كيف تقاس سرعة الإعصار المتنقل؟
تعتبر الإعصارات من نوع الزوابع الاستوائية. وتسمي هذه العواصف الشرسة بـ (التيفون) في المحيط الهادئ، حيث تتكرر بأستمرار، وبـ (الأعاصير) في المحيط الأطلسي وبـ (الزوابع) في المحيط الهندي وأستراليا.
وتظهر هذه العواصف أكثر ما تظهر في المناطق المجاورة لخط الاستواء (وليس على خط الاستواء)، وبالأخص في النقاط التي تكون حرارة سطح الماء قذه سخنت فيها إلى أكثر من 78 درجة فهرنهايت.
وفيها تدور الأرض على نفسها وعند انحدار الأرض إلى شمال وجنوب خط الاستواء، تتحول تجمعات الغيوم الي دوامات محتملة. وتؤدي عملية الامتصاص من قبل الرياح في الطبقات العليا من الجو إلى تشکیل تیار فوائي متصاعد في وسط تجمع الغيوم على علو 35 ـ 40 ألف قدم، ويلف الهواء الرطب باتجاه الدوامة، ويرتفع داخل تجمع الغيوم، ثم يخرج من الجهة العليا للدوامة. وتستمد هذه العاصفة قوتها بشكل رئيسي من الحرارة التي تخرج عن بخار الماء المتكثف والتأتي من سطح الماء الساخن.
وتوازي سرعة العاصفة البدائية حوالي 15 ميلاً بالساعة، إلا أن هذه السرعة قد تزداد إلى حدود 60 میلاً أو أكثر بالساعة كلما ابتعد الإعصار عن خط الاستواء، وتظل ثورة هذا الإعصار دائرة لما بين الخمسة والعشرة أيام، وتغطي مساحة توازي 50 ـ 125ميلاً من الأرض، وسط رياح عاصفة قد تنتقل بسرعة من 20 ـ 30 ميلاً إلى 100 ميل بالساعة خلال دقائق معدودة. وتلف أقوى الرياح داخل ما يسمى بـ (عين) العاصفة (أو في محورها الداخلي)، وتدور لجهة عقرب الساعة عند النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، والاتجاه المعاكس عند الشطر الشمالي منها.
ومع أن رياحاً قد تهب في أي زمان وفي أي مكان من الكرة الأرضية وبقوة الإعصار (65 ميلاً بالساعة)، إلا أن ما يميزها عن الإعصار أو الزوبعة هو (عينها) المركزية المميزة. فبواسطة هذه (العين) وعن طريق تتبع مسارها يتمكن المتنبئون بحالة الطقس من تحديد سرعة سير الإعصار.
وتستطيع الأقمار الصناعية أن تلتقط صوراً للإعصار كل نصف ساعة، وأن تحدد مكان العين بسهولة ووضوح على الخارطة على مدي ساعات أو أيام. (ويبدو وشكل الإعصار من علو القمر الاصطناعي وكأنه مجرة حلزونية كبرى).
وفي حال وجود الإعصار بقرب خط ساحلي، عندها يتم استخدام الرادار لتكشف مسار عين العاصفة، والتقاط الصور لها، وتحديد مواقعها على الخارطة. وتملك مصلحة الطقس الوطنية بحوزتها سلسلة منشأت لرادارات الطقس على طول الخط من تكساس إلی نیوانغلاند باستطاعتها تتبع مسار الأعاصير باستمرار.
وفي أثناء الحرب العالمية الثانية، ولدى خسارة الولايات المتحدة لأسطول بحري تابع لها ضربه الإعصار، صممت الإدارة الأميركية منذ ذلك الحين على استخدام الطلعات الجوية لطائرات الاستكشاف كوسيلة للانذار المبكر، واليوم يوجد لدي كل من سلاح الجو الأميركي ودائرة المحيطات والجو الوطنية طائرات مجهزة برادار، يقتصر عملها على تقدير مواقع الأعاصير وتقوم هذه الأجهزة حتى بإرسال الطائرات مباشرة داخل (عين) الإعصار من أجل الحصول على مزيد من المعلومات المفصلة، ومن أجل رسم خط سير الإعصار، وقياس سرعة الرياح، وحقول الضغط الجوي. ومع أن هذه العملية تستلزم طيارين شجعان للقيام بها كما يبدو، إلا أن مركز الأعاصير الوطني في ميامي يقول إن هذه العملية ليست بأكثر خطورة من قيادة السيارة على الطريق العام داخل الازدحام.
يبقى الاعتراف أن أياً من هذه الوسائل ليس هو بالدقة اللازمة، بخاصة وأن (عين) العاصفة تكون على بعد عشرة أميال أو أكثر، مما يجعل من عملية تحديد مركزها بدقة مسألة صعبة. وتتأني كذلك الأخطاء في التقدير من المصاعب الملاحية الخاصة بالطائرة؛ فكلما استطاع قائد الطائرة تحديد مكانه بدقة كلما جاءت تقديراته لمراكز الإعصار دقيقة هي الأخرى.
وتقوم اجهزة ملاحية متطورة بمراقبة الطائرة وتحديد مسارها، ومنها جهاز رادار دوبلر Doppler، إلا أنه كلما ابتعدت الطائرة عن خط الساحل كلما زادت صعوبة تتبعها عن طريق الرادار.