توجد أغلب الأفاعي في الدنيا القديمة إلا فيما يختص بذات الحفر. فالأمر مختلف تماماً، إذ يوجد قليل منها في جنوب شرق آسيا والملايو وقسم منها في إندونيسيا، كما يوجد نوع واحد منها في روسيا. ولكنك تجد أكثر الأنواع وأكبرها في شمال وجنوب أمريكا.
وتضع هذه الحفرة الموجودة بين العين وفتحة الأنف كل هذه الثعابين في أسرة واحدة. كما أنها تشترك أيضا في بعض الصفات الأخرى، منها أن كل الأفاعي ذات الحفر لها رؤوس مفلطحة ومثلثة وواضحة جدا عن الرقبة. فأغلبها تغطي قمة الرأس بحراشف صغيرة.
وفيما يختص بالأنياب التي هي مهمة جدا لهذه الثعابين، فهي طويلة كما في الأفاعي. وهي دائما في حالة استعداد للعمل. وتستبدل هذه الأنياب القديمة في فترات بأنياب جديدة، ومع ذلك فإن الناب القديمة لا تسقط أبداً إلا بعد
أن يتم نمو الناب الجديدة التي تنمو بجانب الناب القديمة وتصبح متصلة بقناة السم. وعندما يتم نمو الناب الحديدة يسقط الثعبان الناب القديمة.
والثعابين ذات الأجراس هي أغلب ذات الحفر الأمريكية الأصلية، لأن ذات الأجراس لا توجد إلا في نصف الكرة هذا. وكان الرحالة السابقون في الدنيا الجديدة متأثرين جدا بهذا الثعبان، حتى إنهم نقلوا إلى أوربا بعض الحكايات عنه.
فما قالوه إن الثعابين ذات الأجراس هي الرعب الكامن في الصحاري الأمريكية. وقالوا أيضا إن طول هذه الثعابين تسعة أمتار، وإنها تعطى أبخرة سامة من أفواهها ولها شيء في نهاية ذيلها يشبه الجرس.
وهذا بكل تأكيد وصف خيالى للوات الأجراس الي لا يتعدى طول أطولها مائة وثمانين سنتيمتراً. أما الأبخرة السامة فهى كلام لا معنى له. وأما التركيب الذي يشبه الجرس في نهاية الذيل فإنه من الممكن أن يقال عنه بصعوبة إنه صورة للجرس المشهور.
دعنا نقف لحظة لنتأمل هذا الجرس الذي لا يوجد في اي ثعبان أخر في الدنيا. فأي شيء هو؟ وكيف ينمو؟
ونحن نقول إن الثعبان ذا الحرس “بحذر، أي إنه آت لينقض على فريسته ولكن بكل تأكيد لا يمكن أن يكون الحرس قد أنشئ لهذا، لأنه ليس من مصلحة الشعبان أن بحذر فريسته، ولكن هناك احتمالا هو أن الحرس وسيلة للتحذير ليخيف الأعداء فيبعدون عن طريق هذا الثعبان. يولد صغير ذى الجرس و به زر ناعم في نهاية ذيله. وبعد أيام قلائل بنسلخ الشعبان من جلده ويبدأ في الأكل والنمو، وهو ينمو سريعا. وفي أشهر قليلة ينسلخ مرة ثانية من جلده، وعندئذ تظهر الحلقة أو العقدة الأولى من الأجراس فوق الزر مباشرة.
وهذه الحلقة ناعمة وتلتصق التصاقا سائباً على قاعدة الزر. وفي أيام قليلة تجف الحلقة. والآن عندما يهز الثعبان ذيله يسمع له رنين خفيف. وسبب هذا الصوت هو احتكاك الزر مع الحلقة الملتصقة به التصاقا سائبا. وفي المرة الثانية التي ينسلخ فيها الثعبان يظهر جرس آخر أكبر
من سابقه يلتصق التصاقا سائبا أيضا فوق قاعدة الحرس الذي تحته. وعندئذ يستطيع الثعبان أن يصلصل تماما. وهكذا يزداد الحرس حلقة عند كل انسلاخ.
ويوجد في الولايات المتحدة خمسة عشر نوعا من الثعابين ذوات الأجراس أكبرها هو ذو الظهر البستوني الشرقي ذو الحرس الذي يصل في الطول إلى ما يقرب من مائتين وسبعين سنتيمتراً، ولو أن متوسط الطول هو متر ونصف.
ويعيش هذا النوع في الأراضي المنخفضة من كارولينا الشمالية جنوبا إلى
فلوريدا وغربا إلى لويزيانا. ويوجد بكثرة في جنوب فلوريدا، وقد وجدت منه أفراد كثيرة في الطرق الرئيسية قد قتلتها السيارات. أما ذو الظهر البستوني الغربي ذو الحرس فهو يشبهه في اللون إلى حد ما، إلا أن له حلقات بيضاء وسوداء على ذيله، ويوجد هذا الثعبان في المناطق الجافة في وسط الجنوب الغربي وهو لا يزيد في نموه على مترين وعشرين سنتيمتراً. ويوجد في كاليفورنيا ذو الظهر البستوني الأحمر ذو الحرس وهو يشبه ابن عمه الموجود في الجنوب الغربي إلا أنه يختلف عنه في أنه أكثر احمراراً.
والثعبان الشائع في الشمال الشرقي للولايات المتحدة ليس هو بستوني الظهر، ولكنه ثعبان الخشب Timber Rattlesnake أو الثعبان المخطط ذو الحرس Banded Rattlesnake، متوسط طول هذا النوع حوالى ستين سنتيمتراً. ولكن في الجنوب حيث يسمى عصا الفرملة ذو الحرس Canebrake Rattler فإنه ينمو أكثر حتى يصل إلى مائة وثمانين سنتيمتراً. وغذاء هذه الثعابين هو الجرذان والسنجاب والأرانب والذباب والطيور الصغيرة. وميل هذه الثعابين إلى أن تبيت بياتها الشتوي في جحر واحد مع الثعابين السود ونحاسية الرأس.
وقد أخذت ذوات الأجراس في الجزء الشرقي من الولايات المتحدة في الانقراض - فهى تتبدد وتتزح إلى مستعمرة هنا ومستعمرة هناك. وسيستمر هذا الانقراض ما دامت الضواحي آخذة في الامتداد. ولا يوجد الآن في جزيرة لونج ايلاند ثعبان واحد من ثعابين الخشب ذوات الأجراس التي كانت موجودةهناك في وقت ما.
وقد قتل آخر ثعبان منذ زمن طويل يرجع إلى عام ۱۹۱۹. وهذا شيء مؤلم لأنه كان ثعبانا غريبا وقد انقرض تماما. وكما أعلم توجد عينةواحدة من هذا النوع محفوظة في متحف بروكلين للأطفال. شعبان المروج ذو الحرس هو الثعبان الشائع في الأراضي ذات الحشائش، وهو بعيش في كل الغرب حتى الحد الشرق السهول العظيمة، وهو بحب كثيراً أن يبيت بيانه الشتوي في الجحور القديمة والشقوق، وإذا لم يجد أيّا منها حوله فإنه يستعمل جحور القوارض الخالية.
أغرب الثعابين قوات الأجراس هونرالحرس القرني Horned Rattlesnakeاو جاني الالتفاف Sidewinder. وماكن الصحراء هذا الموجود في كاليفورنيا والأريزونا ونيفادا والمكسيك أخذ اسم جاني الالتفاف من طريقته الغريبة التي يسير بها إذا أراد أن يصل إلى مكان ما بسرعة. أما في غير ذلك من الأوقات فإنه يتحرك في خط مستقيم كما تفعل الثعابين الأخرى. ولكنه عندما يريد أن يذهب سريعا فإنه - بدلا من أن يلتوي بجسمه من جانب إلى آخر ويتلوى ويسير إلى الأمام - فإنه يلقي بجسمه في شكل حرف (S) ويسير بجانبه. وعندما تنظر إلى آثاره فإنك تجد عدداً منها وكل أثر منها منفصل تماما عن الأثر الآخر.
وتوجد في العالم مجموعة أخرى من الثعابين التي تتحرك بهذه الطريقة هي مجموعة أفاعي الصحراء الأفريقية African desert vipers ومن العجيب أنها مثل جانبي الالتفاف لها أيضا بروز قرني فوق العين..
وليست ذوات الأجراس كبيرة دائما أو متوسطة الحجم، ولكن كثيراً منها في الجنوب الغربي للولايات المتحدة قصير ولا يزيد طوله على 60-75 سنتيمتراً بأجراس صغيرة لدرجة أنها تحدث صوتا كالطنين الكهربائي الضعيف جدا.
ويعيش ثعبان آخر قصير في الجنوب الشرقي يسمى ذا الحرس القزم Pygmy Rattlesnake وطوله خمسة وأربعون سنتيمتراً فقط. وفي الولايات المتحدة نوعان من ذوات الحفر ليست من ذوات الأجراس وهما الثعبان النحاسي الرأس وثعبان الحذاء.
وقد سمي نحاسي الرأس بهذا الاسم لأن رأسه الذي هو عادة أبهت لونا من جسمه لونه في الغالب كلون النحاس ولو أن هذا الثعبان ليس معتديا ويجرى بعيداً في الغالب عندما يكتشف، إلا أن ألوانه تساعده على الاختفاء أيضا، حتى إنك قد تخطو فوقه بسهولة لأنك لا تستطيع رؤيته بين الأوراق المتساقطة.
وطول هذا الثعبان حوالي خمسة وسبعين سنتيمتراً فقط، وهو نفس الثعبان الذي يسمى ببعض الأماكن حذاء النجد Upland Moccasin أو كتلي الرأس Chunk head وقد لا تتجمع نحاسية الرأس في جحور بيات كبيرة أو ظاهرة كذوات الأجراس، ولهذا فمن الصعب التخلص منها.
وفي كثير من المناطق حيث اختفت ذوات الأجراس لا يزال يعيش نحاسي الرأس، حتى إني في السنوات القليلة الماضية رأيت نحاسي الرأس في المناطق القفرة المطلة على قلب مدينة نيويورك. فلا السكان المحليين ولا ألوف العابرين الذين يمرون كل يوم يشكون في وجود هذا الثعبان هناك بالقرب منهم.
ويختلف نحاسي الرأس تمام الاختلاف عن ثعابين الماء، إلا أن صغار كليهما تتشابه لدرجة أنك تخلط بينهما. ومع ذلك فإنك تستطيع أن تعرف أن هذا صغير ثعبان الماء من المكان الذي تجده فيه عادة، لأن هذه الثعابين مخلوقات تحب الماء. وكنت أراها غالبا تتمدد لتعرض نفسها للشمس فوق الكتل أو الأغصان في المستنقعات أو في الجداول البطيئة في الشمال.
وعندما كانت أناوش واحداً منها، فإنه كان غالبا يرى برأسه إلى الخلف فاغرة فاه متسعا، وعندئذ أرى البطانة البيضاء التي تعطي هذا المخلوق اسمه الثاني وهو ذو الفي القطي Cotton Mouth.
والأفاعي ذوات الحفر الموجودة في وسط وجنوب أمريكا أكبر من أي واحد من الثعابين الأمريكية، فمنها سيد الغابة، وهو الثعبان الوحيد من بين ذوات الحفر الذي يضع بيضا، وهو المعروف بأنه بصل إلى مائتين وتسعين سنتيمتراً في الطول.
وفي نفس المنطقة أيضا يعيش ثعبان رأس الرمح الحديدية Fer De lance وهو ثاني ذات الحفر طولا وبحب هذا الثعبان الأراضي المزروعة حيث يجد كثيراً من الفئران والثدييات الأخرى ليأكلها. ولهذا فهو ثعبان خطر جدا وخصوصا على العمال الذين يعملون في حقول قصب السكر. ويزيد في خطورته أنه يتوالد بسرعة جدًا. فإنه من المعروف أن ثعبان رأس الرمح الحديدي يعطى سبعين مولوداً في المرة الواحدة.