قزوين بالنفايات الصناعية، فإن أسهم صناعي الكافيار في الولايات المتحدة آخذة بالارتفاع. ويتم حالياً اصطياد اسماك الحفش التي تزن حوالي 250 باونداً في المحيط الاطلنطي، ونهر كولمبيا، وأنهر داخلية أخرى.
ومع أن نوعية كافيار الخفش لا تضاهيها أية نوعية أخرى، إلا أن أختلاف السعر يعتبر حافزاً لدى الناس لابتياع الأصناف الأخرى، ولذلك نجد في الأسواق انواع مختلفة من الكافيار المستخرج من السمك الكبير في كندا، والنروج، وأيسلاندا، أو من سمك السلمون في الاسكا. ومع أن لون هذا الكافيار يكون زهرياً، إلا أنه يصبغ باللون الأسود لكي يشبه بيض الحفش والسلمون.