الماء في الأدغال:
ماء الشرب الصالح هو أول الضروريات المعيشة في الأدغال، فبدونه يكون وجود الطعام قليل الأهمية. وحتى في الغابة الممطرة الاستوائية قد يكون الحصول على ماء صالح للشرب مشكلة.
فبعض جداول الماء والأنهار تحمل جراثيم يمكن أن تكون قاتلة للإنسان. ومجاري المياه الموجودة بالقرب من قرى الوطنيين حتى لو كانت صافية وذات مظهر عذب تكون دائماً خطيرة. ومثل هذا الماء يجب أن يغلي دائمًا قبل شربه.
ولحسن الحظ توجد في الأدغال أنواع متعددة من النباتات التي تعطي ماء وكروماً تنتج سائلا نقيا مأموناً. والنباتات المتسلقة الضخمة ذات القلف الخشن هي من أحسن مصادر الماء. وإليك الطريقة المثلى لتصفية مثل هذه الكروم:
استخراج الماء من النباتات:
عليك أن تصل إلى أعلى نقطة ممكنة من النبات ثم نقطعه بسكينك. وبعد ذلك تحدث قطعاً ثانياً على ارتفاع حوالي قدم من سطح الأرض.
وسيعطيك ذلك أنبوبة من الماء يبلغ طولها عدة سنتيمترات. وتذكر أن من المهم أن تحدث القطع عند القمة أولاً. فلو بدأت بالقطع عند القاعدة، لارتفع الماء إلى أعلى الكرمة وفقد معظمه، ويجب أن ينتج القطع في شجرة ليانا خشنة القلف أكثر من نصف لتر من الماء الصافي. وهذا الماء في درجة حرارة أقل من درجة حرارة الهواء عدة درجات.
نباتات البروميلياد الحافظة للماء:
توجد في جميع أنحاء الأدغال نباتات تعرف باسم البروميلياد (من فصيلة الأناناس). وهذه نباتات هوائية تلتصق بأشجار الأدغال وتنحني أوراقها إلى أعلى مكونة أكواباً طبيعية تتلقى ماء المطر وتحتفظ به، وتنمو أشجار البروميلياد في مناطق الأدغال الجافة، وكذا في المناطق الرطبة.
أما في المناطق الجافة حيث يكون ماء المطر شحيحاً فإنها تحتجز الندى، وتفرزه في قاع الأوراق حيث لا يمكن أن يتبخر.
نخلة المسافر:
ونخلة المسافر هي مصدر آخر لا ينفذ من الماء، فهذه الشجرة العجيبة تنشر أوراقها العريضة على هيئة مروحة مفتوحة، ويمكن للشخص أن يجد عند قاعدة كل ورقة ما يطفئ ظمأه بجرعة من الماء النقي. ومن الأشياء المفيدة أن نذكر أن الماء المستخرج من جميع النباتات تقريباً صالح للشرب.
واستخدام هذه المصادر يوفر وقتك ويحمي صحتك، ولكن يجب تجنب الكروم ذات العصارة البنية أو المرة.
نباتات الطعام في الأدغال:
وبعض نباتات الأدغال مصدر لطعام يكون الحصول عليه أسهل جدا من الطعام الحيواني. وقبل أن تذهب إلى الأدغال يجب أن تتعود أكثر ما يمكن من الأنواع الصالحة للأكل. وإذا لم تواتك الفرصة لذلك، فيجب عليك أن ترى وتلاحظ أي أنواع الفواكه والثمار تختارها الطيور والنسانيس. فثل هذا الطعام يكون في الغالب دائمًا مأموناً إذا أكله الإنسان.
وتوجد عدة أنواع من أشجار النخيل في جميع أنحاء المناطق الاستوائية والبعض منها يعتبر مصادر للغذاء. وأكثرها شيوعاً هو نخلة جوز الهند الرشيقة وقد سماها روبرت لويس ستيفنسون زرافة الخضراوات، وسكان الأدغال يفضلون ثمار جوز الهند الأخضر على الثمار الناشفة بنية اللون التي تباع في أسواقنا. وما يسمى البنا، بالمار الخضراء ليس لبني القوام قط. فهو صاف متلألي ومذهب للظمأ في الأيام الحارة. كما أن لحم الثمرة الخضراء لين مثل الحيلى،، ويسهل غرفه من داخل المرة، وهو مغذ جدا.
جوز الهند :
تحمل أشجار جوز الهند ثمرها طوال العام، وكل شجرة تحمل عادة ثماراً في جميع مراحل النمو. وهي تعطي أكثر الأطعمة المعدة للأكل وفرة، وتنتج الشجرة الجيدة ما يتراوح بين مائة إلى ثلاثمائة مرة في العام، وتظل الثمار الناضجة سليمة لعدة أشهر. وقد يظل الشخص حيّا وسليماً لوقت طويل إذا تغذى بار جوز الهند فقط.
والثمار التي تقع على الأرض وتبدأ في الإنبات يجب أن تقطع نصفين. وأحياناً يطلق على قاعدة البادرة اسم و سلاطة المليونير،. والحقيقة أن النابتة نفسها عبارة عن شجرة جوز هند صغيرة.
والمادة التي تشبه المادة الهشة والتي تملأ الفراغ الذي كان في فترة ما ممتلئة بسائل الثمرة له نكهة زكية. وإذا خبزت وحولها قشرتها بصبح لها مذاق القرع العسلى المدهون بالزبد.
وإذا قطعت ثمرة جوز هند نصفين ووضعها في الشمس لتجف، فإن الناتج يعرف باسم "كوبرا"، وهذا يكون عبارة عن مئونة من الطعام المركز الذي يبقى لوقت طويل دون أن يفسد، ويمكن عصر الزيت منها، وهو زيت يستعمل في شفاء الحروق المؤلمة، أو يستخدم لحفظ السكاكين والبنادق من الصدأ.
وتستعمل الكوبرا في غرض آخر بالأدغال. فقطع منها ترشق على عصا تُصبح مشاعل متقنة. فإن المادة الزيتية تحترق وتعطى لهيباً أصفر صافياً.
نخيل الراتان :
نخيل الراتان أيضاً مصدر للطعام سهل المنال، فقممه النامية صالحة للأكل. وبالإضافة إلى ذلك فإن من الممكن قطع أجزاء من الساق على أطوال قصيرة ووضعها للشي" على طبقة من الفحم. وحينا يتفحم الغطاء الخارجي الغليظ جيداً بصبح القلب الداخلي رقيقة وصالحة للأكل.
وتكثر في الأدغال سراخس من أشكال مختلفة، فمنها ما ينمو قصيرًا ويحتضن الأرض، ومنها ما ينمو حتى يصبح شجراً يبلغ ارتفاعه من 1 إلى ۱۲ متراً ۳۰۰ إلى 40 قدماً، وأغلبنا لا يعتقد مطلقاً أن السراخس تؤكل، ولكن أهالى الأدغال يأكلونها منذ قرون عدة، وحينما تغلى السراخس يصبح لها طع الخيار.
ثمرة الخبز :
ثمرة الخبز شجرة أخرى شائعة في المناطق الاستوائية. وللثمرة شكل قنبلة المدفع الكبيرة الخضراء. وأوراق الشجرة المصقولة في حجم أطباق الطعام وتستعمل غالبا في هذا الغرض. وعمار الخبز المغلية أو المخبوزة لها طعم مزيج من الخبز والبطاطس. وهي مشبعة بنسبة عالية من النشا.
أشجار الموز:
وأشجار الموز تثمر طوال العام. وتحمل الشجرة الواحدة سباطة واحدة من الموز. وإذا قطعت الشجرة لتحصل على الثمار فإن شجرة حديثة تنبت بسرعة من جذور الشجرة القديمة. والموز الأخضر المكتمل النمو يكون صالحا للأكل عند طهيه، وبعض الأنواع لا يمكن أكلها نيئة حتى ولو كانت بالغة النمو. وهذا هو موز الطهي. وهو يميز من الموز الحقيقي عن طريق العذق والشمروخ، الحامل للنار الذي ينمو إلى أعلى.
وإذا كنت حسن الحظ تماماً بحيث تعثر على منطقة خالية من الأشجار في الأدغال أو حديقة الوطنيين هجرها أهلها، فقد تجد أنواعا شي من الفواكه الجافة والليمون والقشطة والمانجو. ومن المؤكد تماماً أنك ستجد بطاطس برية حلوة، أو إغناماً بريا.
وكرمة اليام، البرية لها أوراق تشبه القلب. والدرنة عبارة عن جذر ممتلئ له جلد بني خشن ولحم أبيض ناعم، يجب أن يطهى. وإذا أردت أن تخبزها فعليك أن تقطعها أولا قطعاً صغيرة. ويمكن أكل الجذور نيئة.
وإذا رغبت في البحث عن غذاء من لحم الحيوان في الأدغال، فإن الأنهار وجاري المياه هي الأماكن الأصلح للصيد. وليس من الضروري أن تكون على دراية بالأنواع المختلفة المتعددة من الطيور والثدييات حيث إن جميعها صالح للأكل. وطرق الصيد تشبه طرق الصيد في بلادنا، فحاول أن تسلك طريقك دون أن تسمع لك حركة، أو ترى أو تصل راحتك إلى الحيوانات. ولتقم بالصيد في الصباح المبكر أو المساء المتأخر عندما تكون الحيوانات البرية في أوج نشاطها.
ويجب أن تراقب بدقة الطرق والممرات وعلامات الأكل. ولكن يجب في الأدغال أن تبقى حذراً أيضاً من الحفر، وهي المصائد والشباك التي يخفيها الصيادون الوطنيون بكل دهاء على طول خطوط سير الحيوانات.
وجميع النباتات والحيوانات يرتبط بعضها ببعض بشدة في الأدغال، وهناك نظام محدد يتحكم في توزيعها، فالحيوانات التي لا تتغذى بالنباتات تتغذى ببعضها.
وبالتالي فإن وجود نوع معين من الحيوانات معناه أن مصدر غذائه موجود أيضًا في مكان ما قريب وفي متناول اليد. وهذا المصدر قد يعني بالنسبة إليك الفرق بين أن تذهب لتنام شبعان أو جوعان.
مصادر الطعام الأخرى:
من المؤكد أن مجرى ماء به ثعابين مائية يكون ممتلئة بالأسماك والضفادع، وأبي ذنيبة وأبي جلمبو، وجميع مصادر الطعام المولد للطاقة، وكم كانت الثعابين نفسها غذاء لعدد من الإناس الجائعين. وقد تقودك طائفة من النحل إلى الشجر المخبأ فيها العسل، أو إلى برقات النحل التي يعتبرها السكان الوطنيون في جميع مناطق الأدغال من الأطعمة الشهية.
وستريك السناجيب الطائرة وببغاوات الماكو وطيور التوكان الطريق إلى مواردها من الفاكهة والنار والبذور والبراعم الصالحة للأكل.
وتعتبر "النسانيس" من الأهداف السهلة نسبيا للصياد ولحمها لذيذ، ومن النادر إمكان تمييزه من لحم العجول. ويمكن شي هذه الحيوانات أو خبزها، ولكن يجب نزع شعرها قبل طهيها.
والخنازير البرية شائعة ويمكن في الغالب إطلاق النار عليها في أماكن غذائها. كما يجب ألا ينسى الشخص الجائع أن العظاءات والسحالي، ومنها الإجوانا من المأكولات الجيدة.
ويجب في حالة الزواحف بالطبع أن ينتزع جلدها أولا. وعضلة الذيل الطويلة النحيلة هي أشهى قطعة عندما تشوى على الفحم. وأسهل الطرق لصيد الإجوانا هو صب ماء مغلي في جحرها في جذع الشجرة، أو وضع مصيدة من الحبال بالقرب من فتحة الحفر الأرضية.
وينام الثعلب الطائر (وهو في الحقيقة وطواط كبير) أثناء النهار متدلياً من غصون أشجار الفواكه. لذا فليس من الصعب اصطياده. ولحمه رقيق ولين، ولونه أبيض، ولكن له رائحة منفرة، يمكن التغلب عليها بلف اللحم في أوراق أشجار معينة مثل الباباز.
وفي فصول معينة من العام، تخرج السلاحف المائية إلى الشاطئ في جماعات كبيرة لتضع بيضها. والبيض دسم ممتلئ بالصفار. وبعض أجزاء جسم السلحفاة صالحة للأكل.
وعليك أن تقلب السلحفاة على ظهرها لتمنعها من أغرب، ثم تقطع الرقبة والدم الذي يمكن جمعه في قشرة ثمرة جوز الهند، طعام منذ بعد أن يسخن ثم يترك لكي يتجلط.
والتماسيح الصغيرة صالحة للأكل، على الرغم من أن القليلين – باستثناء سكان الغابة الوطنيين - يستطيعون اللحم الخشن لهذه المخلوقات البشعة. ويجب إطلاق النار على التماسيح عندما توجد في المياه الضحلة. لأنها تغطس مثل الأحجار إلى القاع حينها تجرح أو تقتل..
ورحالة الأدغال المتمرن يحرص على أن يحمل معه تشكيلة من شصوص صنانير، الصيد والخيط، وطرق صيد السمك التي نستعملها في بلادنا من الأرجح نجاحها في الأدغال.
ويرقات الخشب والحشرات التي قد توجد في أي كتلة خشبية جوفاء يمكن أن تسحق وتستعمل كطعم. ويصنع الوطنيون صنانير الصيد من الأشواك الكبيرة لنخيل الراتان، وفي فصول معينة، تكثر بعض أنواع السمك في المياه الشاطئية للمناطق الاستوائية وهي من النوع السام.
السبب في ذلك وجود مادة خامة معينة يغتذي منها السمك. ولكن جميع أنواع الأسماك التي تصطاد من أنهار الأدغال صالحة للأكل إذا طهيت جيداً. وإذا كان الطعام صعب المنال فعلاً، وعض الجوع الشخص بنابه فيمكنه دائما الاعتماد على يرقات الخنافس والنمل الأبيض. ولتعلم أن الهنود يأكلونها منذ عدة قرون.