تحجب نظارات الشمس (بولارويد)، (المستقطبة) وهج الضوء من حقل الرؤية عن طريق فلترة كل موجات الضوء الأفقية التي يصدر عنها هذا الوهج. وقد اخترع عدسات بولارويد أدوين هـ. لاند وهو في عمر 18 عاماً، عندما كان يعمل في مختبر أقامه في شقته المستأجرة في الحي الغربي بنيويورك. وفيما بعد أنشأ هذا الشابة شركة بولارويد، واخترع آلة التصوير الفورية التي تحمل الاسم نفسه، ودخل عالم الثراء.
والمعلوم أن الضوء يسافر على شكل موجات مثله مثل كل أنواع الطاقة، وبالأخص طاقة الحركة التي تدفع الأمواج في المحيطات، إذ أن هذه الأمواج تتذبذب عامودياً، وتسجل حركة صاعدة وهابطة، وهي تندفع في اتجاه الشاطيء؛ وبإمكان أي شخص ضربته موجة بعلو ستة أقدام أن يشهد على صحة هذا القول، وكذلك فإن موجات الضوء الصادرة عن الشمس أو عن أي مصدر ضوئي عادي تتذبذب بكل الزوايا المختلفة: أي عامودية وأفقية وكل الزوايا بين بين.
وعندما ينظر أي إنسان في اتجاه الطريق العام المضاء بنور الشمس القوي، الذي ينعکس وهجه على الغطاء الأمامي للسيارة ويعمي السائق، فإن أغلبية هذا الضوء يضم نسبة عالية من الموجات الضوئية الأفقية. ويحصل هذا لأن الضوء الذي يضرب أي سطح عاكس بزاوية 57 درجة (تعرف بزاوية بروستر) يتصفي أو يستقطبه السطح بحيث أن الموجات وحدها التي تتذبذب بتوازٍ مع السطح ترتد باتجاه العين.
وفي حالة غطاء السيارة، فإن السبب الذي يجعل الموجات الضوئية الأفقية ترتقد عليه هو كونه هو الأخر أفقياً. وطالما أن الضوء المستقطب لا يمر عبر طبقة الدهان الذي يصبغ الغطاء، فإنه بكل بساطة ينعكس عليه، ويظل على اللون نفسه الذي ولدته الشمس، وهو الضوء الأبيض الوهاج.
وتضم عدسات بولارويد الشمسية عدداً من الخطوط الطولية تبلغ سماكتها نحو جزء من مليون من الانش، بحيث تستقطب الضوء العامودي، وتمنع ما عداه من العبور، وتتم عملية نضليع العلمية عن طريق شد طبقة رقيقة من البلاستيك الطري والمسخن، بحيث تشقق على شكل أضلاع طويلة. بعد ذلك يضاف صباغ متشرب للضوء إلى البلاستيك، بحيث يملأ مساحته كاملة.
وتحجب هذه المادة الوهج القادم من الأسطح الأفقية لسبب بسيط وهو أن موجات الضوء الأفقية التي تنعكس وفي زاوية بروستر تعجز عن التسرب عبر أضلاع العدسة. ونظراً لأن أهم الأشياء التي نراها تتحرك أفقياً مثل (الطرقات، والأرض، ووجه الماء)، فإن العدسة المستقطبة عامودياً تحجب بالتالي أسوا الوهج، ويمكننا الرؤية بوضوح عبر هذه العدسات لأنه يبقى من الموجات الضوئية العامودية ما يكفي لعبور العدسات وتمكين الرؤية.
وبإمكان أي شخص القيام بتجربة عدسات بولارويد بنفسه، وذلك بزيارة أحد المحلات التي تبيع مثل هذه النظارات. ويكفي أن يضع هذا الشخص زوجاً من هذه النظاراته على عينية، ثم يمسه بزوج أخر أمام الزوج الأولى وكأنه ينوي وضعه هو الآخر، والملاحظ هنا أن الزوج الثاني من العدسات يعكس الرؤية بوضوح تماماً كالأول، وهذا لأن الشخص لا يرى سوى الموجات العامودية التي أمكنها عبور العدسات.
ولكن، إذا قام الشخص بقلب الزوج الثاني من العدسات على جانبه، فإن هذه العدسات تبلو سوداء تماماً. ذلك أنها لا تعكس سوى الموجات الأفقية، فيها الزوج الأولى لا يعكس سوى الموجات العامودية. وبهذا فإن أي إشعاع على الاطلاق لا يعبر تجاه العين، ذلك أن الزوجين من العدسات استقطباً كامل الضوء.