صحاري آسيا مقارنة بالصحراء الكبرى:
لا تُعادل كل صحراوات آسيا مجتمعة مساحة الصحراء الكبرى، ومع ذلك في آسيا مساحات صحراوية منفصلة أكثر مما في أية قارة أخرى.
وبعض صحراواتها الصغيرة في الصحراء الهندية أو صحراء (تُهار) وهي عبارة عن أرض فسيحة ذات تلال رملية في شمال غربي الهند؛ والصحراوان التوأمان داشتيلوت وداشتيكافير في هضبة إيران المركزية المرتفعة، والصحراوان التوأمان في أرض تركستان المنخفضة بالاتحاد السوفييتي وهما تسميان "كركوم وتريزوكوم". وكلمة د داشت، فارسية، وكلمة “كوم”، روسية، ومعنى كل منهما وصحراء، وتوجد صحراوات أكبر في شبه الجزيرة العربية.
الغوبي أكبر صحاري آسيا:
وكبرى الصحراوات الآسيوية جميعاً هي "الغوبي". ومعنى اسمها والصحراء العظيمة. وذلك هو السبب في أنها تسمي الغربي ولا تسمى صحراء غولي.
وهي تمتد مسافة تقرب من الألي الكيلومتر (۱۲۰۰ ميل) من الشرق إلى الغرب في قلب القارة. وهي تقع جزئيا في جمهورية منغوليا الشعبية المستقلة، وجزئيا في جزء من الصين يسمى منغوليا الداخلية. وجزء من الغولي يرتفع مستوى سطحه حوالي الكيلو مترين فوق منسوب سطح البحر، على هضبة شاسعة تنخفض فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر المنوي بكثير (دون الصفر الفرهنهيتي) في الشتاء. وتكتسحها جميعاً رياح ضارية تتجمع نتيجة لها كثبان رملية ضخمة هنا وهناك. وبعض هذه الكثبان يغطى الآن مدناً بأكملها ذات مدنية صحراوية قديمة.
وأطراف الغوبي الغربية، وهي المنطقة التي تعرف أحياناً باسم صحراء "تكلمكن"، فيها من الماء ما يكفي لدعم حياة النبات. فهناك، كما في بعض الأجزاء الوسطى أيضاً، تغطى أرض" الصحراء أنواع مبعثرة قوية من الأعشاب والشجيرات الشوكية وغيرها من الشجيرات.
والجزء الشرقي من الغوبي أكثر قفراً؛ فلا نجد الماء هناك إلا في بضع آبار وأماكن كثيرة المستنقعات. وكثير من ذلك الماء ملحي الطعام ومر. الدرجة أن الناس لا يشربونه إلا إذا يئسوا من إرواء العطش. جزء من الحدود الجنوبية للصحراء هو سور الصين العظيم.
هذا الحائط الحجري العجيب، الذي يبلغ طوله ۳۰۰۰ كيلومتر، أنشأه الصينيون منذ عشرين قرناً. ولقد حماهم مئات السنين ضد أعدائهم المغول في الشمال. وفي أوائل القرن الثالث عشر، انقضت على الصحراء جحافل المغوليين المُمتطين خيولا شرسة خشنة الشعر. وتقاطروا بقيادة المحارب الكبير جنكيز خان على الحائط.
ولم يعد الحائط الكبير اليوم مهما في الدفاع الحربي، ولكنه لا يزال أحد المباني اللافتة للأنظار في العالم. والطريق الذي يوجد فوق الحائط الذي يبلغ عرضه خمسة أمتار، لا يزال يستخدم في كثير من الأماكن.
المغول سكان الغوبي:
ولا يزال المغول الرجل الحازمون، الذين يعيشون في الغوبي وحولها، فرسانا مهرة اليوم كما كان أسلافهم الغزاة القدامى.
وخيوط أكبر ما يفخرون باقتنائه. وسباق الخيل رياضتهم المفضلة. ويعتبرون سرقة الخيول أسوأ الجرائم جميعاً. ولكنهم يقتنون الخراف أيضاً. وبعض القبائل تملك ثيراناً وإيلا أيضاً..
واليوم يبيع بعض هؤلاء الرعاة الصوف وجلود الأبقار للمصانع المنشأة في أولن بتر. والآن، عندما يزورون ذلك المركز القديم من مراكز القوافل برون محطة جديدة من محطات السكك الحديدية، وصناعات جديدة، وأضواء كهربية وعلامات أخرى من علامات الحياة الحديثة .
وإذا كلل بالنجاح البحث الحالي عن كميات كبيرة من النفط والمعادن في الصحراء الغوبي ، فقد يرى المغول أكثر من ذلك : قد يرون طرقا صناعية حديثة أدخلت إلى قلب الصحراء . و بالفعل تجد حكومة المغول تحثهم للاشتراك في البرامج الضخمة لتربية المواشي ، ولإرسال أبنائهم للمدارس، وللاستقرار في منازل دائمة .
ولكن الذين تركوا أساليب حياتهم القديمة من هؤلاء الرجل الأنظاظ ليسوا بالكثيرين. فهم يحبون الحرية التي يمنحها الخلاء الفسيح . ولا يزال معظمهم يتجول من مكان إلى مكان . كما كان يفعل أسلافهم ، في بحث مستمر عن مرعي لحيواناتهم .
وعند ما يجدون مرعى صالحا، سرعان ما يبنون مأوى دائريّا مريحا ،يطلقون عليه « أول" ، أو "بورت"،، بصنع من الجوخ أو الفراء، يمتد فوق إطار منسوج من الصوف. وتفرد الأبسطة على أرضه القذرة . ويزين المغول الأثرياء الجدران برباش مطرزة.
ومعظم المغول الرُحّل من البوذيين، وكثيراً ما تجد هناك تمثالا لبوذا عند مدخل الأول وبجواره عجلة الصلاة. (وعجلة الصلاة أسطوانة مثبتة على يد خشبية بطريقة تمكن الأسطوانة من الدوران، وعليها تحفر الصلاة أو تنقش : « أم ! ماني بادمي هنج" ،، ومعناها : (سلاما ! جوهرة في زهرة اللوتس) .
ويعتقد المغول البوذيون أن من المهم أن تنطق بتلك الصلاة أو تراها أكبر عدد ممكن من المرات. وذلك هو السبب في أنهم يحملون كثيراً و عجلات ، صلاة صغيرة في أيديهم ، يلفونها أثناء سيرهم. وذلك هو السبب في أنهم يديرون عجلات الصلاة الكبيرة كلما مروا بها عند باب البيت أو المعبد.
حياة المغول الرُحّل
ويلبس المغولى الرحّال معطفاً مدفئاً طويل الكمين له حزام عند الوسط، فوق قميص اوبنطلون، مبطن بالصوف بدخل طرفاه السفليان في الحذاء ذي الرقبة الطويلة. وكلما ازداد الحو برودة أضاف طبقات أخرى من الملابس تحت المعطف. وتستخدم أحذيته الواسعة الفوهة جيوباً لمقتنياته الشخصية الصغيرة كالملاعق والغلايين والتبغ، بل وقصعة للشرب. ولبس نساء المغول مثل لبس الرجال، فيما عدا أنهن لا يلبسن أحزمة.
والكلمة المغولية المقابلة لكلمة امرأة هي : "فرد بلا حزام"، وتعتقد قبائل المغول الأكثر بدائية بالاستحمام مرتين في حياة الفرد، إحداهما عند الميلاد والثانية قبل الزواج . وبسبب هذه الكراهية للاستحمام تجد أن لون جلدهم الأصفر بحمرة طبيعية يزداد دكنة كلما تقدموا في العمر.
والمشروب المفضل عند المغول هو الشاي الذي يستوردونه من الصين في قوالب من أوراق جافة مضغوطة ضغطاً محكماً. ويمزجون بالشاي ما يسمونه دغيى، وهو زبد مغلى وكثيراً ما يكون زنخا.
وفيما عدا الشاي، يعيش هؤلاء الرجل على الطعام الذي يحصلون عليه من حيواناتهم: من لبن وجبن ولحم ضأن . وهم لا يأكلون إلا إذا جاعوا ، وليست لهم مواعيد منتظمة ، ولكنهم يستطيعون أكل الكثير ، فقد يستهلك ثلاثة رجال أو أربعة خروفاً محمراً كاملاً.
ويترك المغول الرحل بيوتهم مفتوحة إذا خرجوا تاركين مئونة من الغذاء بجوار الباب من الداخل لمن يمر من الأغراب. فلقد علمتهم الأرض القاسية التي يعيشون فيها أن يكونوا أنفسهم قساة حازمين، وأن يكونوا كرماء لكل من يضطر أن يعاني رياح الغربي العاتية وصيفها الحار وشتاءها البارد.