اكتشاف الكوارك - Quarks
متى تم اكتشاف الكوارك؟
- عام : 1962م
ما هو اكتشاف الكوارك؟
- الجسيمات الدون ذرية التي تؤلف البروتونات والنيوترونات.
من هو مكتشف الكوارك؟
- موري غيل مان Mann Murry Gell
لماذا يُعد اكتشاف الكوارك ضمن أعظم مائة اكتشاف في العالم؟
اكتشف العلماء ألياف النبات أولا، ثم الخلايا المنفردة. بعدها تصور العلماء وفهموا الذرات والجزيئات.
في مطلع القرن العشرين، اكتشف العلماء الإلكترونات ومن ثم وجود البروتونات والنيوترونات. في كل حالة من هذه الحالات، إعتقد العلماء أنهم أخيرا إكتشفوا الجسيم الأصغر في الإمكان للمادة. وفي كل مرة ثبت خطأ هذا الاعتقاد.
قاد اكتشاف الكوارك (الجسيمات الأساسية التي تؤلف البروتونات والنيوترونات) عام 1962م العلم إلى عالم كمي غريب وشاذ داخل البروتونات والنيوترونات، عالم من كتلة لا كتلة لها وحيث الكتلة والطاقة تتبادلان بشكل حر.
لقد خطا هذا الاكتشاف بالعلم خطوة جبارة نحو إجابة أحد أكثر الأسئلة الأساسية على الإطلاق: ما الذي تتكون منه المادة حقاً؟ عند كل مستوى جديد يزداد الجواب ويزداد العالم غرابة وعجباً.
كيف تم اكتشاف الكوارك؟
بعد انسدال الستار على القرن التاسع عشر، صفقت ماري كوري الباب المؤدي لعالم الذرة، فأثبتت بأنها ليست أصغر جسيم ممكن للمادة. لم تنقض فترة طويلة حتى اكتشف العلماء جسيمين دون ذريين آخرين: الإلكترونات والبروتونات. وفي عام 1932م اكتشف جيمس تشادويك النيوترون. مرة أخرى وقع العلماء في شرك الإعتقاد بأنهم كشفوا الغطاء عن الجسيمات الأصغر للمادة.
عندما تم إختراع مسرعات الجسيمات بمنتصف ثلاثينيات القرن المنصرم، تمَّكن العلماء من سحق النيوترونات إلى بروتونات، والبروتونات إلى نوى أثقل ليستطلعوا ما قد ينتج عن التصادمات النووية.
في خمسينيات القرن المذكور، ابتكر دونالد غلاسبير Donald Glaser «حجرة الفقاعة bubble chamber»، حيث تم تسريع الجسيمات الدون ذرية لسرعة تقارب سرعة الضوء وبالتالي قذفت داخل هذه الحجرة الواطئة الضغط المملوءة بغاز الهيدروجين. عندما اصطدمت هذه الجسيمات ببروتون (نواة الهيدروجين)، تفكك الأخير إلى مجموعة من جسيمات غريبة جديدة.
ترك كل جسيم من هذه الجسيمات أثراً ينمّ عن فقاعات متناهية في الصغر وهو يتسارع بعيداً عن موضع التصادم. لم يتمكن العلماء من رؤية الجسيمات بحد ذاتها، ولكنهم تمكنوا من رؤية آثار من الفقاعات ورائها.
كان العلماء في دهشة وحيرة من أمرهم حيال هذا التنوع والعدد من المسالك الصغيرة على خرائط حجرة الفقاعة (كل منها يشير إلى الوجود المؤقت لجسيم لم یکن معروفاً سابقاً). لم يقدروا حتى على حزر وتخمين ماهية هذه الجسيمات الدون ذرية الجديدة.
ولد موري غيل - مان Murry Gell - Mann في مانهاتن بأمريكا عام 1929م لقد كان طفلاً معجزة بحق، إذ كان قادراً على ضرب أعداد ضخمة في رأسه وهو لا يزال في الثالثة من عمره، وفي عمر السابعة فاز على من هم بسن الثانية عشر في مسابقات التهجي.
بعمر الثامنة، تلاءمت قدرته الذهنية مع قدرات معظم طلاب الجامعة. على أية حال، كان غيل - مان دائم الضجر عديم الراحة في المدرسة، وعانى من نوبات حادة من الإنقطاع عن الكتابة. كان نادراً ما يكمل تقاريره ورسوم مشاريعه، رغم سهولة إتمامها عليه.
مع هذا، شق غيل - مان طريقه بسهولة خلال دراسته الجامعية في بيل ومن ثم تنقل بين معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا وجامعة شيكاغو (حيث عمل تحت إمرة فيرمي) وبرينسيتون (حيث عمل بإشراف من أوبنهايمر).
عمر الرابعة والعشرين، قرر التركيز على فهم الجسيمات الغريبة التي ظهرت على خرائط حجرة الفقاعة. سمحت خرائط حجرة الفقاعة للعلماء أن يقدروا الحجم، الشحنة الكهربائية، إتجاه، وسرعة كل جسيم، ولكن دون التعرف على هويته الخاصة. بحلول عام 1958م، كان هنالك ما يقارب المائة اسماً متداولاً لتعريف ووصف هذه الغاية من الجسيمات الجديدة التي تم تقصيها.
أدرك غيل- مان بأنه قادر على إضفاء معني على هذه الجسيمات فيما لو طبق قلة من المفاهيم الأساسية للطبيعة. فقد افترض بأن الطبيعة بسيطة ومتناسقة، كما وافترض بأن هذه الجسيمات الأصغر من البروتون - وعلى غرار جميع المواد والقوى الأخرى في الطبيعة يجب أن تكون محافظة على ذاتها (فالكتلة والطاقة والشحنة الكهربائية تحفظ ولا تُفقد خلال جميع تفاعلات التصادم).
مستدلاً بهذه المفاهيم، بدأ غيل - مان بجمع وتبسيط التفاعلات التي حدثت عند إنفلاق البروتون، كما استحدث مقياساً جديداً أسماه strangeness أو «الغرابة» إستنبطه من فيزياء الكم. فكان مقياس الغرابة يقيس حالة الكم لكل جسيم. مرة أخرى، افترض بأن صفة الغرابة لا بد أن تحفظ في كل تفاعل.
وجد غيل - مان بأنه تمكن من بناء أنماط بسيطة من التفاعلات عند انفلاق الجسيمات أو اتحادها.
على أية حال، بدت بضعة من هذه الأنماط غير خاضعة لقوانين الحفظ. أدرك غيل - مان بعدها أن بإمكانه جعل جميع التفاعلات خاضعة لقوانين حفظ بسيطة لو لم تكن البروتونات والنيوترونات تراكيب صلدة، بل كانت مؤلفة بدلاً من ذلك من ثلاث جسيمات أصغر.
على مر عامين من العمل، أظهر غيل - مان وجوب تواجد هذه الجسيمات الأصغر داخل البروتونات والنيوترونات، وأطلق عليها works- kومن ثم
kworks على سبيل الإختصار. وأخيراً، بعد قراءته لسطر منشور من قبل جيمس جويس James Joyce ذكر فيه عبارة «three quarks» أو «ثلاثة قطع من الجبن النيئ»، غّير غيل - مان اسم جسيماته الجديدة إلى quarks أو «الكوارك»ª..
الهوامش المرجعية:
ª تسهيلاً لفهم الجسيمات الأساسية، نقول أن البارونات ( البروتونات والنيوترونات) تتألف من جسيمات أصغر تدعى الكوارك. الكوارك على أنواع ستة، هي: الأعلى up والأسفل down والساحر charm والغريب strange والعلوي top والسفلي bottom. (يتألف البروتون من ) کواركين من النوع الأعلى وواحد أسفل، بينما يتألف النيوترون من كواركين من النوع الأسفل وواحد أعلى. تترابط الكوارك بعضها بجسيمات تدعى الغلونات gluons، تضفي عليها خاصية اللون الشحنة اللونية أو النكهة)- إما حمراء أو خضراء أو زرقاء. لكل كوارك مضاده anti -quark الذي يحمل لون مضاداً، بينما تمتلك الغلونات اللون ومضاده معاً.
إن الكوارك تتبادل الغلونات فيما بينها فتغير ألواها باستمرار مع الحفاظ على تعادل لون أبيض) وبالتالي تترابط بقوة هي الأقوى في الكون، تدعى «القوة القوية»، تتغلب على الشحنة الكهرومغناطيسية المتماثلة لنوى الذرات وتحفظ للمادة كيافا ووجودها. بوجود هكذا قوة، يستحيل الحصول على كوارك منفصل، إذ يرافقه مضاده دوما. يدعي هذا المعقد (الكوراك - الكوراك المضاد) بالميزون meson.
ª تعبتر كلمة كوارك quark من جملة الكلمات المبهمة التي أكثر الروائي الأيرلندي الشهير جيمس جويس من استخدامها ضمن سياق التورية والإيحاء اللفظي الذي تعمده في حبك روايته (بعث آل فينيغان). يقول البعض أنها بمعنى (تعب) إشارة إلى صوت الغربان التي غنت المقطع المتضمن هذه الكلمة بالرواية، في محاولة الكاتب الاستهزاء من الملك مارك المذكور في أسطورة تريستان. يقول البعض الآخر أنها مشتقة من الألمانية بمعنى (خثارة اللبن).