اكتشاف نظرية الانفجار الكبير - The Big Bang

سنة الاكتشاف: 1948م

ما هو اكتشاف الإنفجار الكبير؟

  • تقول النظرية : بدأ هذا الكون بالانفجار العملاق لنقطة من المادة ذات كثافة لا متناهية وحجم يضاهي حجم الذرة

من هو مكتشف نظرية الإنفجار الكبير؟

  • جورج غاموف George Gamow

أهمية اكتشاف الإنفجار الكبير :

إن دراسة تاريخنا وأصولنا ضرورية لنفهم هويتنا، وتتضمن هذه الدراسة تاريخ البشر، الحياة على كوكبنا، کو کبنا بذاته، والكون بأسره. لكن كيف لأحد أن يدرس تاريخاً جاء وذهب خفية دون أن يراه أحد قبل بلايين السنين الماضية؟

يمثل عمل غاموف أول محاولة جادة لخلق وصف علمي معقول لبداية هذا الكون. كان غاموف من أطلق على تلك اللحظة من الولادة المتفجرة اسم «الانفجار الكبير»، الذي لا يزال قيد الاستعمال حتى يومنا هذا.

كما كان غاموف ذاته من استطاع أن يعيد خلق ظروف الكون قبل بلايين السنين بطريقة رياضية، ومن ثم وصف على ضوئها الكيفية التي قادت بها تلك الظروف البدائية إلى الكون الحالي الذي نقدر على رؤيته وقياسه، فكانت اکتشافاته فاتحة لدراسة علمية للماضي السحيق.

كيف جاء اكتشاف الإنفجار الكبير؟

في عام 1926م، اكتشف إيدوین هابل أن الكون يتمدد - أي يزداد كبرة. ولد هذا الاكتشاف تساؤلات لدى العلماء عما بدا عليه الكون في الماضي: هل كان يتمدد دائماً؟ كم كان صغيراً حينذاك؟ هل كانت هنالك لحظة ما بدأ فيها ؟ كيف بدا في ذلك الزمان؟

من هذا المنطلق، شرع البعض بتخمين متى وكيف بدأ الكون، ففي عام 1927م، افترض جورجي ليميتريه Georges Lemaitre أنه طبقة لاكتشاف هابل وفي نقطة بعيدة من الماضي، كان الكون بمجمله مضغوطاً في ذرة واحدة من المادة بكثافة لا متناهية، أسماها cosmic egg أو «البيضة الكونية». بحلول عام 1930م، كانت فئة قليلة من العلماء حاولت وصف هذه «البيضة الكونية» والكيفية التي إنفجرت بها لتولد هذا التمدد المستمر لكوننا.

ولد جورج غاموف George Gamow عام 1904م في أوديسا بأوكرانيا. و هو لا يزال طالب فلك شابة، عرفت عن غاموف نكاته ومقالبه وحفلاته الساهرة بقدر ما عُرف عنه علمه. مع ذلك، هاجر غاموف عام 1934م إلى أمريكا وإستطاع أن يؤمن لنفسه درجة الأستذة (البروفيسورية) في الفيزياء النظرية بجامعة جورج واشنطن في العاصمة الأمريكية. كان هناك عندما سمع غاموف لأول مرة عن مفهوم البيضة الكونية، والمشكلة التي عانتها هذه النظرية من حيث إفتقارها لأي مفهوم علمي أو بيانات أو دراسات رقمية يمكن أن تسندها أو تثبت جدواها.

قرر غاموف أن يستعمل المتاح من أدوات الفيزياء والرياضيات و نظرية الكم ليبرهن فيما لو كان الكون قد بدأ حقاً على هيئة ذرة واحدة بكثافة تتعدى القياس، تُدعي البيضة الكونية. فإستهل عمله هذا بمعادلات آینشتاين في النسبية العامة.

خلال الأربعينيات من القرن العشرين، أضاف غاموف على خلطته الفيزيائية والكيميائية والحسابية عملاً خاصاً به، سبق أن أجراه وأثبت من خلاله أن الفرن النووي للشمس وقوده نوى الهيدروجين التي تتحول إلى هيليوم. فإستعمل رياضيات هذا النموذج الأخير ليحدد ما أمكن أن يحدث لمختلف الذرات في كرة نارية بدائية، كما إستفاد من البحوث المقدمة عن تطوير القنبلة الذرية والبيانات الإختبارية التي تصف الإشعاع عالي الطاقة لمختلف النوى، وذلك بغية وصف ما حصل داخل نار بحرارة تكاد تكون لا متناهية.

شيئاًً فشيئاًً، وبناء على هذه المصادر، بدأ غاموف يبني نموذجاً لانفجار البيضة الكونية وللتفاعلات الكيميائية التي حصلت في الثواني التي تلته. فأطلق غاموف على هذا الإنفجار إسم «الإنفجار الكبير»، كما أظهر رياضياً كيف أن الكون عند تلك اللحظة كان مؤلف بالأساس من نيوترونات كثيفة التكدس. سمح له ذلك بإستعمال الدراسات المتوفرة عن الكيفية التي تتحد بها النيوترونات تحت درجات قصوى من الحرارة والضغط لتكون نوى أكبر، وتنفصل كذلك إلى بروتونات وإلكترونات لتشكل بذلك الهيدروجين والهيليوم.

كان غاموف قادراًً على إقتفاء هذا الإنفجار الكوني رياضياً من بدء حدوثه فتباع عبر الزمن. تضمن هذا الوصف صورة مفصلة لإنفجار كرة النار ثانية بثانية وأُظهر- حسب قوانين فيزيائية وكيميائية معروفة- كيف نتج عن ذلك الإنفجار تركيب وتوزيع المادة التي تؤلف كوننا الحالي.

كما بين غاموف أن الإنفجار الكبير لا بد أولد دفعة هائلة من الطاقة انتشرت وتجمدت مع تمدد الكون، ولكنها ستبقی «هناك» بحيث يمكن تقصيها على هيئة «شفق» خافت أو صدى لذلك الإنفجار العظيم، ويمكن الإهتداء إليه كحزمة من الضوضاء عند درجة 5 كلفن.

عثر أخيراًً على هذا الإشعاع الخلفي الكوي بأواخر التسعينات من القرن المنصرم من خلال إستخدام تقنيات الفلك الراديوي المتقدمة، مما أثبت صحة نظرية الإنفجار الكبير الغاموف. مُستعم الفيزياء والكيمياء والرياضيات، إكتشف غاموف ولادة الكون قبل 15 بليون سنة خلت.

حقائق طريفة: كان غاموف شخصاً مهيب الطلعة بطول ستة أقدام ووزن يفوق 100 كغم، ولكنه كان كعفريت صغير في مقالبه ومطباته. فقد وصفه صحفي من الاتحاد الدولي للصحافة ذات مرة بأنه «العالم الوحيد من أمريكا  الذي يمتلك روح فكاهة حقيقية»..