كيف يدرك الموسيقيون ضمن فرقة الأوركسترا ما يريده قائد الفرقة منهم؟

لا بد أنك شاهدت ولو لمرة واحدة قائد الفرقة الموسيقية جورج شیلی وحركاته الرائعة، أو سيجي اوزاوا وتنغيماته الدقيقة، أو ليونارد برنشتاین ودرامته الرومانتيكية، وهو يرمي ذراعيه في الهواء وغالباً ما يقفز فوق الأرض، وأنك ولا بد تساءلت كيف يدرك أي موسيقي من ضمن الفرقة ما يريده المايسترو منه؟

وكيف يمكن لأي موسيقي أن ينتقل من فرقة أوركسترا إلى أخرى دون أن يضيع تماماً. والواقع أنه رغم اختلاف الأساليب، التي تتنوع بين مايسترو وأخر، فإن هناك بعض الحركات الأساسية المشتركة.

المعلوم أن أي قائد فرقة موسيقية يستعمل يده اليمني للحفاظ على إيقاع النغم. وهذا الإطار فإن حركة اليد باتجاه الأسفل تشير إلى الإيقاع الأول من الجملة الموسيقية، والحركة باتجاه الأعلى تشير إلى الأيقاع الأخير. وعلى هذا فإن مقطوعة موسيقية وفق زمن 4/3 تبدأ بحركة اليد إلى الأسفل (1)، ثم إلى اليمين {2}، ولفوق (3). وتصور الأشكال حركة الايقاع المؤلف من حركتين، وثلاث، وأربع، وست، وتسع حركات.

ومن النادر أن يحتاج أي قائد فرقة موسيقية محترف لتسجيل كل حركة ايقاع مفردة بيديه، ولذلك فإنه نادراً ما يتمسك حرفياً بهذه الحركات. ومع أنه لا يخسر الايقاع أبداً، إلا أنه يضمن حركة يديه مسحة طبيعية تعكس ما يجيش بداخله. وتؤدي اليد اليسرى غرض تمويه ديناميات المقطوعة، وتوجيه أشراك الآلات الموسيقية الأخرى، والأصوات بالنغم. وهنا أيضاً لا يفطر المايسترو إلى ملاحظة كل عازف في الفرقة.

ففي عزف مقطوعة كونشيرتو على البيانو مثلاً لا يجيد لمايسترو نفسه مضطراً للتركيز على عازف البيانو، الذي يدري من دون شك توقيت دخوله على النغم. ولهذا تجد المايسترو ينقل اهتمامه إلى عازف الكمان لكي يوجههم في اللحظة المناسبة،

أو إلى عازف الكمان الضخم (تشيلو من أجل تخفيف صوته. وتعني الحركات الصغيرة بالنسبة لأعضاء الفرقة تخفيف أدائهم وتطرينه، فيها الحركات القوية تثير من دون شك إلى العزف الصاخب. وكذلك يستخدم المايسترو الحركات القصيرة والفجائية من أجل المقاطع السريعة؛ والحركات الطويلة المتواترة للعزف البطيء.

ويمسل أغلبية قادة الأوركسترا بعصا في يدهم من أجل الحفاظ على الايقاع. فيها تخلى الأخرون حديثاً عن هذه العادة لكي تكون لهم حرية أكبر في الحركات. ويضطر قادة الفرق الغنائية (الكورال) غالباً إلى استعمال كلا اليدين من أجل ضبط الأيقاع.

وعلى هذا يمكن القول إن الأساليب تختلف مما يضطر العازفين مراراً إلى الاعتماد على حدسهم، إلا أن دور قائد الفرقة الموسيقية يظل أساسياً من أجل تنسيق العزف وتوحيد الأداء، وهذا الأمر ليس حدیث المهد، إذ تظهر بعض التصاوير من الزمان السوري والمصري، أي حول 2800 سنة قبل المسيح، أشخاصاً يلوحون باید يهم وهم يقودون العازفين على البوق والناي.