كيف يُحتسب الناتج القومي العام؟
يعتبر الناتج القومي العام (GNP) الدالة الأساسية لتقدم النشاط الاقتصادي في دولة ما. ويعرف هذا الناتج بأنه مجموع القيمة المالية لكامل المنتجات النهائية والخدمات خلال فترة معينة من الزمن، تقدر عادة بسنة.
وتقاس القيمة المالية لأية سلعة بقيمتها في السوق، أو ما يرغب المستهلك بدفعه مقابلها. وبإمكان أي مستهلك مثلاً أن يدفع مبلغ 30 دولار مقابل زوج أحذية، رغم ظنه أنه يساوي أكثر من ذلك؟
کما بإمكان هذا المستهلك نفسه أن يعتقد أنه دفع أكثر مما يساوي زوج أحذية مصنوع من جلد مقلد رخیص؛ إلا أن اعتقاده هذا في الحالتين لا يقدم ولا يؤخر. فالمبلغ الذي دفعه فقط مقابل زوج الأحذية هو الذي يضاف على الناتج القومي العام.
والآن، فإننا عندما نتحدث عن المنتج النهائي، فإننا نقصد بذلك المنتج الذي ابتاعه المستهلك نفسه. بمعنى أن عمليات البيع الوسيطة لا تحتسب في الناتج العام. ولو حدث واحتسبت لأصبح الناتج الاقتصادي مضاعفاً وأكثر.
وعلى سبيل المثال، فإن عملية شراء شركة الغاز لتلك المادة من الشركة التي تستخرجه لا تدخل ضمن الناتج القومي. فقط عملية مبيع الغاز من الشركة إلى المستهلك هي التي تحتسب.
وبالمنطق نفسه، يمكن القول إن قيمة الناتج القومي العام تعكس قيمة البضائع والخدمات التي حصلت في سنة معينة. فإذا أقدم أحدهم مثلاً على شراء سيارة فورد من طراز 1970 بسنة 1980، فإن هذه العملية أيضاً لا تحتسب وكذلك الحال بالنسبة لعملية شراء أو بيع منزل، إلا أن الناتج العام في هاتين الحالتين يتضمن الربح الذي جاء وكيل شركة بيع السيارات، وكذلك العمولة التي تقاضاها الدلال الذي أشرف على عملية بيع المنزل.
وكذلك الأمر، فإنه ليس بإمكان أخصائيي الأحصاء أن يضيفوا إلى الناتج العام قيمة البضائع والخدمات التي لا تمر عبر السوق النظامية، أي مثلاً أموال القمار غير المشروع في شيكاغو ولكن ليس في لاس فيغاسی)، أو الأموال العائدة من عمل يؤديه الانسان لنفسه في وقت فراغه.
ولكن ماذا عن البضائع التي تنتجها شركة ما ولا تبيعها، أو تخزنها في مستودعاتها؟ والواقع هو أن هذه البضائع تضاف إلى القيمة الإجمالية للناتج القومي وكأن هذه الشركة ابتاعت بنفسها البضائع التي أنتجتها.
وتطرح المنتوجات الاستثمارية مشكلة إضافية، والآلات والمعدات التي تستخدمها مصانع الإنتاج لا تباع إلى المستهلك، ولكنها على أي حال تعتبر منتجات نهائية، تستعملها الشركات التي ابتاعها۔
وتكون الوسيلة المعروفة لقياس الناتج القومي العام هي بإضافة الكميات الأربع التالية:
- استهلاك المنتجات النهائية والخدمات.
- الاستثمار الإجمالي المحلي الخاص، وهو يضم استثمارات الشركات في المصانع والمعدات ومعدات البناء، واستثمار البضائع.
- المشتريات الحكومية وهي تضم مرتبات الموظفين الحكومين، والمشتريات العسكرية وآلات الطباعة في المكاتب الحكومية، وغيرها. لكن ذلك لا يشتمل على الأموال المنقولة والتي تشكل الجزء الأكبر من الإنفاق الحكومي، والتي هي مجرد عملية نقل الأموال من مصدر لأخري مثل الهيئات الحكومية، والضمان الاجتماعي، وتعويضات المعطلة والمساعدات العامة.
- صافي الصادرات، أي الصادرات الإجمالية ناقص الواردات.
والجدير بالذكر أن عملية الحصول على هذه الأرقام الأربعة هي عملية مختلفة تماماً. وتتوفي مجموعة من الخبراء العاملين لدى قسم الدخل القومي والثروة الوطنية التابع لمكتب التجارة والتحليل الاقتصادي الأميركي، بتجميع هذه الأرقام الضخمة على أساس شهري أو سنوي وتعتمد هذه المجموعة في عملها بشدة على الوكالات الأخرى، مثل مكتب الإحصاء الذي يضم آلاف الموظفين، وعلى الدراسات الوطنية المسيحية.
ويقوم مكتب الإحصاء كل خمس سنوات (أي السنوات التي تشتهي أما برقم 2 أو 7) بأرسال استمارات استطلاعية إلى باعة الجملة والمفرق، والصناعيين، وشركات البناء والصناعات الزراعية، وغيرها، من أجل الحصول على معلومات مكثفة حول طبيعة المواد المنتجة وكمياتها، وحول عمليات الشراء والبيع الوسطية والنهائية.
وتؤمن هذه المعلومات الإحصائية الأساس لعناصر الناتج القومي، إلا أن هذه الأرقام الخمسية (كل خمس سنوات لا تكفي وحدها لإبقاء الخبراء الاقتصاديين، والسياسيين، ورجال الأعمال، والمواطنين العاديين، على اطلاع على القيمة الإنتاجية للدولة، ولهذا فإن معلومات إضافية تجمع سنوياً، أو على فترات دورية، تتراوح بين 15 يوماً، و45 يوماً، و15 يوماً. وبشكل عام، فإن المعلومات المجمعة على ملی شهر وشهرين تدخل في تقدير أن فترة إلى 15 يوماً، فيها أن فترة الى 45 يوماً تحتاج إلى ما يقارب الثلاثة الأشهر، وفترة ال 35 يوماً تتطلب الإحصاءات الربيع سنوية.
وفيما يتعلق بمجال نفقات المشتريات الفردية، فإن غرفة التجارة تستفي أغلب معلوماتها من نشرة مكتبة الإحصاء التجارية الشهرية ومن مصادر تجارية أخرى، مثل المنشورات التجارية.
فمن أجل تقدير حجم مبيعات السيارات الجديدة مثلاً، يقوم خبراء الاحصاء بتسجيل المبيعات الفردية كما يستقونها من المصادر التجارية على مدى ثلاثة أشهر والمعلوم عنا أن معاليه المبيعات الفردية على مدى شهرين بعطي تقدير ان فترة إلى 35 يوماً، فيها إن معدل المبيعات في ثلاثة أشهر يعطي تقديرات فترة ال 45 يوماً.
ويرتكز معدل المبيعات الفردية على لائحة المصادر التجارية، وعلى أرقام دائرة الإحصاءات العمالية، هذا ويتم تقدير حجم المبيعات إلى القطاع العام إلى الشركات بشكل منفصل، ثم تطرح هذه التقديرات من بعضها للوصول إلى حجم المبيعات الفردية، وكذلك فإن الأرقام الصادرة عن إحصائيات فترة إلى 45 يوماً والفترات الفصلية تستخدم من أجل استكمال التقديرات السنوية.
ويتم تحديد الأرقام الفصلية الخاصة بصناعة التبغ من خلال الضرائب التي تفرضها عليها مصلحة العائد الداخلي، وكذلك فإن عوائد الفنادق والموتيلات تقدر فصلياً من قبل مكتبة الإحصاء، وسنوياً من خلال السجلات المستقاة من المصادر التجارية.
أما في حقل الخدمات الصحية، مثل المياه، فإن الأرقام الخاصة بهذا الحقل تقدر فصلياً عبر النمط السابق، أي بمعنى أن الأرقام القديمة تستخدم للحصول على الأرقام الجديدة في حال كانت هذه الأخيرة متعذرة، وتبقي ارقام شركات الغاز والتلفون، والتلغراف والكهرباء، وهذه كلها يتم الحصول عليها من المصادر التجارية. وتساعد الوكالات التنظيمية والمعلومات الضرائبية المستقاة من المسحيات الإحصائية الخاصة بالدولة والخزينة على قياس حجم مبيعات مختلف المنشآت الحكومية.
وتشكل الحكومة شبكة معلومات إضافية واسعة، وبخاصة عبر مکتب حسابات دائرة الخزينة الأميركية، الذي يقوم شهرياً بحساب البيانات الخزينية عبر النفقات الكاملة لمختلف الدوائر الحكومية. ولهذا فإن كل دائرة من الدوائر الحكومية تقوم سنوياً بكتابة التقارير التي تظهر حجم النفقات المفصلة، مثل النفقات الدفاعية والعسكري، والتي تشمل الأموال المنفقة على صناعة الدبابات، والطائرات، والسفن الحربية، وغيرها...
ويقوم مكتب الإحصاء، إضافة إلى ذلك، بتسجيل مستوى الاختلاف بالمعدات الصناعية، وفي حالة المزارع، فإن دائرة الزراعة الأميركية تتولى هذه المهمة. وكذلك الأمر فإن المكتب يتولى مراقبة البضائع المستوردة والمصدرة.
وأخيراً، فإن الناتج الأخير الذي يهتم به مصلحة الضرائب هو الفائدة التي نجني عبر حسابات التوفير المصرفية، فتقوم المصلحة بتحويل الإحصائيات حوله إلى مكتب التحاليل الاقتصادية، مثلها مثل بقية المصالح والوكالات.