كل الكوبرا والمامبا وثعابين المرجان وثعابين الماء لها أنياب قصيرة جوفاء قوية في الجزء الأمامي من الفم.
وننتقل الآن إلى الثعابين التي لها أنياب جوفاء طويلة في الجزء الأمامي من الفك الأعلى. وهناك شيء خاص عن هذه الفكوك، فإنها تستطيع الحركة، حتى إذا قفل الفم انثنت الأنياب إلى الخلف باتجاه سقف الفي. وتسمى هذه الثعابين بالأفاعي. وللأفاعي حفرة عميقة بين العين وفتحة الأنف، ولهذا تسمى بالأفاعي ذات الحفر.
ولا توجد الأفاعي في الدنيا الجديدة ولا في أستراليا، ويوجد بعض منها في أوربا وآسيا ولكن افريقيا هي مكانها التي توجد فيه، بل هي المركز الرئيسي الأسرة الأفاعي.
وقد سبق أن قلنا إن إنجلترا بها ثلاثة أنواع من الثعابين، ومن هذه الثلاثة وأكثرها شيوعا، لأفعى الشائعة Common Vipers أو الآدار كما تسمى هناك.
ويوجد هذا الثعبان في أماكن مختلفة متعددة في كل الجزر البريطانية في الأراضي المنخفضة والأراضي العالية، وفي الأماكن الجافة والأماكن التي بها مستنقعات.
ولا يعيش هذا الثعبان في الجزر البريطانية فقط، لأن هذا الثعبان الصغير - وهو أقل من ستين سنتيمتراً طولا - سهل التكيف، حتى إنه قد اتخذ لنفسه موطنا في كل الأماكن من إنجلترا حي الشاطئ الشرق الآسيا، ويمتد أيضا بعيداً إلى الشمال أكثر من أي ثعبان سام آخر. وهو يعيش في جبال الألب على ارتفاع ألفين وسبعمائة متر فوق سطح البحر.
ومن السهل تمييز الأفاعي الشائعة بالخط القائم المتعرج الذي يمتد من الرقبة حتى نهاية الذيل، ولكن - وهذا نادر جدا بين الثعابين ـ الألوان تختلف في الذكر عن الأنتي. فالآدار الذكر لونه كالقشدة وأصفر أو رمادي مع علامات سوداء فاحمة بينما الأنى حمراء بنية مع علامات حمراء قائمة أو بنية.
وعندما ترى الآدار راقداً في الشمس، كما يحب أن يفعل، فإنه لا يظهر عليه أنه ثعبان مقاتل. ولكن الذكور تعترك فيما بينها غالبا إذا اقتحم أحدها
منطقة الآخر. فيتقاتل الثعبانان ورأساهما والجزء الأمامي من جسم كل منهما منتصب فوق الأرض. ويدفع كل منهما الآخر حتى يسقط أحدهما على الأرض وينسحب. وهو ليس معتديا بالنسبة للإنسان. ويقال عن الآدار إنه ثعبان جبان حقيقة، وهذا لحسن الحظ لأن لدغته مميتة إذا لم تعالج في الحال.
أما الأكثر خطورة والمميتة غالبا فهي عضة أفعي راسل الهندية Russell ' s Viper وهذا الثعبان ليس كبيراً أيضا، فهو غالبا أقل من مائة وعشرين سنتيمتراً طولا، ولكنه مسئول عن ثلث الوفيات التي تحدث من عضة الثعابين في تلك البلاد.
وهو يعيش في جميع الأماكن المختلفة إلا في الغابات الكثيفة. ولقد بلغ من كثرته في بعض الأماكن أنه قد أمسك منه في يوم واحد أربعمائة وخمسون ثعبانا. ولما كانت هذه الثعابين من أعظم آكلي الفئران، فهي لهذا توجد حول المنازل وفي وسط المدينة أحيانا.
وأفعي راسل من الأفاعي التي كثيراً ما يحملها حاوي الثعابين معه. ويميزها المشاهدون في الحال بالصفوف الثلاثة من البقع البيضاوية الكبيرة لأنهم يعرفون الثعبان جيداً. ويظهر الجزع دائما عندما تزحف هذه الأفعى من السلة متجهة إلى الحاوي.
ولأفاعي أفريقيا مواطن مختلفة أكثر من مواطن أفاعي أوربا وآسيا.
فبعضها يعيش في الصحراء، والبعض في الغابة، ويعيش البعض تحت الأرض. وأشهر هذه الأفاعي هي أفعى. جابون Caboon Viper وهي أكبر وأثقل الأفاعي، وتنمو حتى تبلغ مائة وثمانين سنتيمتراً. وإذا قست سمكها وهي راقدة ومستريحة على الأرض فقد يكون خمسة عشر سنتيمتراً، وقد يكون الرأس كبيراً كقبضة الرجل، أما أنيابها فهي أطول من أي أنياب في أي ثعبان آخر على الإطلاق، إذ يبلغ طولها أربع سنتيمترات ونصف سنتيمتر.
وأفعي جابون، التي يظنها بعض الناس قبيحة المنظر ويظنها البعض مليحة، لها جسم سميك بنقوش فاتحة وقائمة، معقدة للغاية، مخملية مما يجعل من الصعب تميز هذا الثعبان من بين الأوراق المتساقطة على أرض الغابة المضاء بنور الشمس. ولكن هذا الثعبان - لحسن حظ المواطنين - غير معتد، ولهذا فإن عضاته نادرة جدا.
وثمة أفعى مشهورة أخرى هي الأفعي منشارية الحراشف Saw scaled Viper التي توجد في كل من أفريقيا وآسيا. وقد سنحت لي الفرصة لرؤية ساكن الصحراء هذا البني الباهت في الأسر عن قرب، وكان مخلوقا صغيراً أقل من تسعين سنتيمتراً في الطول، وعندما يعاكس بلف نفسه في حلقتين مثل الشكل (8) والرأس في الوسط، ثم بحك اللفات بعضها ببعض، ويسبب هذا صوتا خفيفا وفحيحا، لأن الحراشف الموجودة على جانب الثعبان لها أسنان كأسنان المنشار.
ويقول أحد الخبراء في ثعابين سيلان إن هذه الأفعى هي أخبث ثعابين المنطقة على الإطلاق وهي تعض لمجرد الإثارة البسيطة. وسم هذا المخلوق الصغير أقوى ست عشرة مرة من سم أفعي راسل.