کیف كانت تتم عملية توزيع البريد؟
بالشكل الذي يضمن أن تصل رسالة أودعتها صندوق البريد في نيويورك إلى عنوان منزل في لوس انجلس ببضعة أيام فقط؟
عندما تودع رسالتك صندوق البريد، وأنت على عجلة من أمرك قد تتوقف لثوان للاطلاع على لائحة مواعيد تجميع البريد، ولكن لن تذهبه أبعد من ذلك التأمل في العملية الضخمة التي تشمل فرز البريده وتوزيعه على مدار الساعة وبشكل غير منظور.
والذي يحصل أنه بعد لم البريد من صناديقه، يتم نقله إما إلى مركز فرعي البريد في المحلة، وإما مباشرة إلى مركز التوزيع، الذي تضم نيويورك وحدها منه حوالي الأربعة مراكز.
وهناك في المركز، يكون من نصيب الرسائل على أنواعها (مسجلة، تسليم خاص، إلى آخره،) عدة مصائر. ولكننا فيما يلي سوف نتناول عصير وسائل الأربعة الأولى من القياس الاعتيادي.
كبداية يوضع خليط الوسائل على حزام جهاز ميكانيكي لنقل الرزم البريدية، والذي بدوره بنقلها باتجاه الآلة الأولى، وهي عبارة عن غربال آلي يفصل الرزم البريدية الكبيرة عن الصغيرة منها، وبدورها تتجه الرسائل ذات الحجم الاعتيادي إلى آلة من نوع (مارك ـ 2) ( 2 ـ (Mark يشرف عليها موظف واحد على الأقل، وتكون مهمته قلب الرسائل على وجهها كي يسهل فرزها ثم شطب الطابع البريدي بخطوط متوازية حتى لا يعود صالحة للاستعمال ثانية، والذي تفعله هذه الآلة أنها تقوم بدفع الرسائل التي يكون الطابع البريدي ملصقاً عليها من الجهة اليمني العليا إلى الشطب ومن ثم إلى الحاويات الثقالة فيها تعمل بواسطة أنابيب دائرية متداخلة تلفة باب تمراره على قلبه الرسائل كي تأخذ موضعها الصحيح، ومن ثم تدفع بها إلى الناقلة.
وتعمل هذه الآلة عن طريق شحنات ضوئية ما فوق البنفسجية بداخلها إلى كشف مكان الطابع من خلال صبغة فوسفورية خاصة عليه، وبالتالي تبعد تلك الرسائل التي تتضمن طوابع بريدية مزورة أو التي ليس عليها أي طابع، وبإمكان هذه الآلة أن تستقبل حوالي 20 ألف رسالة بالساعة الواحدة.
أما في حال دخلت إلآلة رسالة مطوية أو رزمة بحجم أكبر من الرسالة العادية وعلقت داخلها، فإن من مهام الموظف المنوط بمراقبتها إزاحتها فوراً، وإلا تجمعت الرسائل الأخرى بداخلها في خلال ثوانِ معدودة، واصطدمت ببعضها كا يحصل عند اصطدام عدة سيارات مسرعة ببعضها على الطريق العام. وفي هذه الحاله يقوم الموظف يتولي فرز الرسالة المطوية أو الممزقة يدوية وبنفسه فيها تبقى من خطوات عملية الفرز.
وإذا ما جرت الأمور على هواها ومن دون عقبات، فإن مهمة موظفي البريد الثانية في نقل الرزم البريدية المشطوبة بعناية إلى آلة أخرى ضخمة إسمها آلة فرز الرسائل»، ويُشار إليها عادة برمز ال. أس. أم (LSM)، ويوجد لدى مركز مورغان لتوزيع البريد في مانهاتن، وهو من أكبر المراكز في العالم، مبيع سبع عشرة آلة من هذا النوع. وتحوي كل آلة منها اثنتي عشر مفرزة، وكل منها متصل بحائط كبير مؤلف من 277 صندوق مختلف، وتقوم رافعتان بوضع الرسائل في حاويات موضوعة إلى جانب كل عامل فرز.
ثم تتولى ذراع منامية إسقاط كل رسالة بدورها ووضعها أمام العامل الذي تكون مهمته کيس الأزراء التي تشير إلى رمز المنطقة المتوجهة إليها الرسالة وعلى آلة الفرز. وتستغرق هذه العملية ثانية واحدة بالرسالة. وفي هذه المدة القصيرة يتحتم على العامل ايجاد الرمز الذي غالباً ما يكون غير مقروء على الرسالة وكبس الأزرار الصحيحة، والاستعداد للرسالة التالية، وفي حال كان البريد محلياً، فإن العاملي لا ينظر إلا إلى الرقمين الأخيرين من الرمز، والذين يشكلان عنوان فرع البريد المحلي.
أما إذا كانت الرسالة متوجهة إلى كاليفورنيا مثلاً، فإن وظيفة العامل أن يطبع الأرقام الثلاثة الأولي أو حتى الأرقام الخمسة كلها، بحسب توزيع المناطق. وتشير عادة الأرقام الثلاثة الأولى إلى المنطقة، وهناك تسع مناطق مختلفة في الولايات المتحدة ومركز واحد للمناطق.
وفي حاله لم يكن رقم المنطقة مطبوعاً على الرسالة فإن ذلك يؤخر تلقائياً من عملية فرز الرسالة، والتي تخضع عند ذلك لعملية فرز يدوية. وتوجه الأرقام التي يطبعها العامل على الألة الرسالة باتجاه حزام آلي ينقلها بدوره إلى الصندوق المناسب هي وغيرها من الرسائل المتجهة إلى المنطقة نفسها. وهنا يقوم خمسة عمال يقفون بجوار الصناديق بتفريغ كل صندوق حال امتلائه داخل کیس قماشي كبير يتم إرساله إلى الجهة المرجوة.
وتسافر رسائلى الدرجة الأولي عادة بالجو، هذا إذا لم تكن هذه الرسائل متوجهة إلى عنوان محلي أو إلى ولاية قريبة مجاورة للمركز. ولذلك فهي تنقل إلى المطار، وتوافر في مطارات كنيدي، أو لاغارديا، أو نيوارك، الوسائل البريدية اللازمة لاستلام الرزم، ومن ثم تحميلها على أية خطوط طيران تجارية متوفرة. وهناك احتمال كبير أن تصل رسالتك المطار بعلو اثنتي عشرة ساعة فقط من زمن ارسالك لا.
وهذا يعود إلى استمرار مراكز البريد بالعمل ليلاً نهار، ومقدرتها على توزيع 17 مليون رسالة يومياً في ولاية نيويورك وحدها. ويتكثف عادة العمل في الليل وبالتالي فكلما أبكر بتسليم رسالتك كلها وصلته إلى وجهتها بسرعة أكبر، حيث أن حجم البريد يزداد بزيادة ساعات النهار). وبالنسبة للرسائل المحلية فهي لا تحتاج لأكثر من يوم واحد لوصولها؛ فيها تحتاج الرسائل المتوجهة إلى ولايات قريبة من نيويورث (مثل بنسلفانيا، ونیوجرسي، وكونيكتيكت، وماساتشوستس الي يومين بالأكثر، والرسائل المتوجهة من نيويورك إلى كاليفورنيا إلى ثلاثة أيام عموماً.
وفي مدينة لوس آنجلس تقوم منشأة البريد في المطار بإرسال طرود البريد إلى مركز التوزيع المناطقي المناسب، وهناك تدخل الرسائل مجدداً آلة فرز الرسائل التوجه من ثم إلى فروع مراكز البريد المعينة، وتتسلم مراكز البريد المحلية البريد ليلاً، فتقوم بفرزه يدوياً وبحسب الشارع والمنطقة، ثم تضعه في صندوق البريد الخاص بهذه المنطقة.
وفي الصباح الباكر يتسلم ساعي البريد رزمته، ويفرزها بدوره حسب عنوان البناية، ثم يقوم بجولته. والواقع أنه حالما بوضع الرمز البريدي ذو الأرقام التسعة، والتي وضعت مشروعه مصلحة البريد في شباط / فبراير 1981: موضع التنفيذ، عندها يصبح بإمكان آلة الفرز المزودة بالتكنولوجيا الحديثة أن تفرز البريد بدقة بحسب الشارع والمنزل. وتعتمد هذه التكنولوجيا الحديثة على النظام المتطور لقراءة الحرف أليا (AOCR)، والذي يتم استخدامه حالياً بدرجة محدودة.
وتعمل هذه الآلة، وبشكل تلقائي، على قلب الرسالة على وجهها الصحيح، وشطب الطابع، وفرز العنوان، بمعدل 40 ألف رسالة بالساعة، وتبقى المشكلة الوحيدة هي في أن هذه الآلة المتطورة لا تصلح الا للرسائل ذات القياس المعتاد، والمطبوع ألعنوان عليها بالآلة الكاتبة، وهذا قد يكون مناسباً للشركات التجارية التي تستخدم وسيلة البريد بكثرة، إلا أنه لا يناسب بالتأكيد المجموعة الضخمة من الرسائل المتعددة الأحجام التي تتجمع خلال فترتي أعياد الميلاد وسانت فالانتاین. والعام 1986 هو عام استبدال على الأقل نصف عدد آلات فرز الرسائل بقارئات الأحرف الآلية التي تكون مهمتها قراءة الرمز المناطقي، ومن ثم تمرير الرسالة إلى آلة أخرى تطبع الرمز بشكل مستطيل على ظرف الرسالة، الأمر الذي سوف يسهل عملية فرز البريد. من أول وحتى آخر لحظاتها.