د/مصطفى محمود

أما أنموذجنا الآن هو الدكتور المصري الأشهر ( مصطفى محمـود ) ذلك العبقري المدهش الذي نشأ محباً للعلم شغوفاً بالإطلاع ، فبعد أن أكمل دراسته الثانوية التحق بكلية الطب وتخرج منها كمختص في الأمراض الصدرية ، ولكن آفاق الفكر الواسعة وخبايا الكون الممتدة وروحانيات الدين اختطفته من سماعته الطبية ، فقرأ أغلب التراث الإسلامي من فقه وشريعة وتفسير كما أنه تأثر بالأدب العربي فقرأ لأشهر الشعراء العرب وحفظ العديد من قصائدهم عبر التاريخ الإسلامي الطويل . 

وبعـد فـتـرة مـن الـزمـن طـرأت عليـه أفكـار عجيبـة جعلته يتأثر بأفكـار الشيوعية المعاصرة له آنذاك ففضل الإلحاد على الإيمان ، وتحول الدكتور مصطفى تحـولاً عجيباً في حياته ولكنه سرعان ما عاد إلى قبة الإسلام وأعلن ذلك في كتابيه الشهيرين ( رحلتي من الشك إلى اليقين ) و ( حوار مع صديقي الملحد ) وبعد ذلك اتجه إلى بدائع صنع الله في الكون ، فدرس علوم النجوم والكواكب والمجرات والنظرية النسبية وأودع كل ذلك في كتب مختصة ، أما دراساته عن النباتات والحشرات فقـد أودعها في برنامجه التلفزيوني الشهير ( العلم والإيمان ) . 

أنشأ الدكتور مصطفى جمعية خيرية تحمل اسمه وتضم مسجداً ومستشفاً يطلان على ميدان شهير يحمل اسمه أيضاً في شارع جامعة الدول العربية بحي المهندسين ، كما واظب في المرحلة الأخيرة من حياته على كتابة  مقـال أسبوعي بصحيفة الأهرام قبـل أن يعتـزل النـاس بسـبب أمـراض  الشيخوخة . 

صدرت أولى مجموعاته القصصية بعنوان ( أكل عيش ) وتلتها مجموعات أخرى منها ( شلة الأنس ) وروايات ( الخروج من التابوت ) و ( العنكبوت ) و ( رجل تحت الصفر ) إضافة إلى كتب في أدب الرحلات ليزيد عدد أعماله على ٦٠ كتاباً . 

وقـد بـرع الدكتور مصطفى محمود في الطب والفكر والأدب والفلسفة والتصوف ، وأثارت بعض مقالاته جدلاً واسعاً ، قال عنه الشاعر الراحل كمال الشناوي : كان يتصور أن العلم يمكن أن يجيب على كل شيء وعندما خاب ظنه مع العلم أخذ يبحث في الأديان السماوية وانتهاء بالأديان الأرضية ، ولم يجد في النهاية سوى القرآن الكريم .