لا تقع جميع الجزر البركانية في المحيط الهادي. فأيسلندة كما رأينا من قبل لها أصل بركاني، وسانت هيلانا، وهي الجزيرة التي نفي إليها نابليون، وجزيرة أسنشون لهما كذلك أصل بركاني. وتعد جزر آزور وكاناري وكاب فرد كلها جزراً بركانية. وتقع برمودا كذلك على قمة بركان. كما يوجد كثير من البراكين في جزر الهند الغربية.
يوجد على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي صف آخر من البراكين. وبركان فيزوف هو البركان الوحيد من النوع النشط الذي يوجد في أراضي القارة الأوربية، غير أنه يوجد الكثير من هذا النوع النشط من البراكين في البحر المتوسط وأكبرها جميعاً وأعلاها هو بركان أتنا بصقلية ويبلغ محيط قاعدته ۸۷ ميلا.
ويثور بركان إسترمبولي الذي يقع في جزيرة إلى الشمال منه مباشرة بصفة مستمرة ويلمع كل ليلة بالضوء الأحمر ويسميه القباطنة «منارة البحر المتوسط، لأنهم يقودون سفنهم على هداه. وتقع مدخنة أتون بركان فولكان قريباً منه.
: وفي شرق البحر المتوسط مجموعة أخرى من البراكين من بينها جبل أرارات. وتقع المجموعة الأخيرة من البراكين الهامة الأخرى في وسط أفريقيا. وهنالك يمكننا أن نلمس فعلا أن هذه المنطقة هي إحدى المناطق الضعيفة في القشرة الأرضية، فقد تشققت القشرة الأرضية حولها وتحرك سطح الأرض تارة إلى أعلى وتارة إلى أسفل. ونستطيع أن نرى هنالك بعض الأماكن التي انخفض فيها سطح الأرض إلى مسافة تصل إلى 6000 قدم أى ما يزيد على ميل.
وغالباً ما تكون هذه الشقوق مختلفة تحت سطح المحيط. أما هنا فإن الأخاديد التي تسببت عنها تظهر على السطح وتكون الأماكن الهابطة وديانا طويلة ضيقة. ويختلف هذا النوع من الوديان الأخدودية الموجودة في أفريقيا عن الوديان المعتادة التي تنحتها المياه الجارية. فالوديان الأخدودية يكون هبوطها في خط مستقيم وجدرانها قائمة.
وفي وسط أفريقيا تقطع الأخاديد مجموعة أخرى من الشقوق. وعلى ذلك فليس من العجيب أن نجد في هذا المكان مجموعة كبيرة من البراكين التي انتشرت فوق الشقوق المتقاطعة.
وفي تنجانيقا أدى تراكم الحمم إلى تكوين أعلى جبل في أفريقيا كلها، وهو جبل كليمانجارو، ويقع قريباً من خط الاستواء حيث تبلغ الحرارة أشدها. ومع ذلك فإن قمة البركان تبلغ من الارتفاع حدا يجعل الجليد لا ينصر أبداً من فوق قمته.
وحم بعض البراكين الأفريقية رقيقة القوام مائية، وهي لذلك تتحرك بسرعة كبيرة. وقد تدفق أحد هذه الطفوح حديثاً بسرعة كبيرة حتى كادر يطبق على عالم من العلماء الذي كان يقوم بدراسته. فقد وجد العالم نفسه مع اثنين من المواطنين الذين كانوا يساعدونه محصورين بين الغابة والحمم الزاحفة نحوه.
ولم يستطع الرجال أن يتحركوا بسرعة تكفي للابتعاد عن طريقها. ولولا أنهم وجدوا أنفسهم في أحد الطرق التي تشقها الفيلة في الغابة في نفس اللحظة التي كادت الحمم تدهمهم فيها لهلكوا جميعاً..
تلك هي المراكز الحديثة للبراكين. وقد ألقينا نظرة سريعة على المناطق الخطيرة من الأرض. ولعلنا نستطيع الآن أن نعرف لماذا حبت الطبيعة بفضلها الولايات المتحدة. فالبراكين كما رأينا لا تثور إلا في الأماكن الضعيفة من القشرة الأرضية.
وباستثناء الساحل الغربي من الولايات المتحدة فإنها تعد بعيدة عن هذه المناطق. وليس هنالك ما يدعو سكانها إلى الخوف من ثوران بركان | جديد خلف أظهرهم كما حدث في حقل القمح الذي كان يمتلكه دايونيزيو بوليدو. فدايونيزيو كما تذكر كان يعيش في منطقة بركانية.
وفي خلال ملايين السنوات القادمة لن تثور البراكين إلا في مثل هذه المناطق الضعيفة. ففي أوربا يجب ألا نتوقع حدوث البراكين الجديدة إلا بحذاء البحر المتوسط. وفي أفريقيا يجب ألا نتوقع حدوثها إلا في وسطها. وأما في أستراليا فلا يوجد أي احتمال القيام بركان.
ولكن حتى عندما نعيش بالقرب من أحد البراكين فلا داعي للقلق، لأن للبراكين نذراً. فإذا استجبنا لها وبدأنا الهجرة فوراً فإننا نكون في أمان. ونحن تعلم الآن أن البراكين الخطيرة هي تلك التي تبدو خامدة، كما بدأنا نعرف ما هي نذر البراكين. فنحن نعلم أن الزلازل والبراكين تجي معاً، فمن الحكمة عندما تهتز الأرض أن نتطلع إلى البركان لكي نرى ماذا به.
فإذا انبعثت منه سحابة بيضاء، فقد حان وقت الرحيل. كما اتضح لنا أنه من الأفضل أن يحتاط الإنسان قبل أن يفوت الأوان ولا ينفع الندم. فن الخير أن يرحل الإنسان ثم يتبين له بعد ذلك أن رحيله لم يكن ضروريا على أن ينتظر أكثر مما ينبغي. لأنه إذا انبعثت من مخروط البركان سحابة من الغازات ورماد أسود فات حينئذ وقت الفرار.