صحراء أتاكاما في "شيلي" أمريكا الجنوبية:
تقع صحراء أتاكاما، الصحراء الوحيدة في أمريكا الجنوبية، على طول الشاطئ الشمالى بجمهورية شيلي. وتبين التقارير العلمية أن من المحتمل أن تكون تلك الصحراء أكثر أماكن العالم جفافاً. في أماكن معينة متوسط كمية الأمطار حوالي ۱۲ مليمتراً (نصف بوصة) في السنة، ولكن المعتاد ألا تسقط أمطار هناك مطلقاً لمدة سنوات متتالية.
كتب رجل مرة لأصدقائه الإنجليز من مدينة إيكيكه على حافة الصحراء : "إذا عزمت على زيارتي فلا تبال ألا تحضر مظلاتك . فلقد عشت هنا أربع عشرة سنة، وفي تلك المدة كلها لم تمطر مرة واحدة على الإطلاق" !!
وعلى حافة المحيط الهادي تقوم تلال صخرية وعرة بطول الشاطئ الشمالي لشيلى. ولا توجد هناك إلا أماكن قليلة لإقامة مدينة مضغوطة على الشاطئ عند قواعد التلال. وقلما ينزل في تلك المدن مطر ، بالرغم منأن الرطوبة من المحيط الهادي كثيراً ما تطوق تلك المدن بالضباب عدة أيام متتالية.
وفوق التلال توجد سفوح منحدرة أكثر لطفاً، وتستمر في الصعود مكونة سلسلة من الجبال الساحلية المعتدلة نسبيا. وتوجد هضبة ضحلة عريضة كالوادي بين قم تلك الجبال وقمم جبال الأنديز في داخل البلاد. وهذا الوادي ، وارتفاعه أكثر من كيلومتر ونصف الكيلومتر (ميل)فوق سطح البحر ، هو صحراء أتاكاما.
حجم صحراء أتاكاما طولاً وعرضاً:
والأتاكاما أقل من 100 كيلومترا في العرض، ولكن طولها يزيد عن ۱۱۲۰ كيلومترا (۷۰۰ ميل ) وهي تبدأ عند الطرف الشمالي من شيلي ، وتستمر جنوبا إلى مدينة يطلق عليها كو ياهو ، وهي عاصمة محافظة أتاكاما الشيلية . وشرق الصحراء ، وبين القمم البركانية لجبال الأنديزالمرتفعة المشققة ، توجد منطقة أخرى شبه صحراوية تسمى بُونا دي أتاكاما أي أرض أتاكاما الباردة.
والبونا أيضاً جافة جداً، ولكنها مفرطة البرودة عادة وفي معظم جهات أتاكاما ، الجو على درجة زائدة من الجفاف، مما لا يسمح بوجود أي نوع من الحياة . ويقول الناس الذين ارتادوها إنهم قطعوا أزيد من ستين ميلاً أحياناً عبر صخورها ورمالها البنية والصفراء، بدون أن يشاهدوا نصل عشب من الأعشاب .
الحياة في صحراء أتاكاما:
ويكاد لم يسكن أتاكاما أي هنديه من الأهلين قبل وصول البيض إلى الدنيا الجديدة . فإن الإنكا الأقوياء، الذين وسعوا إمبراطوريتهم جنوباً إلى ما يعرف الآن باسم بوليفيا شيلى بنوا طريقاً يخترق أتاكاما ليكون تحت تصرف جيوشهم الزاحفة. ولكنهم لم يحاولوا بناء مدن في الصحراء.
وتقع المدن الهندية الوحيدة هناك في واحات أتاكاما المحدودة العدد، ومعظمها على ارتفاع عال جدا، على جبال يكفي ارتفاعها لاقتناص سحابة ممطرة عارضة.
وتوجد واحات أخرى عند قواعد التلال، وهناك قد تتجمع المياه تحت الأرض. فإذا كانت المياه زائدة البعد عن سطح الأرض ولا تستطيع جذور النباتات أن تصل إليها ، فقد يجتر الهنود كل الطبقة السطحية من الأرض، فتستطيع جذور النباتات التي يزرعونها أن تصل إلى الرطوبة الضرورية للنمو.
ويزرع الهنود نباتات العلف لقطعان الضأن التي يربونها؛ ولحيوانات اللاما التي يستخدمونها لحمل الأثقال. ولا يستطيع اللاما أن ينتقل بالسرعة ذاتها التي ينتقل بها البغل، ولا يستطيع نقل الأحمال الثقيلة جداً، ولكنه حيوان قوي العزم. وصوفه قيم أيضاً. ويفتل الهنود منه أحبالا بستطيعون بيعها بثمن مرتفع.
ويفضل سائقو البغال هذه الحبال على غيرها لقيد حيواناتهم ليلاً؛ لأن صوف اللاما الناعم لا يهيج جلد البغل.
ويزرع هنود أتاكاما أشجاراً تسمى أشجار والتشانيار، وهي تحمل ثماراً تشبه أبا فروة الحيل. وصحن لب تلك الثمار الصلب، ويستخدم حساء، وفي صناعة الغذاء المفضل عند الهنود، وهو خبز التشانيار.
كنوز صحراء أتاكاما:
ولقد عثر على الحديد والفضة والنحاس جميعا في أتاكاما، واستخرجالإسبانيون تلك المعادن هناك منذ مئات السنوات. وأهم ما تنتجه الصحراء اليوم هو التترات (الأزوتات) المستخدم في صناعة الأسمدة والمفرقعات.
وعندما بدأ استخراج النترات في أتاكاما، حوالي سنة ۱۸۸۰، قامت عدة مُدن هناك. وأنشئت خطوط السكك الحديدية من كل بلدة إلى الشاطئ. وتتصل هذه البلاد كلها بعضها ببعض اليوم بسكة حديدية تقطع الصحراء الضيقة الطويلة كلها طولياً. ويجب أن تجلب الأطعمة والمياه وكل ما يلزم لرجال المناجم إلى مدن المناجم بالقطارات أو على ظهور البغال.
ويركب الرجال أحياناً في مدن المناجم القاحلة الحارة في عربات مسطحة ذات أشرعة تجري على قضبان السكة الحديدية، فتصطدم رياح الصحراء القوية بالشراع وتدفعه قدماً بسرعة كبيرة.
وأهم مدينة في منطقة أتاكاما، هي أنثوفاغستا، على الشاطئ وتعدادها حوالي 50000.