تشغل المحيطات أكثر من ثلاثة أرباع سطح الأرض، وقد يصل عمقها في بعض الأماكن إلى ثمانية آلاف متر.
أو ليس من المحتمل أن تكمن وحوش البحر في مكان ما تحت هذه المياه المتسعة المدى؟
ومن المحتمل أن الناس لم يعتقدوا عكس هذا إلا منذ وقت قريب. فقد كان البحارة وصيادو الأسماك يعودون إلى منازلهم بحكايات مخيفة عن ثعابين البحر التي رأوها.
ويدعون أنه كان هناك ثعبان له رأس مثل رأس الحصان، وكان طوله مائة وثمانين متراً، وقد اشرأب برأسه إلى أعلى ما يرتفع صاري السفينة، وعندما أصدر فحيحا كان صوته كالعاصفة، وإن من رأوه أبحروا في تجاه الشمس مباشرة حتى يعمى الضوء الشديد الثعبان.
وكانت المخلوقات التي يراها البحارة ضخمة دائما. وكانت هناك حكايات، عن الحبارات squid التي كانت كبيرة، حتى إنها عندما رقدت ساكنة بلا حراك ونصف جسمها ظاهر فوق سطح الماء، كانت تظهر كأنها جزر عائمة، وقد جدف البحارة نحوها ورسوا عليها، وفجأة تحركت الجزيرة.
وهناك أيضًا حكايات أخرى عن حيتان ضخمة. وقد أخطأ السندباد البحار العظيم، كما تحكي قصص ألف ليلة وليلة، وظن أن هذه الحيتان جزيرة، ورسا عليها فكانت له من ذلك نتائج سيئة.
والآن.. إنها لحقيقة أن هناك مخلوقات بحرية كبيرة لا يعرفها الكثيرون منا.
فهناك رحباري، عظيم ينمو إلى خمسة عشر متراً. إلا أنه من المشكوك فيه أن يكون هناك مخلوق ما يظهر على السطح ويراه الناس وغير معروف للعلم. ولكنك قد تقول: إن المحيط كبير جدًا وعميق جدًا، وقد يكون هناك بعض من وحوش ما قبل التاريخ تعيش في القاع، وقد يصعد واحد منها إلى السطح مرة في فترات بعيدة جدا فيراه البحارة مصادفة..
وهذا بعيد الاحتمال تماما، لأن كثيراً من المخلوقات العجيبة الكبيرة والصغيرة قد أخرجت من الأعماق المظلمة للمحيطات إلى السطح، وقد وجد أن كل هذه المخلوقات مهيأة للضغط المروع الذي تسببه المياه التي ترتفع آلانا من الكيلومترات فوقها.
وعندما يصعد حيوان من الأعماق السحيقة إلى السطح فإنه ينفجر، لأن الضغط على السطح أقل كثيراً. حتى إذا كان هناك وحش من وحوش ما قبل التاريخ مختبئا بين حافات الجبال العظيمة الموجودة تحت الماء فإنه لا يستطيع الصعود إلى السطح ولو لمدة دقيقة واحدة.
ومع ذلك فهناك ثعابين بحر. وليست هذه الثعابين كبيرة لدرجة أنها تبتلع مركبا مسافرا - كما يظن الناس أحيانا أنه حدث عندما لا تعود سفينة من رحلتها - ولكنها ليست إلا ثعابين في البحر.
وأكبر هذه الثعابين يبلغ حوالى مترين ونصف متر طولا، ولكن معظمها لا يزيد على تسعين سنتيمتراً. ويوجد عدد كبير من ثعابين البحر في المحيط الهندي وجنوب الباسفيك، ويجد لصيادون غالبا في تلك المناطق هذه الثعابين في شباكهم. ويشبه بعض هذه الثعابين السمك كثيراً، غير أن ثعابين السمك لها جلد أملس لزج، في حين أن للثعابين جلداً ذا حراشف.
ويوجد نوع واحد من هذه الثعابين في الدنيا الحديدة وهو ثعبان البحر أصفر البطن ellowbellied Sea Snake الذي يعيش بمحاذاة الشاطئ الغربي بالمكسيك ووسط وجنوب أمريكا. في حين لا يوجد أي واحد منها في المحيط الأطلنطى.
نختلف ثعابين هذه الأسر عن الثعابين الأخرى في أن لها جميعا فتحات أنفية على قمة رؤسها، كما أن الذيل مشكل كمجداف. ومع ذلك فإنها ليست جميعها مما يتعمق داخل البحر بعيداً عن الشاطئ، فبعضها يأتي بالقرب من الشاطئ جدا حتى إنها تدخل بيوت المواطنين المبنية فوق الماء بتسلق أعمدتها ويعيش كثير منها في مصاب الأنهار، ويدخل بعضها حتى مائة وستين كيلومتراً داخل نهر كبير. ويعيش نوع واحد منها في بحيرة للمياه الملحة في جزر
سولومون. ومن الغريب أن نوعا آخر يوجد في بحيرة للمياه العذبة في الفليبين.
وليس الثعابين البحر خياشيم، ولهذا فهي لابد أن تصعد للسطح للتنفس، ولهذا يراها الناس وهم في البواخر غالبا في مجموعات من أعداد كثيرة أحيانا.، كما أن أضواء المركب تجذب هذه الثعابين في الليل.
وهذه المخلوقات ملونة بألوان زاهية، وكثير منها به خطوط لامعة تعطي الجسم منظر الحلقات.وقد تدفع الروابع ثعابين البحر إلى الشاطئ، وقد يوجد عدد منها غالبا في شواطئ الاستحمام المزدحمة.
إلا أنه لا توجد حالة معروفة لأي شخص قد عضه هذا الثعبان وهو يسبح في الماء. وكل ثعابين البحر سامة، وهي كأقاربها الكوبرا لها أنياب قصيرة جوفاء عنيفة في مقدمة الفك الأعلى. وليس سم ثعابين البحر كله متساوية في القوة.
ويمسك الصيادون ثعابين البحر بعدم عناية. وتمسك أنواع خاصة بالصنارة كأنها ثعابين سمك. وفي كثير من المناطق الشرقية تستعمل للغذاء.
وتمضي ثعابين البحر وقتا صعبا على الأرض. وتستطيع مجموعة واحدة منها أن تزحف بصعوبة بعيداً عن الشاطئ لتضع البيض. أما الثعابين الباقية التي تلد صغاراً فإنها تكون عاجزة على الأرض. وهي تصل فقط إلى الجزر المنخفضة أثناء المد العالي. وعندما ينحسر الماء تترك الثعابين جانحة على الأرض، وهناك تستطيع أن تلد صغارها.